تشهد ليبيا تحسنا في حلها لعمليات التوقفات والإغلاقات في قطاعها النفطي، ما يؤكد التوقعات المتنامية بأن الدولة العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) تقترب من العودة من جديد كعضو مستقر ومنتج للنفط الخام.
يعود ذلك إلى فترة حوادث الإغلاقات ، ففي حين استطاع المحتجون في السنوات الماضية إغلاق الحقول لشهور وسنوات، إلا أن الأن يتم حل مشاكل الإغلاقات خلال أيام ونادرا ما تؤدي إلى إعاقة تدفق الإنتاج. فحقل الشرارة النفطي، وهو أكبر حقول النفط في ليبيا، شهد عدة توقفات قصيرة هذا العام، كان اثنان منها خلال هذا الشهر، بعدما كان قد أُغلق لأكثر من عامين. غير أن مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط المملوكة للدولة، قام على الفور بزيارة حقل الشرارة هذا الاسبوع لحل أخر نزاع، عرض خلال زيارته مراجعة الاجراءات الأمنية.
“التغير الجوهري الذي يسمح بعودة عمليات الإنتاج بسرعة بعد التوقف هو رغبة صنع الله واستعداده ليكون في مسرح الأحداث وزيارة المواقع النفطية وتأكيد التزامها للمجتمعات المحلية”، يقول جيوفبورتر، مؤسس شركة نورث افريكا ريسك كونسلتنغ للاستشارات والتي تتخذ من نيويورك مقرا لها، في رسالة بريد الكتروني الاربعاء. ويضيف بورتر “هناك نوع من الثقة كان مفقودا لزمن طويل”.
تستعيد ليبيا الآن انتاجها وصادراتها النفطية على الرغم من استمرار عدم اليقين حول الوضع السياسي. ففي شهر يوليو ارتفع انتاج النفط الخام إلى أعلى مستوى له منذ أربع سنوات ووصلت الصادرات إلى أعلى مستوى منذ ثلاث سنوات، وفقا لبيانات جمعتها مجلة بلومبيرغ. وفي حين ساعدت هذه الزيادة اقتصاد ليبيا المعتمد كليا على النفط ، تحاول منظمة الدول المصدرة للنفط خفض الإمدادات العالمية من النفط الخام. إلا أن هذا المسعى يقوضه استعادة الانتاج في عضوي الاوبك ليبيا ونيجيريا.
استعادة مثيرة للإعجاب
“تم استعادة الانتاج في ليبيا بشكل مثير للإعجاب ويعود ذلك في جزء منه إلى أن الإغلاقات الأخيرة كانت لمدة قصيرة ولكني ما زلت أعتقد أنه من الخطأ وصف القطاع النفطي بأنه مستقر” يقول ريتشارد مانيلسون، المحلل الجيوسياسي في انيرجي اسبكتسلميتد في لندن، في رسالة بريد الكتروني الاربعاء “كان هناك ومازال الكثير من التوتر مع الحكومة في طرابلس حيث لاقت طلبات صنع الله بتسييل المزيد من الأموال من أجل أعمال الصيانة ولمواجهة المسائل المحلية تجاهلا كبيرا”.
كانت البلاد تضخ 1.6 مليون برميل من النفط الخام يوميا قبل أن تطلق ثورة 2011 سنوات من الاقتتال بين مليشيات وحكومات متصارعة. العاملون في ميناء الزويتية لتصدير النفط قالوا الاسبوع الماضي أنهم لن يقوموا بشحن الناقلات إلى ان يتم الاستجابة لمطالبهم، وتشمل تلك المطالب الحصول على مرتبات 20 شهر سابقة، حسبما قال رئيس اتحاد العمال مهري ابريدان يوم السبت. وقال أنه تم إعادة فتح الميناء هذا الاسبوع عندما أخبر العمال بأنه سوف يتم تلبية مطالبهم.
في ظل فترة رئاسة صنع الله للمؤسسة التي بدأت في شهر مايو 2014، وقعت ليبيا على عقود مع شركات عالمية وأنهت حصارا على الموانئ النفطية وأعادت تصدير النفط الخام وفتح الحقول النفطية بما في ذلك حقل الشرارة في شهر ديسمبر الماضي عقب سنتين من الإغلاق. كان إنتاج ليبيا من النفط الخام يبلغ 250,000 برميل يوميا عندما تولى صنع الله رئاسة المؤسسة الوطنية للنفط. وفي شهر يوليو وصل الإنتاج إلى 1.02 مليون برميل يوميا حسب معلومات جمعتها مجلة بلومبيرغ.
وسيبلغ إنتاج ليبيا من النفط الخام 1.2 مليون برميل يوميا بحلول نهاية هذا العام “إذا ما سار كل شيء على ما يرام” يقول ديرك برور، المدير الإداري لشركة بتروليوم بولسي انتليجنس، وهي شركة استشارات مقرها المملكة المتحدة، في بريد الكتروني بتاريخ 10 أغسطس. ومع ذلك، احتمال حدوث التوقفات “احتمال كبير” والاستقرار الحقيقي يمكن أن يعود فقط ” إذا أعتقد السكان المحليون أنهم يحصلون على حصة من زيادة الانتاج وارتفاع الدخل.”
في شهر يوليو الماضي شرع قادة متنافسون في محاولة جديدة لتوحيد بلدهم، بالاتفاق على عقد انتخابات. ” لكن من المفارقات، أننا كلما اقتربنا من الوصول إلى حل سياسي، كلما زاد عدم الاستقرار في الإنتاج.” يقول بورتر من شركة نورث افريكاكونسلتنغ. “الحلول السياسية تخلق خاسرين في ليبيا، والخاسرون سيحملون السلاح.”