Skip to main content
تقرير دولي: انتعاش النفط يدفع اقتصاد ليبيا… والإنفاق الجاري وغياب الميزانية يهددان الاستدامة
|

تقرير دولي: انتعاش النفط يدفع اقتصاد ليبيا… والإنفاق الجاري وغياب الميزانية يهددان الاستدامة

كشف تقرير للبنك الدولي عن التطورات الاقتصادية الأخيرة لليبيا حيث تُبرز النتائج الرئيسية للأداء الاقتصادي تعافيًا قويًا لكنه هشًّا، إلى جانب استمرار اختلالات مؤسسية

انتعاش اقتصادي:

شهد الاقتصاد الليبي انتعاشًا قويًا في الناتج المحلي الإجمالي، مدفوعًا أساسًا بتعافي وتوسّع قطاع النفط. فقد ارتفع إنتاج النفط خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025 ليبلغ في المتوسط 1.3 مليون برميل يوميًا، بزيادة قدرها 17% على أساس سنوي. كما حافظت القطاعات غير النفطية على متانتها بدعم من الاستهلاكين العام والخاص.

تحسّن مالي (مع انحراف هيكل الإنفاق):

اتّسع الفائض المالي لحكومة الوحدة الوطنية ليصل إلى 3.6% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025. ويُعزى هذا التحسّن إلى زيادة إنتاج النفط وخفض قيمة الدينار الليبي في أبريل 2024، ما عزّز إيرادات المحروقات بنسبة 33%. غير أن الإنفاق العام واصل الارتفاع، مدفوعًا بزيادة بند الأجور والدعم، في حين تراجع الإنفاق الرأسمالي بشكل حاد، بما يعني انحراف الإنفاق نحو النفقات الجارية.

التجزؤ المؤسسي وغياب الميزانية الموحدة:

لا يزال المشهد السياسي متعثرًا بفعل التنافسات الراسخة بين حكومة الوحدة الوطنية وحكومة الاستقرار الوطني المتمركزة شرق البلاد. ويُعد الفشل في إقرار ميزانية وطنية موحدة لعام 2025 مؤشرًا على استمرار الانقسامات السياسية، ما يقوّض إدارة المالية العامة على المستوى الكلي، ويحدّ من الشفافية، ويُضعف الانضباط المالي.

مخاوف نقدية:

رغم كبح نمو عرض النقد (M2)، واصل النقد المتداول خارج الجهاز المصرفي الارتفاع بنسبة 8.9%، بما يعكس استمرار ضعف ثقة الجمهور في النظام المصرفي. كما اتّسعت الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والموازي بشكل ملحوظ خلال الأرباع الثلاثة الأولى من 2025.

  1. التوقعات والمخاطر

تبدو الآفاق الاقتصادية إيجابية، لكنها تعتمد بدرجة كبيرة على الاستقرار السياسي وأسواق الطاقة العالمية:

نمو قوي متوقّع:

من المنتظر أن يسجّل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نموًا قويًا يبلغ 13.3% في 2025، مدفوعًا أساسًا بتوسّع أنشطة قطاع النفط. ومن المتوقع أن يتباطأ النمو في عامي 2026 و2027 مع استقرار إنتاج النفط.

الوضعان المالي والخارجي:

يُتوقّع تحسّن الوضع المالي، مع وصول الفائض المالي إلى 3.8% من الناتج المحلي الإجمالي في 2025. كما يُرجّح تضييق عجز الحساب الجاري، مع احتمال العودة إلى فائض قدره 3% بحلول 2027.

المخاطر الرئيسية:

تواجه التوقعات مخاطر سلبية كبيرة ناجمة عن استمرار التجزؤ السياسي والانقسامات المؤسسية وغياب الميزانية الوطنية الموحدة. وعلى الصعيد الخارجي، تشمل المخاطر تباطؤًا عالميًا أشدّ من المتوقع أو مزيدًا من تراجع أسعار النفط. ويظل التحدي طويل الأجل الأبرز هو تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على المحروقات.

  1. تركيز خاص على إدارة المالية العامة (PFM)

يستعرض هذا القسم التحديات والمسارات المقترحة لإصلاح إدارة المالية العامة:

مواطن الضعف: إن الجمع بين التجزؤ المؤسسي، وهياكل الميزانيات الموازية، والاعتماد الكبير على إيرادات النفط، يعرقل الإدارة السليمة للمالية العامة ويجعل التخطيط المالي عرضة للصدمات الخارجية. ويكشف تطبيق إطار الإنفاق العام والمساءلة المالية (PEFA) عن نواقص في نظام إدارة المالية العامة في ليبيا، لا سيما في إعداد الميزانية وتنفيذها وإعداد التقارير، مقارنة بدول أخرى هشة ومتأثرة بالنزاعات.

أولويات الإصلاح الأساسية: تركز أجندة الإصلاح في ليبيا، المُعدّة بالتعاون مع البنك الدولي، على ثلاث مجالات محورية:

إنشاء حساب الخزانة الموحد (TSA) لتجميع وإدارة الموارد النقدية الحكومية.

تطبيق وظيفة محسّنة لإدارة النقد.

مراجعة تصنيف الميزانية – دليل الحسابات (BC–CoA) المعمول به حاليًا.

شرط النجاح: يعتمد التنفيذ الناجح لهذه الإصلاحات اعتمادًا حاسمًا على التوافق السياسي والتعاون المؤسسي بين الجهات الرئيسية، ولا سيما وزارة المالية، ومصرف ليبيا المركزي، والقطاع المصرفي الأوسع.

يخلص البنك الدولي إلى أن التقييم الجاري ضمن إطار PEFA يمثّل فرصة محورية لحكومة الوحدة الوطنية لمراجعة أجندة الإصلاح وصقلها، والانتقال من التصميم الفني إلى تأمين الدعم السياسي والمؤسسي اللازم لبناء نظام إدارة مالية عامة أكثر شفافية ومتانة.

مشاركة الخبر