Skip to main content
تقرير ديوان المحاسبة صيحة فزع عنوانها الفساد والسرقة فهل من مستيقظ ؟
|

تقرير ديوان المحاسبة صيحة فزع عنوانها الفساد والسرقة فهل من مستيقظ ؟

ضجة كيرة أحدثها تقرير ديوان المحاسبة نظراً لأوجه الفساد التي كشفها، فالمبالغة في الانفاق دون أي مردود يذكر، والاستمرار في دفع المبالغ الطائلة من المرتبات للعاملين في القطاعات المختلفة دون أي تغيير يذكر أو أي ملامح للتطوير تلمس.

تقرير ديوان المحاسبة وصف بصيحة الفزع التي تطلق كل سنة منذرةً بأن الفساد قد انتشر واستفحل، ولكن تقرير هذه السنة تجاوز الحد المعهود، وأفزع العديد من الخبراء الاقتصاديين وأربك المواطنين، فتقرير عام 2017 لم يترك أي شيء لم يشر إليه، في إشارة منه إلى أن الفساد قد انتشر في كل مكان، فالتقرير يحمل العديد من الجوانب المفزعة التي تحتاج إلى قراءة متأنية جدا.

وضع الدولة المالي:

بدأ ديوان المحاسبة تقريره بأن الوضع المالي للدولة شهد تحسناً ملحوظاً في عام 2017، فإيرادات الدولة وصلت إلى ما كانت عليه في عام 2014، أي 22 مليار دينار، ما يثبت أن مصرف ليبيا المركزي عجز عن توظيف هذا التحسن في الوضع الاقتصادي لصالح المواطن البسيط، رغم أن إيرادات النفط بالنقد الأجنبي كادت أن تصل إلى 14 مليار دولار، ما يطرح تساؤلاً مهماً وخطيرا ألا وهو كيف تكون إيرادات النفط 14 مليار دولار، و99% من شعب ليبيا أمام المصارف ليحصلوا في النهاية على 500 دينار ما يقل عن احتياجاتهم الشهرية.

وللأسف العجز في الميزانية أصبح عادة وتقليداً حيث أن إنفاق الدولة في عام 2017 فاق إيراداتها بعشرة مليار دينار ليصل الدين العام للدولة إلى 58 مليار دينار الرقم الذي لا يستحق إلا أن نطلق عليه وصف المفزع.

وفي حين قدرت إيرادات النفط بالنقد الأجنبي بنحو 14 مليار دولار كشف ديوان المحاسبة أن استخدامات النقد الأجنبي من قبل مصرف ليبيا المركزي لم تتعدى 9 مليار، ما يطرح تساؤلاً لماذا لم نلتمس أي تغيير أو تطوير؟ لتتجه أصابع الاتهام نحو المصرف المركزي.

 

الترتيبات المالية لعام 2017:

أحدث بند الترتيبات المالية للعام الماضي ضجة كبيرة على الصعيد المحلي، حيث قدرت ميزانية الترتيبات المالية بنحو 37 مليار و569 ألف دينار ليبي، كان للمرتبات فيها نصيب الأسد حيث خصصت لها 21.5 مليار دينار من أصل 37، لتأتي ميزانية الدعم في المرتبة الثانية حيث خصصت لها 6.3 مليار دينار، أما الميزانية التي خصصت للمشروعات والتنمية فقدرت بنحو 4 مليار دينار، رغم أننا لم نلتمس أي تنمية على السطح ولم نرى أي تغير، ليخصص الباقي الى ما اسموه بالمصروفات العمومية.

العديد من الملاحظات وضعت حول الترتيبات المالية لعام 2017، حيث كتب ديوان المحاسبة في تقريره أن الغرض المناط من الترتيبات المالية هو ضبط عملية التصرف بالمال العام والحد من العشوائية ولكن ترتيبات عام 20177 لم تكن بها أي معالم واضحة لعدم وجود منهجية وخطط حيث اتسمت أعمال المجلس الرئاسي وأغلب الوزرات التابع له بالارتجالية ومواجهة الظروف وفق سياسة الأمر الواقع.

وقد كانت هناك العديد من المخالفات القانونية في عملية وضع الترتيبات المالية لعام 2017 حيث تم تعديل القرار رقم 5 بشأن الترتيبات المالية، عند قرب انتهاء سنة 2017 بالمخالفة مع نص الاتفاق السياسي الذي نص على ضرورة التشاور وكذلك بالمخالفة للتشريعات والمعايير والأعراف المالية.

وقد وجه ديوان المحاسبة خطاباً إلى المجلس الرئاسي بشأن مخالفته هذه و طلب منه سحب القرار لأن السنة قاربت على الانتهاء و ليس من المنطقي أن يعدل قرار الترتيبات المالية عند انتهاء السنة المالية.

 

المرتبات وما في حكمها:

بلغت نسبة المرتبات المحالة للجهات المختلفة 20.2 مليار دينار، بينما خصص ها في بند الترتيبات المالية 21.5 مليار دينار ولكن التنفيذ لم يخلو من الانحرافات، حيث أن هنالك العديد من الجهات التي رصدت لها مخصصات وفق الترتيبات المالية ولكن لم تسدد مرتباتها، منها حامعة عمر المختار ومركز البحوث الاقتصادية وجهاز استثمار النهر الصناعي وهيئة سوق المالي وغيرها، والتي شكلت مجتمعة مبلغاً وقدره 82.8 مليون دينار ليبي.

ولم تكن هذه هي المخالفة الوحيدة حيث تم تجاوز المخصصات من خلال تمويل بعض الجهات بما يفوق المخصص لها بالمخالفة لقانون النظام المالي للدولة ومن ضمنها وزارة الحكم المحلي التي خصص لها 4 مليون دينار ولكن المسيل فعاليا كان 13 مليون دينار ما يفوق الضعف تلاته مرات ، وصندوق الضمان الاجتماعي الذي خصص له 74 مليون دينار ليكون المسيل فعلا 235 مليون دينار ما يفوق المخصص بما يفوق الأربعة أضعاف ، وينطبق هذا التجاوز على العديد من الجهات منها الهيئة العامة للمياه ، والهيئة الليبية للبحث و علوم التكنولوجيا وغيرها .

 

المصروفات العمومية والتشغيلية:

قدرت مخصصات هذا الباب بنحو 5.6 مليار دينار وبلغ المسيل نحو 4.8 مليار، وسجلت العديد من الملاحظات حول أوجه تقسيم هذه المصروفات وتوزيعها حيث حولت مبالغ لبعض الجهات مع عدم وجود تفويضات لها بالمخالفة لقانون النظام المالي، ومن ضمنها مجالس التخطيط بالمناطق، جامعة بنغازي، جامعة عمر لمختار حهاز استثمار النهر الصناعي، مركز المتفوقين في بنغازي وغيرها.

 

المتفرقات:

بلغ المخصص للمتفرقات في الترتيبات المالية لعام 2017 ، 85 مليون دينار ولكن وزارة المالية سيلت مبلغاً وقدره 660 مليون دينار ، وقد أثار هذا البند ضجة كبيرة لوجود العديد من الملاحظات التي سجلت حوله ، أبرزها تخصيص مبالغ لجهات خصصت لها مبالغ سابقاً في الترتيبات المالية ما يخالف القانون ، حيث ذكر ديوان المحاسبة في تقريره أنه تم تخصيص مبالغ مالية لا تعتبر في حكم العاجلة و الطارئة ولجهات لديها مخصصات غير مسيلة ، ومنها السفارة الليبية في تركيا والجهاز التنفيذي للطيران الخاص وديوان وزارة المالية ، ومعظمها صرفت لغرض الصيانة و التجهيز و الأثاث و المطبوعات و القرطاسية و السفر و المبيت ، رغم المبلغ المخصص لها .

حيث أن الحكومة عزفت عن تسييل المبالغ لبعض الجهات التي من المفترض أن تسيل لها هذه المبالغ في بند المتفرقات، ولكنها استبدلتها بمبالغ حولت لجهات أخرى غير مذكورة، حيث لم تقم الحكومة بتسييل المخصص لجهاز المباحث العامة ولا وزارة الشؤون الاجتماعية ولا وزارة الدفاع، في حين قامت بتخصيص مبلغ 40 مليون دينار للأندية الرياضية صرفت لها كاملة من بند المتفرقات مع أنها مؤسسات أهلية فقط ولا توجد برامج بخصوص دعم الأندية.

كما سحب من بند المتفرقات مبلغٌ وقدره 2.5 مليون دينار لصالح الهيئة العامة للشباب والرياضة رغم أن لها مخصصاتها.

 

المشروعات والتنمية:

كما ذكرنا سابقا بلغ المخصص للمشروعات والتنمية 4 مليار دينار سيل منه 1.9 مليار دينار، وقد وضعت بعض الملاحظات حوله أبرزها عدم اعداد كشوفات بكافة المشاريع وعدم كشف المشاريع التي حصلت على الموافقة من وزارة التخطيط، حيث يمكن وصف المصروفات في هذا البند بالغير الواضحة والمتكتم عليها، حيث لم تقم وزارة التخطيط بإعداد تقرير سنوي.

 

النقد الأجنبي:

في ظل استنزاف احتياطات الدولة من النقد الأجنبي دون تحقيق أي أثر ملموس لجأت الدولة إلى إقرار موازنة للنقد الأجنبي كإجراء استثنائي، حيث تقرر إعطاء الاذن بإنفاق مبلغ وقدره 17.9 مليار دولار أمريكي، خصص جزء منها للموازنة السلعية بقيمة 6.7 مليار دولار، ولكن ما تم إنفاقه من النقد الأجنبي خلال عام 2017 لم يتجاوز 8.9 مليار دولار بالمخافة مع قرار المجلس الرئاسي، حيث لم يتجاوز حجم الانفاق الى المسيل 49 %.

وقد كشف تقرير ديوان المحاسبة غياب وزارة المالية عن إدارة المخصصات حيث اتسم الصرف بالعشوائية وعدم تحديد الأولويات وتجاوز المخصصات وغياب السجلات والبيانات التفصيلية لأوجه الصرف الفعلي للنقد الأجنبي .

وقد أثبت التقرير وجود تجاوز في التحويلات لغرض القضايا الخارجية بقيمة 10.4 مليون دينار وكذلك وجود تجاوز في تحويلات المؤسسة الوطنية للنفط بقيمة 129.6 مليون دينار ، وقد حرم تنفيذ موازنة النقد الأجنبي الدولة من الاستفادة منه في تخفيض سعر الصرف .

وكشف التقرير أيضا عن اجمالي أرصدة المصرف المركزي بالنقد الأجنبي و التي قدرت بحوالي 48.5 مليار .

 

سياسة التوظيف و المرتبات :

كشف تقرير ديوان المحاسبة العديد من التجاوزات المتعلقة بالمرتبات و التوظيف ، حيث وجدت العديد من الوظائف الوهمية فقامت جهات عديدة في الدولة بإحالة أرقام وطنية لأشخاص لا يتبعونها ، فضلا عن تقديم معلومات مضللة ، وصرف مرتبات بدون رقم وطني و لا أسماء تدرج ، وصرف مرتبات بقيم أعلى مما صرحت به وزارة المالية .

ومن خلال مراجعة ديوان المحاسبة لعينة من المرتبات المصروفة للعاملين بالدولة حسب ما هو صادر من وزارة المالية في 260 جهة ، وقد لأثبتت هذه  المراجعة لعدد 244 ألف موظف أن 209 ألف موظف هم فقط من يستحقون هذه المرتبات فعلا ، وأن هناك زيادة غير قانونية في عدد موظفي تلك الجهات تتثمل في أسماء وهمية و ازدواجية بنسبة 14 % ، وقد صرفت لهم مرتبات بقيمة 51،7 مليون دينار شهرياً أي ما يعادل 621.5 مليون دينار سنوياً  .

كما قام ديوان المحاسبة بمراجعة مرتبات حرس المنشأت النفطية و قد أثبتت نتائج المراجعة بأن جهاز حرس المنشآت النفطية يصرف مرتبات أقل من المحال ، مما يشير إلى وجود وظائف وهمية بنسبة 15% . .

كما تحدث الديوان عن عدد الموظفين الذي يفوق ما تحتاج إليه العديد من الجهات ، حيث هناك أكثر من عشرة ألاف موظف يعملون في الهيئة العامة للثروة الحيوانية و البحرية ، و سبعة ألأف موظف يعملون في الهيئة العامة للخيالة و المسرح و أكثر من 16 ألف موظف يعملون في وزارة الحكم المحلي .

 

الاعتمادات المستندية:

من أكثر النقاط التي أثارت ضجة خلال السنة الحالية و السنة السابقة هي الاعتمادات المستندية نظراً للتجاوزات الكبيرة التي سجلت عن طريقها ، و استخدامها من قبل عدد كبير من التجار في تهريب النقد الأجنبي و الاستفادة الشخصية من خلال عدد من طرق التحايل ، ولازالت العديد من الجهات المسؤولة تماطل في اتخاد الإجراءات الجدية للإصلاح و لا زالت تنتهج نفس النهج الذي كبد الدولة مليارات الدولارات .

وقد استعرض ديوان المحاسبة عينات من حالات التهريب  ، باستخدام الاعتمادات المستندية و المستندات برسم التحصيل ، وقد قدرت قيمة الأموال المهربة بنحو 334 مليون دولار265 مليون منها كانت للحاويات المتروكة بالموانئ و الحالات التي استبدلت فيها السلع بالمياه ، و33 مليون منها عن طريق توريد جزء من السلع فقط وتغطية الفرق عن طريق الاعتمادات المستندية ، 10 ملايين منها كانت عن طريق التلاعب في التعبئة ، وسبعة ملايين كانت عن طريق التلاعب في أوزان المواشي وتسعة منها كانت عن طريق تلفيق مستندات التوريد بشكل كامل .

وقد قام ديوان المحاسبة بإيقاف تنفيذ 24 اعتماداً مستندياً فتحت بالتحايل لغرض الاستيلاء على النقد الأجنبي قيمتها تتجاوز 34 مليون دولار .

 

نفقات المجلس الرئاسي :

لقد بالغ المجلس الرئاسي في الصرف بشكل لا يتناسب مع ما تمر به الدولة من أزمات و ما تشهده من عسر مالي ، فالعديد من المصروفات التي تكبدها المجلس الرئاسي غير معني بتنفيذها ولا تتعلق بأعماله التسييرية .

حيث قام المجلس الرئاسي خلال عام 2017 بإنفاق مبلغ 8.7 مليون دينار لحجز التذكر و السفر و الإقامات الفندقية ، 2،9 مليون دينار لإيجار الطائرات الخاصة ، 1،5 مليون دينار علاوة سفر ومبيت ، 4،7 مليون دينار للأثات و التجهيزات ، و2.7 مليون دينار صرفت للفنادق بالداخل ، و588 ألف دينار صرفت للملابس .

مبالغ طائلةٌ و مدهشة صرفت من المال العام ليتمتع أسر مجلس الوزراء بالاقامات الفندقية والسفر بالطائرات الخاصة مبالغ طائلة صرفت فيما لا يتعلق بمتطلبات العمل و فيما يخالف القانون .

وقد أثار هذا التقرير فزع العديد من الخبراء الاقتصاديين و المواطنين و أحدث ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي ، حيث كتب الكاتب والصحفي الليبي عبد الرزاق الداهش :

شكشك رعايش!
الشيء الوحيد الذي لم يقله خالد شكشك في ختام مؤتمره الصحفي، بمناسبة صدور تقرير ديوان المحاسبة للعام 2017، وبعد فاصل من الأرقام المرعبة هو: معكم الكميرا الخفية.
قرابة الألف صفحة، مزدحمة بالأرقام، والحقائق، والمنغصات، ولكن أهم ما كان يمكن أن يقوله لم نسمعه بعد.
حتى رقم 277 مليار الذي أثار الكثير من الفزع، والكثير من الصخب، هو رقم عادي، وهو حاصل جمع ستة أعوام من الأنفاق الحكومي، أكثر من نصفه مرتبات، أو بما يزيد عن المئة 150 مليار، وأزيد من 50 مليار دعم محروقات، وكهرباء، وأزيد من 20 مليار للعلاج والعمل والدراسة بالخارج، ونحو 10 مليار لشركة الكهرباء، زد على ذلك مستلزمات تسيرية للقطاعات، وعلاوة الأبناء، و9 مليار وزعها نوري بوسهمين بمعرفته.
وإذا عدنا لجداول الانفاق سنكتشف أن ما أنفق بدون قانون خلال العامين 2016 و2017، أقل ما أنفق بقانون خلال العام2013، يعني من الممكن أن يطلع علينا عبدالله الثني، ويقول أصرف من جيبي.
حتى كلفة مكتب النائب في الرئاسي والتي تصورتها في البداية رقم ليبيانا، لو حسبناه بسعر الصرف الموازي سنجده في حدود 180 ألف أو أقل، وهو بسعر سيارة لبوة مصفحة، ولكن مع ذلك فهو سلوك غير مسؤول، وسوء إدارة للمال العام.
التقرير يعكس جهد متميز، لمؤسسة عملت أكثر ما بوسعها في ظرف أكثر من صعب، ولكن ما أكثر الكلام الذي لم يرد، وما أكثر الأسئلة التي ظلت حائرة.
فمثلا ما تحققه الاعتمادات المستندية من عائد يتخطى العشرين مليار دينار، كفارق سعر صرف تذهب لرجال اعمال، ومليشيات، وموظفين كبار، وهي أخطر من تيوتا كارولة لم يستعيدها موظف لجهة عمله.
ومثلا سؤال عن وزير للصحة قطع مناسك حجه، ليعود بطائرة خاصة عبر الخرطوم، فمن دفع له فاتورتها ولماذا؟
هناك الكثير من الشياطين، وهناك الكثير من التفاصيل، واحذروا فإن تسييس الفساد، هو أسوأ اصناف الفساد السياسي.

أما سليمان الشحومي مؤسس سوق المال الليبي و الخبير الاقتصادي فتحدث عن بند الترتيبات المالية في التقرير قائلاً :

أولا : لابد لنا من العودة الي بدايات اقرار هذه الترتيبات المالية والتي قاد عملية اعدادها ديوان المحاسبة وزارة المالية والمجلس الرئاسي والبنك المركزي معا وظهرت هذه الترتيبات برغم عدم توافقها مع القانون المالي للدولة الليبية استنادا الي فقرة بالاتفاق السياسي المعطل اساسا، ولكن واقع الحال تطلب إيجاد مخرج للإنفاق العام وكان ذلك بتوافق الأطراف المذكورة المشاركة في العملية عند بدايتها. وكان حريا بمن شرعن هذا الانفاق وشارك في صياغة ترتيباته ان يعقد العقد لضمان رقابة ومتابعة فورية للإنفاق و تدخل بالايقاف في وجه اي محاولة للإهدار المالي ، فالترتيبات الخاصة تتطلب إجراءات احترازية اكثر.
ثانيا : استمر الازدواج في الانفاق عبر انفاق الحكومة المؤقتة في البيضاء اكثر من 6 مليار دينار اغلبها مرتبات برغم ان ميزانية الترتيبات المالية تشير الي انفاق بند المرتبات وفقا لما هو مرصود بالكامل تقريبا ويشير ذلك الي خلل حقيقي في الانفاق العام بالدولة.
ثالثا: باب المصروفات العمومية بالترتيبات المالية أنفق منه ما نسبته 85% من المقدر بمبلغ 4.5 مليار تقريبا وهذا الباب يعتبر المشكلة الابرز في الانفاق والذي استغل بشكل غير سليم ويعاب علي وزارة المالية عدم السيطرة والمتابعة الدقيقة لنفقات هذا الباب والذي استغل من اغلب الجهات بشكل أهدر المال العام ووفقا للقانون، كون الجهات انفقت بناء علي ما هو مخصص لها ووفقا للبنود المحددة ، كان من الاجدي ان يدار هذا البند بشكل اكثر دقة ومهنية من وزارة المالية وتراقب وتفحص الانفاق عبر المراقبين الماليين بالجهات وتصدر المنشورات والتوجيهات في كيفية الانفاق الحذر والرشيد، فلا يمكن ان نقبل ان يجلس أعضاء المجلس الرئاسي علي كراسي مريحة وناعمة ورحلات خارجية خاصة ، في حين لا يجدون تلاميذ المدارس كراسي خشبية للجلوس عليها ولا المرضي بالمستشفيات أسرة ينامون عليها.
رابعا: مشروعات التنمية خصص لها 4 مليار وأنفق منها 3 مليار ولكن دون إفصاح او تقارير متابعة وضعف وزارة التخطيط في المتابعة وإعداد التقارير عن تنفيذ مشروعات التنمية.
خامسا: بند الدعم أنفق تقريبا 6 مليار علي الأدوية والمحروقات والكهرباء العامة والمياه والنظافة العامة ولكن ازمة السيولة صعبت علي الجهات ان تقوم بواجباتها وفقا لوجهة نظر الديوان وظلت المدن والقري الليبية تعاني برغم هذا الانفاق من ازمة القمامة مثلا وذهب دعم المحروقات لتمويل المحروقات بدول مجاورة وخلق شبكة فساد دولية.
سادسا: وجود ميزانية للطوارئ برغم اقرار وتنفيذ ميزانية الترتيبات المالية و استخدامها من قبل المجلس الرئاسي والجهات التابعة بشكل غير متفق مع القوانين واللوائح المالية ، كان من واجب وزير المالية ان يوقف ذلك وغيره من الانفاق المبالغ فيه لصالح أطراف معينة .
ختاما . تنفيذ ميزانية الترتيبات المالية وميزانية الطوارئ شابه الكثير من المشاكل وأفسح المجال للفساد المنظم الذي تجلي في ان تهدر الموارد في نفقات تشغيلية تهدف اساسا الي ضمان تشغيل واستدامة عمل المؤسسات وقيامها بدورها وفقا للقانون. لقد أنتج تنفيذ ميزانية الترتيبات المالية فسادا من نوع جديد يمكن ان نسميه الفساد المنظم بالقانون.
لاشك ان المسؤلية القانونية قد لا تطال الكثيرين ولكن المسؤلية الاخلاقية والمهنية والمسؤلية تجاه الشعب تطال المؤسسات والقائمين عليها لتطاولهم القانوني علي المال العام. صحيح ان ديوان المحاسبة أماط الثام عن حجم الكارثة ولكنه يبقي جزء من المسؤلية ملقي علي عاتقه في اجراء الرقابة المصاحبة للإنفاق العام وإصدار التعليمات بالتنسيق مع المجلس الرئاسي و وزارة المالية ووزارة التخطيط والبنك المركزي ( شركاء اقرار الترتيبات المالية) لكبح جماح هذا الفساد القانوني، وربما ستذهب اي محاولة لكبح جماح هذا الفساد ادراج الرياح بسبب ان المؤسسات لا تعمل معا كشركاء في المسؤلية ولكنهم يعملون كأعداء ومتنافسين في ظل انعدام قانونية ممارسة جميع المسؤلين الحاليين في هذه المؤسسات لمهامهم وصلاحياتهم الرسمية.

أما مختار الجديد الدكتور في كلية الاقتصاد في جامعة مصراتة فقال معلقا :

هدموا امبراطوريات الفساد :
================
كل مؤسسة او هيئة أو زارة في ليبيا فيها اثنين رؤساء أو مدراء . المدير الاول هو الشخصية الشرفية التي يتم تعيينها بشكل رسمي وهو مجرد منظر مسكين لايهش ولا ينش ، أما الرئيس الفعلي فهو المراقب المالي ، ولعلكم تلاحظون كيف ان الرئيس الشرفي لاي مؤسسة من الممكن أن يتغيرمن فترة إلى اخرى ولكن الرئيس الفعلي (الامبراطور) وهو المراقب المالي لا يتغير ابدا فهو يبني امبراطوريته مع الزمن ويشتري من حوله الموالين والاتباع داخل المؤسسة كيف لا وهو من يملك المال ويجزل به العطاء لاتباعه داخل المؤسسة، لذلك يجب هدم امبراطوريات الفساد التي بناها المراقبون المالييون داخل المؤسسة التي يحكمها ـ لذلك يجب الغاء وظيفة المراقب المالي التي تجاوزها الزمن فهي سر أسرار الفساد داخل المؤسسات ، وايجاد بديل للرقابة أكثر كفاءة ،، وخودو هالسطر الاخير مني … مادام المراقبين الماليين في ايديهم دفاتر الصكوك وهم اللي يوقعوا على صكوك صرف الاموال فإن الفساد لن يتوقف

العديد من النقاط و المخالفات و أوجه الفساد المفزعة التي كشفها تقرير ديوان المحاسبة ، مخالفات لا يمكننها حصرها في تقرير واحد و لا حتى مئة تقرير ، مخالفات تنبئ بأن الفساد قد انتشر و عم في جميع أجهزة و أركان الدولة ، مخالفات تجعل كل نائم ينهض بفزع .

 

مشاركة الخبر