اجتمع محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق عمر الكبير مع صندوق النقد الدولي مشاورات المادة الرابعة بحضور ممثلي الصندوق ورئيس ديوان المحاسبة ووزراء المالية والتخطيط والاقتصاد والعمل بحكومة الوحدة الوطنية و ممثلين عن المؤسسة الوطنية للنفط.
حيث تضمنت خلاصة الاجتماعات الاشادة بمصرف ليبيا المركزي لنجاحه خلال السنوات الماضية للمحافظة على ثروات ليبيا والاستدامة المالية والاستقرار النقدي رغم التحديات الجمه واجهت البلاد من سنة 2013.
مع إشارة الصندوق إلى تطوير إجراءات مصرف ليبيا المركزي وأنظمته ومنصات معلوماته للحد من المخاطر المصرفية واجراءات الشفافية ونظم مكافحة غسل الاموال.
كما تطرقت الاجتماعات بأنه سنة 2022 شهدت تحسن في مؤشرات الاقتصاد الكلي وان استقرار انتاج النفط و سياسة سعر الصرف ساهمتا في تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي.
وأكدت بعثة الصندوق على سعادتهم بجهود توحيد مصرف ليبيا المركزي وأنه لاشك أن انقسام المصرف المركزي عقد الواقع النقدي.
مع إشارتها إلى أنه لابد من تنويع مصادر الدخل و عدم الإعتماد على النفط مصدراً وحيداً للإنفاق، وضرورة تنفيذ اصلاحات في مجال الدعم وبالأخص في دعم المحروقات، واختتم الصندوق بالتوصية بإستمرار مشاورات المادة الرابعة مع صندوق النقد الدولي بشكل سنوي.
حيث رصدت صحيفة صدى الاقتصادية حصرياً على مجموعة من أراء خبراء اقتصاديين ونفطيين.
كما صرح الخبير الاقتصادي “عبدالحميد الفضيل” حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية قائلاً: تأتي هذه التوصيات في إطار المشاورات السنوية المتعلقة بالبند الرابع المتعلقة بصندوق النقد الدولي.
وأضاف بالقول: هذه المشاورات يجريها صندوق النقد الدولي مع كل الأعضاء من خلال اللجان التي يتم تشكيلها من قبل الصندوق، والتي تحاول التواصل مع القطاعات الاقتصادية المختلفة في دول الأعضاء، وتكون هناك مجموعة من التساؤلات، وبناء عليها الصندوق يضع توصياته.
وتابع بالقول: لابد من التأكيد على أن هذه التوصيات لصندوق النقد الدولي لن تكون ملزمة للدولة الليبية ولصانعي القرار الاقتصادي، على صعيد السياسة المالية والتجارية والنقدية.
وقال: الصندوق قام بإعداد تقارير لديه في السابق عن الاقتصاد الليبي، ودائماً يعطي مجموعة من التوصيات وأعتقد ذاتها، كون أن هذه التوصيات سوف يتم العمل بها أو أن الاقتصاد مجبر بأن يتم العمل بها يعتبر بعيد عن الواقع.
وأكد على أنه ما يؤخد عن الصندوق وتوصياته دائماً تكون واحدة وتتركز عن سعر الصرف ورفع الدعم عن المحروقات وبكافة أشكاله، حتى لو كان للأسر المحتاجة أو ذات الدخل المحدود، دائماً توصيات صندوق النقد الدولي تكون في شكل خصخصة القطاع العام وتقليص عدد العاملين وتقليص الأجور، والذي يؤخد على سياسات الصندوق لا ينظر إلى طبيعة الاقتصاديات المختلفة والبنية التحتية بين الدول.
وأيضاً خاصة عندما الصندوق يقوم بإقراض دولة ما بمبلغ معين وقيمة معينة، حيث تتحول هذه التوصيات إلى شروط واجبة التنفيذ لكي يتم إقراض هذه الدولة.
إلى جانب تجربة صندوق النقد الدولي مع دولة الصومال في عام 1980 اقترضت من الصندوق ما يقارب 150 مليون دولار في تلك الفترة، حيث أدت التوصيات إلى زيادة افقار الصومال وانهيار الاقتصاد في الدولة، وأدى إلى تصدعات سياسية ومشاكل سياسية، وكذلك القرض الذي تحصلت عليه السودان في عام 1982 بقيمة 260 مليون، وأوصى الصندوق بإصلاحات هيكلية والشروط كانت قاصية جداً، وأدت بإنهيار الاقتصاد السوداني وأصبحت الفوائد أكثر من قيمة القرض الذي أعطاه الصندوق ودخلت السودان في أزمات سياسية.
كما أن حقيقة تجارب صندوق النقد الدولي مع الدول الذي قام باقراضها والزامها بشروط نظير هذا القرض كانت قاسية ولم تنعكس بشكل إيجابي على اقتصاديات الدول المختلفة.
وختم حديثه قائلاً: إن توصيات صندوق النقد الدولي ليست الأولى والأخيرة وليست ملزمة لدولة الليبية، مثلها مثل أي توصيات أخرى، وليس بالضرورة أن يتم تنفيذها على أرض الواقع، وكذلك ليس بالضرورة أن تكون التوصيات صحيحة وسوف تخرج الاقتصاد من المشاكل التي يعانيها، مثل العجز في ميزان المدفوعات وانخفاض قيمة الدينار الليبي وغير ذلك.
ومن جهة أخرى صرح الخبير النفطي “محمد الشحاتي” حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية قائلاً: في الحقيقة قرأت بعناية التصريح الصحفي الذي أصدره صندوق النقد الدولي بعد اكتمال الاجتماعات وهو يعبر عن الموقف الرسمي للصندوق النقد الدولي، وفي هذا التصريح لم يشير الصندوق أنه أوصى المركزي أو الحكومة بتنويع الاقتصاد بل أفصح أن الاقتصاد الليبي وفي خلال المستقبل المنظور سيستمر في الاعتماد على قطاع الهيدروكربونات، وجعل التنويع في نهاية التصريح كخيار في الأفق يجب على السلطات أن تعمل عليه لتعظيم الاستفادة من العوائد النفطية.
وأضاف “الشحاتي” بالقول: أن الصندوق لم يتعرض في تصريحه الصحفي إلى ضرورة رفع الدعم عن المحروقات وهو لا يفعل نظراً لأن رفع الدعم تماماً سياسة لا يوصي بها الصندوق بل يوصي بإصلاح نظام الدعم ومحاولة تخفيضه تدريجياً، هذا التصريح أرى أنه كتب بعناية ودقة لقطع الطريق على محاولة تبرير فرض أي سياسات بكونها توصيات من الصندوق.
وتابع بالقول: علينا الإنتظار لنرى التقرير الشامل الذي سيعده الصندوق وفقاً للمادة الرابعة.
إلى جانب صرح خبير نفطي مهتم بالشان العام “عثمان الحضيري” حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية قائلاً: كان الهدف من إنشائه إعادة هندسة المنظومة الاقتصادية والمالية الدولية سعياً لتفادي المزيد من الكوارث الاقتصادية كتلك التي عصفت بالعالم على مدى النصف الأول من القرن العشرين وخلقت مناخاً خصباً للحروب الشاملة المُهلِكة.
وأضاف بالقول: إلا أنه قد تحول إلى سلطة تسيطر وتتحكم في السياسات الاقتصادية والمالية للكثير من الدول لا سيما دول العالم النامي أو شبه النامي وبدلًا من أن تؤدي سياسات وبرامج الصندوق إلى تنمية وازدهار الدول النامية، فشلت هذه السياسات فشلاً ذريعًا في إخراج شعوب هذه الدول من التخلف الاقتصادي والبؤس الاجتماعي وأدخلتها في أزمات طاحنة وأغرقتها في مشكلات الديون.
وتابع بالقول: نلاحظ أن الإجراءات التقشفية الأكثر شيوعاً في العالم العربي تتمثل في التقليص من الدعم المقدم للمواد الأساسية، وتخفيض أو تجميد كتلة الأجور في القطاع العام، وكذلك الزيادة في الضرائب على الاستهلاك، كما شمل إصلاح أنظمة التقاعد وإحداث شبكات الأمان الاجتماعي.
وقال: يتبيّن مما تقدّم ومن تجارب العديد من الدول أنّ برامج الصندوق تأتي مرتهنة بالشروط التي تقيّد سياسات الدولة وتفضي في نهاية المطاف إلى انتهاك سيادتها من نواحٍ عدّة.
كما أنّ ثمة ما يثير تساؤلاتٍ مشروعة حول تبعيّة الصندوق لمصالح الدول الكبرى، لا سيّما في ظل الفيتو الأميركي ونفوذ المؤسسات المالية الكبرى فيه، حيث إنّ المؤسستين الدوليتين (صندوق النقد والبنك الدوليين) اللتين يفترض أن يكون هدفهما الأصلي مساعدة الدول الفقيرة أو الاقل فقراً على خدمة الشؤون السياسية والمالية، وتحقيق التنمية المستدامة وعلاج التفاوت المعيشي بين شعوب الأرض”، تقومان بصورة أساسية بخدمة مصالح واشنطن وبنوك “وول ستريت”.
إلى جانب إن سياسة رفع الدعم التى يحرض عليها صندوق النقد الدولي هدفها زيادة افقار عموم الشعب والذي تم افقاره فعلا بعد ما يسمى ثورات الربيع العربي ، وها نحن نشاهد ما يجري في تونس والعراق ولبنان وسوريا واليمن ، أما ليبيا (ليس الخبر كالعيان “وعينك ميزانك”، علينا الاعتماد على امكانياتنا الذاتيه وتنظيم مواردنا وإدارة ميزانياتنا بشكل يؤدي إلى استثمار تلك الموارد بشكل جيد، وتمكين الكفاءات والخبرات لإدارة تلك المؤسسات الاقتصادية والمالية.
وختم حديثه قائلاً: لهذا نقول لم تكن التجارب العربية مع سياسات هذه المجموعة أمراً يمكن الثناء عليه أو تقديره، بل على النقيض من ذلك تماماً، كانت الأزمات تتصاعد كلما اتخذت الحكومات خطواتٍ لتنفيذ اشتراطات صندوق النقد الدولي ومطالبه القاسية، والتي تفضي غالباً إلى حرائق اجتماعية واسعة وعليه، فالصندوق بجميع الأحوال لن يؤدّي دور المنقذ الأعلى الذي يدّعيه البعض، ولا بد من المضي على درب الإصلاح الجذري الداخلي في الدول العربية بدل الضياع في تمنيات الخلاص الخارجي.