كتب: نورالدين حبارات – متابع ومهتم بشأن الاقتصادي والسياسي
أصدر المركزي أمس بيانه عن مصروفات الحكومة وعن استخدامات النقد الأجنبي وذلك عن الفترة من يناير حتى مايو المنصرم من 2020، وعلى الرغم أن البيان لا يعدو عن كونه بيان بالتدفق النقدي لأكثر ولا أقل فإن ما أظهرته بعض بنوده كانت كافية للحكم أو الجزم عن مدى عمق الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد اليوم ومدى الحاجة للتعاطي معها وذلك بالنظر إلى ما خلفته من تداعيات وأثار سيئة على الاقتصاد وعلى حياة المواطنين خاصةً وإنها مرشحة لمزيد من التفاقم في حال ما أستمرت الظروف وأوضاع البلاد على ما هي عليها اليوم.
1- فالإيرادات النفطية التي تعتبر مصدر البلد الوحيد تقريبا في تمويل ميزانيها والتي قدرت عند حدودها الدنيا لم تحقق مستهدفاتها خلال الفترة موضوع البيان فإذا كانت الإيرادات النفطية المعتمدة قدرت ب2,500 مليار دينار أي بمعدل 500 مليون دينار شهرياً فإن القيمة الفعلية المحصلة عن الفترة لم تتجاوز 2,102 مليار دينار و بإنخفاض قدره 398 مليون دينار و بما نسبته 0/16 من المستهدف.
-2 بلغت الإيرادات السيادية المحصلة من ضرائب و جمارك ورسوم خدمات وفوائض شركات عامة ما قيمته 673 مليون دينار و بإنخفاض قدره 868 مليون دينار وبما نسبته 0/043 من قيمته المقدرة بالترتيبات المالية والبالغة 1,541 مليار دينار مع ملاحظة أن الإيرادات الفعلية لم تتضمن قيمة الإيرادات المقرر توريدها من قبل شركات الإتصالات كمساهمةً في تمويل الميزانية و المقدرة ب167 مليون دينار، وهذه الإيرادات أي الإيرادات السيادية معرضة لمزيد من الانخفاض خلال الفترة القادمة في حال ما لم يتم إحتواء وباء كورونا أو انحساره فأغلب هذه الإيرادات تتأثر به مباشرةً، وبالتأكيد استمرار الانخفاض في الإيرادات النفطية والسيادية على هذا النحو خلال الفترة القادمة سيؤدي في نهاية المطاف إلى تفاقم العجز في الميزانية مما سينعكس سلبا على قدرة الحكومة في تعاطيها مع كثير من الملفات أبرزها المتعلقة بتدهور الخدمات.
3 – في المقابل بلغ الإنفاق الفعلي ما قيمته 14,146 مليار دينار فقط و بما نسبته 0/088 من قيمة الإنفاق بالترتيبات المالية والمقدر ب16,041 مليار دينار حيث بلغ الوفر في الإنفاق ما قيمته 1,895 مليار دينار رغم أن تقديرات الإنفاق كانت أقل عما كانت عليه خلال عام 2019، وبالتأكيد استمرار الإنفاق على هذه الوتيرة سيؤدي إلى تقليص نسبة العجز في الميزانية.
4 – بلغت قيمة الإيرادات المحصلة من الضريبة على النقد الأجنبي ما قيمته 8,328 مليار دينار خصص ما قيمته 7,453 مليار لإطفاء الدين العام و مبلغ 875 مليون دينار لتمويل البرامج التنموية أي تنفيذ البند الرابع من محضر الإصلاحات الإقتصادية وهذا الإجراء ساهم بالتأكيد في ضمان استدامة التمويل حتى اليوم على الأقل.
5- بلغت قيمة قرض مصرف ليبيا المسيل خلال الفترة ما قيمته 11,128 مليار دينار و بما نسبته 0/042 من إجمالي قيمة القرض المخصص لتغطية العجز بالترتيبات المالية والمقدر ب26,706400 مليار دينار حيث المركزي ملزم وفق للتفاهمات التي تمت بشأن الترتيبات المالية بتسييل هذا القرض بإنتظام وبمعدل 6,676600 مليار دينار لكل ربع سنوي وبما قيمته 2,225533 مليار دينار شهرياً.
ولكن وفي الجانب الأخر أظهر ميزان المدفوعات عجزاً قدره 2,772 مليار دولار وهذا يعني تراجع وانخفاض واضح في احتياطي النقد الأجنبي وهذا الانخفاض ستزداد حدته إذا ما أستمر توقف تصدير النفط وانخفاض أسعاره في السوق العالمية.
وقطعاً، هذا سيكون له أثار وتداعيات سيئة على القدرة الشرائية للدينار وعلى سعره أمام الدولار في السوق الموازي وعلى أزمة السيولة التي يتوقع تفاقمها.
عليه وبناء على ما تقدم ونظراً لعمق الأزمة الاقتصادية وتعقيداتها وما خلفته من أثار وتداعيات فإن الحكومة يبدو اليوم ملزمة و مضطرة أكثر من أي وقت مضى بالتعاطي والتعامل معها من خلال إيجاد الحلول والمعالجات اللازمة والناجعة لها عبر الإجابة على التساؤلات الأتية والتي تشغل بال وهموم جميع المواطنين ومن أبرزها:
1- كيف سيتم التعويض عن الأضرار التي لحقت ببيوت المواطنين جراء الحرب؟
2- كيف سيتم صرف مرتبات المعينين منذ سنوات سابقة والبالغ
عددهم أكثر من 300000 موظف حسب تصريحات وزير المالية وماذا عن مرتبات العاملين بالشركات المتعثرة؟
3- كيف سيتم رفع الحد الأدنى للمعاشات الضمانية للمتقاعدين والذين أصدرت بحقهم قرارت بالخصوص؟
4- كيف سيتم صرف قيمة علاوة الأبناء وربات البيوت المستحقة والمتراكمة منذ سنوات والتي لا يجوز ربطها واشتراط صرفها برفع دعم الوقود؟
5- ماذا عن زيادة مرتبات العاملين بالقطاع العام والتي تآكلت قدرتها الشرائية جراء إرتفاع الأسعار؟
6- كيف سيتم معالجة تدهور الخدمات الأساسية سيما الكهرباء والنظافة العامة والمياه؟
7- كيفية التعامل مع وباء كورونا الذي بداء وللأسف في الإنتشار على الرغم من ضخامة المبالغ المخصصة لمواجهته؟
كما يجب على الحكومة وبالتنسيق مع المركزي الإجابة على التساؤلات المتعلقة بكيفية الحد من معدلات التضخم ودعم الدينار و تخفيف أزمة السيولة؟