Skip to main content
"حبارات": مصر تخطط لاستبدال الدعم العيني للخبز بالدعم النقدي .. والسؤال ماذا عن ليبيا ؟
|

“حبارات”: مصر تخطط لاستبدال الدعم العيني للخبز بالدعم النقدي .. والسؤال ماذا عن ليبيا ؟

كتب المهتم بالشأن الاقتصادي “نور الدين حبارات” مقالًا قال فيه:

مصر تخطط لإستبدال الدعم العيني للخبز بالدعم النقدي في استجابة لشروط صندوق النقد ، والسؤال ماذا عن ليبيا ؟؟؟

مصر وكما هو معروف تدعم عدد من السلع الأساسية بنسب متفاوتة لعل أبرزها رغيف الخبز ، حيث يستفيد من هذا الدعم قرابة 70 مليون شخص من قرابة 104 مليون شخص هم عدد سكان مصر، وتكلف فاتورة دعم رغيف الخبز سنوياً قرابة 2،650 مليار دولار أي ما يعادل قرابة 80 مليار جنيه لدعم قرابة 270 مليون رغيف خبز يومياً وذلك وفقاً لإحصائيات رسمية نقلاً عن موقع الجزيرة نت ، حيث تتحمل الحكومة المصرية قرابة 90 قرش عن كل رغيف خبز وتبيعه بسعر 5 قروش للمواطنين المستحقين للدعم بموجب بطاقة تموينية للأسرة الواحدة المكونة من أربعة أفراد ويخصص لكل فرد عدد 5 أرغفة يومياً ، هذا وتمنح الحكومة المصرية دعم رغيف الخبز للفقراء ومحدودي الدخل فقط وليس لكل المواطنين كما تضع ضوابط ومعايير تحدد الأشخاص أو الأسر المستهدفة بالدعم أو المستحقة له.

غير إنه وعلى الرغم من تلك الضوابط فإن صندوق النقد يرى إن الدعم العيني لرغيف الخبز يعتريه توالف ومفقودات وتسرب وقد لا يصل لكل مستحقيه، وإن كفاءة الإنفاق التي عادةً ما يشترطها صندوق النقد تتطلب إستبدال الدعم العيني بالدعم النقدي ، وعلى الرغم من تأكيد وزير التموين المصري فإن الخبز ليس من بين السلع التي يتم التفاوض بشأنها مع صندوق النقد لحصول مصر على القرض المقدر بثلاثة مليار دولار ، فإن خبراء اقتصاديين كثر يرون إن إستبدال الدعم العيني للخبز بالدعم النقدي أحدٍ أهم أركان الإنفاق ، فالصندوق يشترط على مصر تحرير سعر صرف الجنيه وتقليص ديونها سيما الخارجية إلى جانب ضبط وترشيد الإنفاق العام.

هذا ويرى العديد من الخبراء الاقتصاديين المصريين إن الإستبدال النقدي لدعم الخبز سيزيل كل التشوهات التي تنطوي عليها منظومة الدعم وسيفضي إلى تحقيق عدة أهداف شريطة تطبيقه بطريقة عادلة ، والطريقة العادلة يقصد بها هي أن يحدد المقابل النقدي لرغيف الخبز وفق للسعر العالمي وليس وفق مبلغ شهري ثابت لكمية تحددها الحكومة ، فأسعار القمح أو الغذاء متقلبة وتتغير من فترة إلى أخرى مما يجب أن يمنح الدعم لكل من يندرج تحت خط الفقر أو ما يعرف ب Poverty Line وعلى أن يشمل كافة السلع الأساسية وبالكميات التي يحتاجها الفقير فعليا، كما يرى الخبراء إن الدعم النقدي لرغيف الخبز سيقلص من فاتورة الدعم بالموازنة العامة إلى جانب تقليص مدفوعات مصر من النقد الأجنبي عبر تقليص وارداتها من الغذاء .

ومن وجهة نظري قد تكون بالفعل توقعات الخبراء صحيحة ولها ما يبررها وذلك بالنظر للظروف الاقتصادية التي تمر بها بمصر ، كما إن حكومتها وكافة مؤسساتها موحدة وتشتغل وتحترق وتسهر ليلاً نهاراً في سبيل النهوض بالاقتصاد المتعثر وتعافيه ، كما لديها قاعدة بيانات متكاملة عن أعداد الفقراء وعن الكميات والاحتياجات الفعلية من الغذاء وإلى ما ذلك من بيانات وإحصائيات ما يمكنها من تنفيذ الدعم النقدي بطريقة تتسق مع الأهداف التي أقر من أجلها .

لكن ما يهمنا في الموضوع هو ، ماذا عن ليبيا ؟؟؟
التي رفعت الدعم السلعي للغذاء منذ قرابة تماني سنوات دون مقابل نقدي عن كافة مواطينها وعائلاتها بما فيهم الفقراء والمعوزين والذين يشكلون اليوم نسبة كبيرة ومعتبرة من إجمالي سكان البلاد خاصة، بعد إنخفاض سعر الدينار رسمياً وارتفاع معدلات التضخم سيما في السلع الأساسية من غذاء ودواء ً وخدمات صحية وغيرها، فاليوم وللأسف غالبية المواطنين والأسر الليبية لا يتحصلون على حاجتهم الكافية من الغذاء ، فتكلفة رغيف الخبر فقط تلتهم قرابة ‎%‎30 شهرياً من دخل الأسر ناهيك عن تكلفة زيت الطعام ومعجون الطماطم والأرز والكسكسي والمكرونة والسكر والشاي وحليب الأطفال واللحوم والبيض وغيرها من سلع ، فسعر العلبة أو الكيلو جرام من تلك السلع يعادل اليوم ثمن صندوق أو كيس منها بل حتى ضعف ثمنها إبان دعمها، والمؤسف هو إن بعد تماني سنوات من رفع الدعم السلعي عن الغذاء دون مقابل لم يتحقق أي هدف منه ، فالإنفاق العام تزايد بأضعاف مضاعفة بعد أن تخطى حاجز 100 مليار دينار وفاتورة الواردات تزايدت بشكل كبير جزء كبير منها لسلع كمالية ، وإيرادات النقد الأجنبي من النفط تستنزف سنوياً بالكامل ، ففي العام المنصرم 2022 م فقط بلغت المدفوعات الدولارية قرابة 28،5 مليار دولار وفق لبيان المركزي قرابة ‎%‎25 منها لبطاقات الأغراض الشخصية ، كما إن اليوم لا توجد أي إحصائيات ولا قاعدة بيانات عن أعداد الفقراء وعن معدلات الاستهلاك والاحتياجات اليومية لكل مواطن من تلك السلع ولا أي شيء يذكر .

وفي الختام من المؤسف اليوم ونحن في القرن الحادي والعشرين وحكومات تدير بلادها بطريقة غريبة ترتكز على العشوائية وردة الفعل لا عبر التخطيط والإدارة وتنتهج ما يعرف بالليبي ( سياسة كل يوم ويومه وغدوة ايدير الله طريق واللي في الدار يدفع الكراء ) .

مشاركة الخبر