كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً
أوصى صندوق النقد أمس المركزي والحكومة بضرورة تنويع مصادر دخل البلاد وعدم الإعتماد على النفط كمصدر وحيد له بالإضافة إلى ضرورة رفع الدعم عن المحروقات .
وهذه التوصيات أو النصائح ليست الأولى ولن تكون الأخيرة ، فصندوق النقد والبنك الدوليين تتطرقا لهذه المسألة لعشرات المرات حتى قبل 2011 م وشكلا لجان فنية من طرفهما وعقدت إجتماعات عدة مع ممثلين عن الحكومات السابقة والمتعاقبة والمركزي للوقوف على التشوهات والإختلالات المالية Distortions & Imbalances Financial في المالية العامة وفي ميزان المدفوعات وفي الإقتصاد ككل وإقتراح آلية إصلاحها ومعالجتها .
وبالتأكيد هذه التوصيات أو النصائح تأتي في إطار المهام المناطة بالصندوق بموجب المادة الرابعة من إتفاقية صندوق النقد التي تلزم الصندوق بإسداء النصيحة والمشورة الفنية للدول الأعضاء للحيلولة دون وقوعها في أزمات إقتصادية وليبيا بالطبع أحد أعضاءه البالغ عددهم 192 دولة تقريباً .
وبالتأكيد توصيات صندوق النقد دائما ما تكون علمية وموضوعية واقتصادية بإمتياز فهي دائماً ما تقوم أساساً على مبداء الحد من التدخل الحكومي في الاقتصاد الذي يقف عائق أمام تحريره وأمام زيادة الإنتاجية ومحاربة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية بشكل كبير في دول عدة وإن كان بنسب متفاوتة من دولة إلى أخرى .
كما إن تلك التوصيات ليست بالأولى أو بالجديدة ، فمعظم المختصين والمهتمين بالشأن الإقتصادي بل حتى عامة المواطنين عادةً ما يحذرون منها ومن تداعياتها السيئة وعواقبها الضارة على الاقتصاد ، فمسألة تنويع مصادر الدخل أصبحت ضرورة حتمية وجميع الحكومات السابقة والمتعاقبة حتى ما قبل 2011 م فشلت في هذه المهمة بشكل ذريع رغم إن معظم الدول النفطية قطعت شوطاً جيد في هدا المسار عبر تقليص إعتمادها على النفط ولعل دول العربية السعودية والإمارات وقطر لخير دليل على ذلك .
وكذلك الأمر فيما يتعلق بإصلاح الدعم فمعظم الدول وضعت له ضوابط لإصلاحه وبشكل تدريجي تضمن توجيهه لمستحقيه عبر إعتماد أليات لذلك وبما يحقق العدالة الإجتماعية ، و لقد نجحت حكومات دول عدة في ذلك عبر تقليص فاتورة الدعم ومن ثم تقليص العبء على ميزانياتها وخزينتها .
وبدلاً من تأخد الحكومات الليبية والمركزي توصيات صندوق النقد على محمل الجد وتتعض من تجارب الأخرين وأن تبداء تدريجياً في تنفيذها وفق أولوياتها أي تبداء بمسألة تنويع مصادر الدخل وإصلاح النظام المصرفي ومحاربة الفساد ثم إصلاح دعم الوقود عبر إستبداله بدعم نقدي عادل لمستحقيه مع ضمان إستمرار صرفه بإنتطام دون توقف فضلا عن إتخاذ الحكومة لتدابير أمنية لحماية وضبط الحدود للحد من أعمال التهريب وردع المهربين .
فبدلاً من أن يقوموا بكل ذلك فإنهم أي الحكومات والمركزي مازالوا لا يعيرون أي أهمية لما قاله صندوق النقد طالما ما قاله مجرد نصيحة أو توصية غير ملزمة لهم .
لكنهم سيعيرونها أهمية قصوى فقط عندما تتحول تلك التوصية والنصيحة Recommendation & Advices إلى شروط وإملاءات تصل إلى حد المساس بالسيادة والتدخل في الشأن الداخلي بشكل كبير حينها فقط سيقومون بفرض المزيد من الضرائب ورفع أسعار السلع والخدمات ورفع دعم الوقود وتسريح الموظفين وبيع الشركات العامة وليس هذا فقط بل وتحرير سعر صرف الدينار أمام الدولار وباقي العملات الأجنبية ليتحدد سعره وفق لقوى الطلب والعرض دون تدخل المركزي بهدف ماذا ؟
بهدف تنويع مصادر الدخل وعدم الإعتماد على النفط ورفع الدعم .
وللأسف المواطنين فقط هم من سيكون ضحيتها سيما البسطاء فهم الأغلبية الساحقة .