Skip to main content
حبارات يكتب: تصريحات محافظ المركزي بشأن نضوب النفط وضرورة البحث عن مصادر بديلة صحيحة لكنها متأخرة جداً
|

حبارات يكتب: تصريحات محافظ المركزي بشأن نضوب النفط وضرورة البحث عن مصادر بديلة صحيحة لكنها متأخرة جداً

كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي: والسؤال يبقى ما هي الإجراءات التي اتخذها المركزي من جانبه في مواجهة هذا السيناريو المخيف ؟؟؟

أدلى السيد محافظ المركزي طرابلس مؤخراً بتصريحات تناقلتها بعض وسائل الإعلام مفادها لابد من أن نضع في مخيلتنا بأننا معتمدين على النفط كمصدر واحد للدخل ولتمويل الميزانية في ليبيا وهو سلعة ناضبة وبعد عشر سنوات لن نجد من يشتريه ، لذلك يجب علينا أن نشتغل ليل نهار لخلق مصادر أخرى لتنويع مصادر الدخل .

وصراحةً هذا الكلام منطقي وواقعي لا يختلف عليه اثنان لكنه متأخر جداً ويكون مقبول لو صدر عن مواطن أو عن شخص متابع أو مختص في الشأن الاقتصادي ، لكن أن يصدر عن شخص على رأس أكبر مؤسسة أو سلطة نقدية في البلد فالأمر مختلف لآن سياسات المركزي تخالف التصريحات وتسهم في تسريع وقوع السيناريو المخيف  .

فالمركزي كان بإمكانه تحذير الحكومة من مغبة هذا السيناريو وبشكل مستمر ليس اليوم بل منذ سنوات، فالسياسات الحكومية العشوائية المتهورة للحكومات المتعاقبة و على مدار السنوات الماضية كانت و لازالت تصب في هذا الاتجاه بل إن سياسات المركزي نفسها متماهية ومتناغمة معها .

وبما إن الاحتياطي الأجنبي مصدره الوحيد هو النفط أي السلعة الناضبة، فالمركزي كان لزاماً عليه اتخاذ العديد من الإجراءات والتدابير للحفاظ عليه أو للحد من استنزافه رغم إنه كان بإمكانه فعل ذلك .

1- فالمركزي لم يقم بتخفيض سعر صرف  الدينار أمام الدولار في 2012 م و بالتزامن مع مضاعفة المرتبات بموجب قرار اللجنة الشعبية العامة سابقاً رقم 27 لسنة 2011 م  للحد من تراجع الاحتياطي  خاصةً وإن هذا العام (2012 ) اعتمدت فيه أكبر ميزانية في تاريخ ليبيا بحجم 70 مليار دينار أي ما يعادل 54 مليار دولار .

2- المركزي لم يقم بتخفيض سعر صرف الدينار حتى  خلال العام 2013 م رغم قفل النفط في مطلع يوليو من العام نفسه وفي ظل ميزانية أو اتفاق ضخم ناهز من 64 مليار دينار.

3- المركزي لم يقم بتخفيض سعر صرف الدينار حتى خلال منتصف العام 2014 م رغم استمرار قفل النفط ومجلس ادارته كان موحداً .

و بما أن زيادة الإنفاق العام تؤدي حتماً إلى الزيادة الطلب على النقد الأجنبي خاصة في بلد استهلاكي بامتياز يستورد كافة احتياجاته تقريباً من الخارج ، فإن عدم اتخاذ المركزي لقرار بتخفيض سعر صرف الدينار أنداك فضلاً عن عدم فرضه لأية قيود للحد من حجم الطلب المتنامي على أن يرافقه إجراءات من قبل الحكومة كان خطأ فادح و جسيم أدى إلى تراجع ملحوظ في رصيد الاحتياطي بقيمة 37 مليار دولار و ذلك بعد ان بلغت المدفوعات من النقد الأجنبي عن السنوات المذكورة ما قيمته 127 مليار دولار وفق لبيانات رسمية جلها لأغراض استهلاكية لا تنموية أو إنتاجية وبعد استنفاذ رصيد الأموال المجنبة للحكومة

4- المركزي دعم و بقوة ما يسمى ببرنامج الإصلاح الاقتصادي خلال سبتمبر 2018 م رغم تنصل الحكومة من كافة التزاماتها بشأنه ، حيث تبين إنه لم يكن برنامج للإصلاح كما سوق له بل مجرد ضريبة غير مباشرة دفعها كافة المواطنين بما فيهم محدودي الدخل و سياسة متخلفة تهدف لاستنزاف احتياطي النقد الأجنبي في شكل اعتمادات وأغراض شخصية جلها استهلاكي .

حيث بلغت المدفوعات من النقد الأجنبي خلال العام 2019 م ما قيمته 24 مليار دولار تفوق حجم الإيرادات النفطية عن العام نفسة (2019)، في حين أنصب دور المركزي فقط في كيفية إطفاء الدين العام المتراكم من خلال عوائد الضريبة .

5- المركزي اليوم لازال ينتهج سياسات خاطئة وغريبة في تعاطيه مع أزمة السيولة وذلك عبر إهدار إيرادات النقد الأجنبي الناجمة عن المبيعات النفطية بهدف توفير السيولة بدلاً من تفعيله لأدوات السياسة النقدية المعطلة .

و صراحةً هناك الكثير و الكثير لكن لا يسعنا الوقت لتناوله .

لكن في الختام يبقى السؤال الأهم والمهم هو ، كيف لنا يا سيادة المحافظ اليوم أن نشتغل ليل نهار لخلق مصادر بديلة بعد أن أهدرنا قرابة أكثر من ربع ترليون دولار على مدى عشر سنوات ، نصف هذا المبلغ كان كافي لإعادة هيكلة الاقتصاد الليبي وتنويع مصادره ، فاليوم إيرادات النفط محدودة جداً قياساً بحجم الإنفاق ولا تكفي حتى لسد احتياجات البلاد الضرورية من سلع و خدمات ناهيك عن تهالك البنى التحتية وانعدام التنمية و تدهور الخدمات  ؟؟؟

مشاركة الخبر