كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً
يطمح جميع المواطنين تقريباً في أن تقدم جكومة الوحدة الوطنية غداً على إتخاذ قرار بإعادة النظر في سعر صرف الدينار أمام الدولار الأمريكي عند 3،90 أو 3،65 دينار للدولار إن أمكن ذلك بدلاً من السعر السائد حالياً عند 4.48 .
وصراحةً مطالب وطموحات المواطنين مبررة ومشروعة وذلك بعد أن أيقنوا إن إرتفاع سعر الدولار أرهق قدرتهم الشرائية وإستنزف دخولهم و مرتباتهم ومدخراتهم بشكل كبير خاصة في ظل موجة الركود التضخمي Stagflation التي تجتاح البلاد منذ أشهر وهي الاسواء منذ سنوات .
وبغض النظر عن الشق القانوني لإجراء كهذا والذي يتطلب قرار من مجلس إدارة المركزي المنقسم على نفسه اليوم لا من محافظه .
فإنه اقتصادياً إتخاذ قرار كهذا في ظل الظروف الراهنة والمعقدة جراء تأزم الوضع السياسي وإنسداده يبقى أمر غير ممكن .
كما إن المؤشرات المالية والاقتصادية الحالية تعزز ذلك لأسباب عدة لعل أبرزها .
1- خسارة البلاد لإيرادات نفطية كبيرة بسبب التوقف والتعطيل المتكرر لإنتاج وتصدير النفط رغم الطفرة النفطية التي شهدتها الأسواق منذ نهاية فبراير الماضي والتي أستقرات فوق حاجز 100 دولار للبرميل .
2- طهور عجز في ميزان المدفوعات يقارب من 2.000 مليار دولار حتى مايو الماضي .
3 – إستمرار تجميد الايرادات النفطية لدى المصرف الخارجي مع إستمرار أزمة التنازع على الشرعية من قبل الحكومتين ما يعني ليس لدى المركزي الحرية في إستخدام تلك الايرادات.
وعليه فإن تخفيض سعر الدولار في ظل هذه المعطيات عند الأسعار المذكورة أعلاه يعني لنا الأتي .
1- السحب من قبل المركزي لإحتياطياته لمواجهة الطلب الذي سيتزايد على الدولار بعد تخفيض سعره ما يعني زيادة العجز وبشكل أكبر في ميزان المدفوعات .
2- خسارة المركزي لقرابة ما قيمته من 10 إلى 20 مليار دينار جراء هذا التخفيض كانت ستساعده في إطفاء الدين العام المصرفي المتراكم والذي يناهز من 153 مليار دينار .
3- خسارة الحكومة للمبالغ ذاتها في تمويل ميزانيتها ، فحصيلة مبيعات النقد الأجنبي وسيلتها الوحيدة لذلك
.
فمثلاً عن بيع إيرادات نقد أجنبي من المركزي بقيمة 20 مليار دولار عند سعر 4.48 دينار لكافة الأغراض .
فهذا يعني لنا حصول الحكومة على إيرادات بقيمة 90.000 مليار دينار تقريباً .
لكن عندما يبيع المركزي بسعر 3،65 دينار فهذا يعني حصول الحكومة على إيرادات بقيمة 71.200 مليار دينار فقط أي خسارتها لقرابة 19 مليار دينار ما يعني لنا ظهور عجز في الميزانية وتنامي للدين العام خاصةً وإن الإنفاق العام في المعتاد أصبح عند عثبة 90 مليار دينار .
كما إن هذا التخفيض سبؤتر سلباً على أزمة السيولة ، فمبيعات النقد الأجنبي وسيلة المركزي الوحيدة في التعاطي معها،.
فإذا ما أفترضنا إن %50 من قيمة المبيعات ( الاعتمادات المستندية والأغراض الشخصية ) تتم نقداً فإن المركزي على هذا النحو سيخسر قرابة 10 مليار دينار كان من الممكن أن يخفف بها من حدة هذه الأزمة .
وفي الختام يجب التذكير بأن قرارت إعادة النظر في سعر الصرف تتم من خلال دراسات وسياسات اقتصادية منسقة بين المركزي والحكومة وتحددها محددات، كما يجب أن تتصف هذه القرارات بالديمومة والثبات وتأخد في الاعتبار كافة الأثار والتداعيات المحتملة على الاقتصاد وأوضاع المواطنين المعيشية .
لا أن تتخد تلك القرارات بطريقة عشوائية وإرتجالية تحركها عواطف ودوافع سياسية لا اقتصادية فالفشل حثماً سيكون مصيرها .