
| مقالات اقتصادية
حبارات يكتب: “قراءة تحليلية موجزة”وزير الاقتصاد الليبي (50% من الليبيين ليس لديهم أمن غدائي و 80٪ منهم تحت خط الفقر)
كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً
أدلى وزير الإقتصاد بتصريحات صادمة وفق ما تناقلته بعض وسائل الإعلام مفادها بإن ما نسبته %50 من الليبيين ليس لديهم أمن غدائي وإن %80 منهم تحت خط الفقر .
وصراحةًً هذه التصريحات خطيرة ومهمة جداً في نفس الوقت سيما وإنها صدرت عن شخص مسؤول بحكومة الوحدة الوطنية وتمس كافة الليبيين ، لذا رأينا ضرورة النتوقف عندها وتناولها بشكل موجز ولا يجب تركها تمر مرور الكرام .
ويعرف الأمن الغدائي وفقاً لمنظمة الفاو بمدى توفر الغداء للأفراد دون أي نقص ، ويتحقق هذا الأمن عندما لا يشعر الفرد بالجوع أو لا يتعرض له .
وينقسم الأمن الغدائي إلى قسمين .
الأول الأمن الغدائي المطلق و هو أن تقوم الدولة الواحدة بإنتاج الغداء داخل حدودها بمستوى يتساوى مع الطلب ومعدلاته أي إنه تحقق الإكتفاء الذاتي .
والتاني وهو الأمن الغدائي النسبي ويشير إلى مدى قدرة الدولة على إنتاج ما يحتاجه الشعب أو الأفراد من سلع وغذاء بشكل كلي او جزئي .
كما للأمن الغدائي أربعة أبعاد و هي .
1- التوفر أي ضرورة توفر الغداء بكميات تكفي لعدد السكان ويكون ذلك من المخزون الإستراتيجي.
2- مأمونية الغداء أي ضمان صحة الغداء وسلامته وصلاحيته للإستهلاك البشري.
3- إمكانية الحصول عليه أي أن تكون أسعار السلع والنتجات الغدائية في متناول دخول المواطنين أو إمكانية تقديمه لهم في شكل معونات للطبقات أو الفئات الأكثر فقراً .
4- الإستقرار ويعني ضرورة الحفاظ على أوضاع الغداء .
أما فيما يخص التحديات فلعل أبرزها .
1- أزمة المياه العالمية.
2- عدم الإهتمام بالأراضي الزراعية وإهمالها
3- تقلبات المناخ.
4- إصابة النباتات بالأمراض و عدم مكافحتها.
5- تفشي الفساد وسوء العدالة في توزيع الثروات
6- التضخم السكاني الكبير .
كما يعرف خط الفقر وفقاً البنك الدولي بإنه أدنى مستوى من الدخل يحتاجه المرء أو الأسرة حتى يمكن توفير مستوى معيشة ملائم في بلد ما ، في حين يعرف الفقر المدقع بإنه الفقر الذي يتمثل في العجز عن توفير تكلفة المتطلبات الضرورية من مأكل وملبس ومسكن رعاية صحية واجتماعية .
ويحتسب خط الفقر وفق لعوامل ومحددات عدة أبرزها مستوى تكلفة المعيشة ، القيمة التعادلية للعملة المحلية أو سعر الصرف ، مستوى دخول المواطنين ، الحد الأدنى للمعاشات الاساسية والتقاعدية ، تكلفة السلع الأساسية من غداء ودواء ووقود وإلى مستوى الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وحالة البنى التحتية وما إلى ذلك من محددات .
كما إن قيمة هذا الخط أي خط الفقر تحدد وفق لكل بلد على حدا ، فمثلاً خلال العام 2007 م حددت اللجنة الشعبية العامة التخطيط خط الفقر عند 336 دينار أي ما يعادل 240 دولار شهر لكن بيانات رسمية في 2011 م تقول إن خط الفقر عند 550 دينار شهرياً أي ما يعادل 392 دولار .
وبالتأكيد هذا الخط اليوم أرتفع مع إنخفاض قيمة الدينار وإرتفاع معدلات التضخم سيما فيما يتعلق بأسعار السلع والخدمات فضلاً عن سوء البنى التحتية وتدهور الخدمات الأساسية ناهيك بالطبع عن حالات النزوح وما خلفته الحروب من أضرار .
وبالعودة إلى محور الموضوع فإنه يمكن القول إن ما صرح به السيد الوزير أقرب جداً للحقيقة ودقيق إلى حداً ما .
فاليوم المواطن الليبي وللأسف لا يتحصل حتى على حاجته الكافية من الغداء أبرزها رغيف الخبز و الألبان واللحوم والتونة والبيض والمياه الصالحة للشرب وغيرها من سلع كالدقيق والزيوت ومعجون الطماطم والأرز في ظل إرتفاع أسعارها ، وكذلك فيما يتعلق بأسعار العقارات والعلاج والدواء التي أرتفعت فضلاً عن ورداءة الخدمات التعليمية والصحية بالمرافق الحكومية .
كما إن أبعاد الأمن الغدائي الخمسة التي حددتها منظمة الفاو والمشار إليها أعلاه أصبح من الصعب توافرها ، أما فيما يخص التحديات فهي بالفعل أمامنا وهي العائق الأكبر ، فالإنتاج الزراعي والحيواني في البلد أهمل بالكامل من قبل الحكومات ولم يعد له أي وجود وشبح نقص المياه أصبح يلوح في الأفق و التعداد السكاني في إزدياد مضطرد .
أما الفساد فهو يبقى العقبة الأكبر ، فليبيا صنفت مؤخراً كأكثر الدول فساداً بإحتلالها للمركز 194 من أجمالي 196 دولة في العالم وفق للمؤشر السنوي للفساد في العالم عن العام 2021 م والصادر عن مؤسسة Global Risks Profile السويسرية ، والمشكل أيضاً إن مواردها المالية من النفط ومصدرها الوحيد تقريباً في تمويل ميزانيتها وفي توفير كافة إحتياجات مواطينها أصبحت محدودة فياساً بحجم الإنفاق العام وفي ظل تفاقم الدين العام ونفاذ الإحتياطيات .
والسؤال ما هي الحلول والمخارج يا حكوماتنا لتفادي وقوع البلد في أزمة أمن غدائي وفقر مدقع ؟