Skip to main content
حبارات يكتب: كيف يؤثر الإنفاق التنموي إيجابياً على سعر صرف الدينار ؟
|

حبارات يكتب: كيف يؤثر الإنفاق التنموي إيجابياً على سعر صرف الدينار ؟

كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً

الكثير من المواطنين يعتقدون إن الإيرادات النفطية والفائض في ميزان المدفوعات ورصيد الإحتياطي الأجنبي أهم المؤشرات التي تؤثر مباشرةً في تحديد سعر صرف الدينار أمام العملات الأجنبية .

وصراحةً هذا الإعتقاد صحيح ولكنه يبقى غير كافي Unsufficien ، فالإنفاق الحكومي التنموي أو الإستثماري المرشد والمنظم والذي يتم وفق لدراسات وخطط وإستراتيجيات متوسطة وبعيدة المدى تأخد في الإعتبار إقتراح وًتنفيذ المشروعات وفق لاأولوياتها يلعب دور كبير ومهم جداً ويؤثر إيجاباً في سعر الصرف .
وهذه حقيقة وواقع لكن يبقى السؤال كيف ؟
وفيما يلي توضيحاً لذلك .

1- عندما تولي الحكم أهمية قصوى لقطاع الصحة من خلال إنفاقها على إنشاء المستشفيات المركزية في مختلف التخصصات وتزودها بالكوادر الطبية المؤهلة والمتخصصة وبالأجهزة والمعدات الحديثة وبما يكفل تحسين وتطوير نظام الرعاية الصحية ، فإن أنفاقها هذا حتماً سيؤدي إلى التقليل وبشكل كبير من إعتماد مواطينها على الخارج لغرض العلاج ما سيوفر كميات لا بأس بها من النقد الأجنبي كانت ستوجه إلى الإحتياطيات الأجنبية لتلك الدول .

2- الإنفاق الحكومي التنموي بهدف تطوير والرفع من كفاءة التعليم العالي والمتوسط عبر إنشاء المدارس والجامعات النموديجية في مختلف التخصصات والمجالات وتأهيل الكوادر البشرية ودعمها بالوسائل التعليمية الحديثة ، هذا الإنفاق من شأنه أن يسهم في التقليل من الإعتماد على الخارج لغرض الدراسات العلياء والتدريب ومن ثم سيقلل من مدفوعات النقد الأجنبي للخارج ما سينعكس إيجاباً على رصيد الإحتياطي .

3- الإنفاق التنموي على إنشاء وتطوير مراكز التدريب المهني وًالحرفي في كافة التخصصات كأعمال البناء والحدادة والنجارة والحلاقة وًالسباكة وسمكرة وميكانيكا السيارات والكهرباء وأعمال الديكور وغيرها من حرف ودعمها بالكوادر المتخصصة ، هذا الإنفاق سيؤدي حتماً إلى خلق وتوفير فرص عمل حقيقية للعمالة الوطنية عوضاً عن العمالة الاجنبية وسيقلل من تدفق العملات الأجنبية إلى الخارج كما يخفف العبء على الجهاز الإداري المترهل .

4- الإنفاق على إنشاء و تطوير المنتزهات والشواطئ والمنشأت والمرافق السياحية بالتأكيد سيشجع السياحة الداخلية ويقلل من الإعتماد على السياحة الخارجية ومن ثم توفير نقد أجنبي كان موجه لهذا الغرض .

5- الإنفاق التنموي على إستصلاح وتعمير الاراضي الزراعية وًتوفير المياه والمستلزمات الزراعية و البدور والاسمدة وتشجيع ودعم المزارعين ومنحتهم القروض اللازمة ، هذا الإنفاق بالتأكيد حيسهم في زيادة الانتاج المحلي من الحبوب وسيقلص فاتورة استيراد الغذاء ما سيؤدي إلى دعم احتياطي البلاد من النقد الاجنبي .

6 – الإنفاق التنموي عبر الإستثمار في قطاع النفط لتأهيل البنى التحتية للقطاع من شأنه أن يؤدي لزيادة  الطاقة والقدرات الانتاجية لتلك المنشأت مما يزيد من صادرات وإيرادات البلاد من النفط وهذا بالتأكيد سيعزز إحتياطي البلاد من النقد الأجنبي .

7- الإنفاق التنموي على قطاع الصناعة عبر تشجيع المواطنين والقطاع الخاص بمنحهم القروض والاعفاءات الجمركية والضريبة من خلال إنشاء المصانع في مجالات تصنيع المواد الغدائية والأدوية والملابس ومستلزمات الأطفال وقطع الغيار إلى جانب دعم المربيين وتوفير الإعلاف الحيواني كل هذا سيؤدي إلى تقليص فاتورة إستيراد تلك السلع إلى جانب اللحوم والألبان ومشتقاتها بنسب معتبرة ما يعني تخفيف العبء على رصيد الاحتياطي .

8- الإنفاق التنموي على البنى التحتية وتطويرها من شبكات طرق ومواصلات ومطارات وموانئ وملاعب رياضية ومناطق حرة وشبكات كهرباء كل هذا سيؤدي إلى تدفق المزيد من الإستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية للبلاد وتدفق هذه الاستثمارات بالتأكيد تدعم لإحتياطي البلاد من النقد الأجنبي ودعم لقوة الدينار .

وصراحةً هناك الكثير من الطرق والمجالات التي يمكن أن يساهم فيها الإنفاق التنموي وبشكل غير مباشر في دعم قوة الدينار أمام العملات الأجنبية ، وبالاضافة لهذا الدور فالإنفاق التنموي على هذا النحو يلعب دور مهم أيضاً في خلق الوظائف و تخفيض معدلات التضخم و رفع حجم الناتج المحلي للبلاد ومتوسط دخل الفرد وتحسين مستوى معيشة مواطينها .

وأخيراً فكل ما ذكرته ليس بالغريب أو الجديد فهذا ما تنتهجه معظم دول العالم أبرزها مصر وًتونس والمغرب و غيرها بل حتى دول الخليج النفطية أعادت مؤخراً النظر في سياساتها وإستراتيجياتها في شأن تنويع مصادر دخلها عبر التقليل تدريجياً من إعتمادها على النفط بحيث يصبح دخلها القومي مع حلول 2030 م خالي من إيرادات النفط .

لكن للأسف حكوماتنا السابقة والمتعاقبة لا تعير أي إهمية لمثل هذه الموضوعات فجل تركيزها على النفط ثم النفط أو مفاقمة الديون وإستنفاذ الإحتياطيات في حال تعطله أو عدم كفاية إيراداته فهي لا تعتبره وسيلة لتنويع مصادر دخل البلاد ويبدو إنها لا تؤمن بإنه سلعة ناضبة قابلة للزوال عند زمن معين .

مشاركة الخبر