
| مقالات اقتصادية
حبارات يكتب: كيف يفهم نص المادة (24) من مقترحات لجنة فبراير التي تضمنها التعديل الدستوري السابع ؟؟؟
كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً
الصرف بموجب 1/12 من إعتمادات السنة المالية السابقة آلية متعارف عليها أي Generally Accepted ومتبعة في معظم دول العالم تقريباً وذلك في الحالات التي لا يتم فيها إقرار الميزانية العامة خلال الأجال المقررة لها وهي قبل بدء السنة المالية الجديدة ( 2021) لأي سبب كان ، إما لعدم إنعقاد جلسات البرلمانات أو بسبب عدم التوافق بين الكتل النيابية أو لعدم بلوغ النصاب المحدد أو لأي سبب أخر .
وليبيا ليست إستثناء من ذلك ، فالمادة الثامنة من قانون النظام المالي للدولة نصت صراحةً على الأتي ( إذا لم يتم إقرار الميزانية الجديدة قبل بدء السنة المالية تفتح بقرار من مجلس قيادة الثورة إعتمادات شهرية مؤقتة على أساس جزء من أثنى عشر من إعتمادات السنة السابقة )
ومن خلال النص المذكور يتضح لنا ما يلي .
1- هذه الألية يعمل بها في شهر يناير بإعتبار السنة المالية في ليبيا وفق القانون المذكور تبدا في 1/1 وتنتهي في 31/12 وقانون الميزانية كان يفترض إقراره قبل هذا التاريخ ولا يعمل بها بعد ستة أو سبعة أشهر من بداية السنة المالية.
2- هذا الألية لا تجيز للحكومة إقرار أو صرف أي زيادة في أي باب من أبواب الميزانية وإنما يجب عليها الإلتزام بالصرف على الأبواب و البنود في حدود الإعتمادات الشهرية للسنة السابقة ، فمثلاً لو إفترضنا جدلاً إذا كانت قيمة الميزانية المعتمدة للسنة المالية 2020 م ب 60.000 مليار دينار فإن قيمة الإعتماد الشهري المؤقت للسنة الحالية 2021 م هو 5.000 مليار دينار.
3- هذه الألية تعني ضمنياً كما و لوكانت السنة المالية السابقة ثلاثة عشرة شهر في حالة العمل بها حتى نهاية يناير , أو أربعة عشرة شهر في حال إستمرارها حتى نهاية فبراير و هكذا إلى حين إقرار الميزانية.
4- هذه الألية تعزز دور السلطة التشريعية أو مجلس النواب في مراقبة أوجه التصرف في المال العام والتأكد من حسن إدارته من قبل الحكومة ، لإن أي زيادة في إعتمادات الأبواب عن السنة السابقة تتطلب موافقته ( مجلس النواب ) وإلا آعتبرت مخالفة تستوجب المساءلة .
لكن التعديل الدستوري السابع الذي تم بموجبه تضمين مقترحات لجنة فبراير خلال شهر مارس من العام 2014 م خلط الأوراق وأفرغ المادة المذكورة أعلاه من محتواها .
فالمادة (24) المثيرة للجدل من هذه المقترحات تنص على الأتي ( يجوز حال تأخر إصدار قانون الميزانية
الصرف بموجب 1/12 من مشروع الميزانية المقترح ) .
ومفهوم هذا النص يتيح للحكومة سلطات أو صلاحيات واسعة في إقتراح تخصيص الأموال وزيادتها و نقلها من باب إلى أخر وإستحذات أبواب أو بنود جديدة كصناديق سيادية لإعادة الإعمار أو صناديق لدعم الزواج أو للإقراض السكني أو غيرها والبدء في صرفها دون حاجتها لمصادقة مجلس النواب على مشروع قانون الميزانية التي بالتأكيد ستعمل على تجنبها لإنها ستفيدها ، وإن هذا المجلس لم يعد له أي دور في الرقابة على الميزانية و هي أهم وظائفه ولم تعد الحكومة أصلاً بحاجة لملاحظاته و تعديلاته .
و للتوضيح إذا كان مشروع الميزانية المقترح للعام الحالي ب 93 مليار دينار فهذا يعني يجوز للحكومة صرف ما مقداره 7.750 مليار دينار شهرياً وطالما نحن في أغسطس فإن المبالغ التي يجوز للحكومة صرفها وفق المادة (24) تناهز من 62 مليار دينار أما إذا كان مشروع الميزانية المقدم ب 111 مليار دينار فإن المبالغ المسوح بها قد تصل 74 مليار دينار حتى نهاية أغسطس الجاري .
وفي الختام صحيح المادة المذكورة غلت أو شلت يد مجلس النواب عن ممارسة مهامه الموكلة له والذي أصبح عاجزاً كما يبدو رغم إنه عاجز في الأصل ، لكن بالتأكيد ضعفه و تشظيه هو السبب الأول و المباشر في كل ذلك، لإن بإمكانه إلغاء تلك المادة عبر إجراء تعديل للإعلان الدستوري المؤقت وممارسة دوره كما ينبغي وذلك متى توحد أعضاءه وتجاوزوا خلافاتهم وغلبوا مصلحة الوطن عن مصالحهم الشخصية الضيقة .