Skip to main content
حبارات يكتب: لماذا لا نرى مقترحات من الحكومة ومطالب لرفع الدعم عن الكهرباء أسوة بالوقود رغم ضخامة الأموال المخصصة وتدهور الخدمات؟
|

حبارات يكتب: لماذا لا نرى مقترحات من الحكومة ومطالب لرفع الدعم عن الكهرباء أسوة بالوقود رغم ضخامة الأموال المخصصة وتدهور الخدمات؟

كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً

الدولة كما هو معروف تدعم في خدمات الكهرباء وتقدمها للمواطنين بأسعار رخيصة أو زهيدة مقارنةً بدول الجوار وبالطبع هذا الدعم منفصل عن دعم الوقود .

ولكن منذ عام 2013 م هذا الدعم توسع بشكل كبير جداً فالشركة لم تعد تمول داثياً كما كان في السابق و ذلك بعد أن تخلت و بشكل كبير عن الجباية من جهة وتوسعها في التوظيف وزيادة المرتبات والعلاوات من جهة أخرى أي الشركة تحولت كما ولو كانت وزارة أو هيئة حكومية ترصد لها سنوياً مخصصات من الميزانية العامة للدولة وذلك بدلاً من إعتمادها على مواردها الذاتية أسوة بشركات دول العالم .

والدعم الحكومي للشركة لم يعد يقتصر على مرتبات ومزايا العاملين ونفقات التسيير بل يشمل النفقات التنموية للشركة والمتعلقة بإنشاء محطات توليد الكهرباء وتشغيلها وكذلك النفقات المتعلقة بالصيانة أو إعادة العمرة للمحطات القائمة وذلك بهدف زيادة ورفع القدرة الإنتاجية لمواجهة الطلب والإستهلاك المتزايد والذي يقدر اليوم بأكثر من 9000 ميغاوات وبزيادة تقارب بما نسبته ‎%‎100 عن معدلاته في 2013 م .

حيث بلغت قيمة المبالغ المستثمرة في هذا القطاع أي الكهرباء منذ 2013 م حتى يومنا هذا قرابة 12 مليار دينار وفق لتصريح السيد وزير التخطيط المكلف بحكومة الوحدة الوطنية أمس منها ما يقرب من 729 مليون دينار في العام 2020 م ومبلغ 840 مليون دينار في العام الماضي 2021 م وذلك وفق لبيانات المركزي ( مرفق صورة ) .

وعلى الرغم من ضخامة المبالغ المنفقة على مدار السنوات الماضية فإن الخدمات المقدمة للمواطنين في تدهور مستمر وبشكل متزايد من سنة إلى أخرى مما فاقمت وبشكل كبير من معاناة المواطنين وأصبحت حياتهم لا تطاق وكانت سبب رئيس ومباشر في إندلاع موجات الغضب الشعبي سابقاً ومؤخراً في معظم مدن البلاد ،فخدمات الكهرباء من أهم الخدمات الأساسية الإستراتيجية وشريان للحياة ولا يمكن أن تستقيم وتسير الحياة بدونها فمن خلالها تضخ المياه وتشغل قطاعات الزراعة والصحة والصناعة والمنازل و المقاهي وكل شيء .

لكن الغريب في الأمر ورغم التدهور الكبير وحجم المعاناة لم نرى الحكومة التي أعترفت أمس بفشلها الذريع في التعاطي مع أزمة الكهرباء تقترح رفع الدعم عن خدمات الكهرباء أسوة بإقتراحها لرفع الدعم عن الوقود بسب الفساد المستفحل في الشركة وسوء إدارتها ناهيك عن إهمال الجباية وعمليات السطو والسرقات للكوابل والأسلاك الكهربائية التي تتم بشكل يكاد يومي كما لم نرى أيضاً مواطنين يؤيدون مقترح كهذا كما نراهم اليوم في تأييدهم لرفع أو إستبدال دعم الوقود رغم إن إستفادة المواطنين بدعم الوقود كبيرة ولا تقارن بإستفادتهم من دعم الكهرباء .

فحتى من ليس لديه مركوب بطريقة أو بأخرى مستفيد من الوقود ، فرب العائلة حينما يقوم بنقل أبنائه القصر إلى المدارس أو الحدائق فهم مستفيدين من الوقود وكذلك عندما ينقل والديه الكبار في السن إلى المستشفى لغرض العلاج فهولاء أيضاً مستفدين ويبقى فقط أهلنا في الجنوب وفي مناطق أخرى فهولاء بالفعل غير مستفدين بالوقود وذلك بسبب فشل الحكومة في إيصال الإمدادات إلى مناطقهم .

وفي الختام فالسؤال هو ألا يعتبر إنفاق مبالغ ضخمة على الكهرباء في مقابل تدهور الخدمات فساداً يستوجب من الحكومة إعادة النظر في سياسة الدعم أسوة بمقترحها لإستبدال دعم الوقود ؟

هل الفساد يقتصر في دعم الوقود فقط وما نراه في الكهرباء ليس بفساد رغم ضخامة الأموال التي تخصص والمعاناة التي تتفاقم بسبب تدهور الخدمات ؟
وماذا عن العدالة في الإستفادة من دعم الكهرباء فهناك ناس كثر من يملكون مصانع ؟

لماذا لا نرى مقارنات لجودة خدمات الكهرباء وتكلفتها بدول الجوار كتونس ومصر التي لا تنقطع عنهم رغم كثافة تعدادهم السكاني و توسع قطاعهما الصناعي ، أما المقارنة مقتصرة على الوقود فقط ؟

أما إن الحكومة تدرك مسبقاً ردة فعل الغضب الشعبي وتداعياته في حال حتى التفكير على تقديم مقترح كهذا لإن ذلك سيكون بمثابة نهايتها وإنهيار حتمي ( للنظام السياسي ) برمته.

مشاركة الخبر