كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً.
المقصود بفتح إعتمادات شهرية مؤقتة أو ما يعرفTemporary monthly credits هو ألية للصرف تتبع عادةً من قبل الحكومات ومنصوص عليها في دساتيرها أو في تشريعاتها المالية وذلك فقط في الحالات التي لا تقر فيها الميزانية الجديدة قبل بدء السنة المالية بسبب الظروف التي يتعذر فيها إنعقاد جلسات البرلمانات أي السلطة التشريعية لأي سبب كان أو أحياناً بسبب عدم توافق أعضاءها على مشروع الميزانية المقدم لها لعدم حصول التصويت بشأنه على النسب المقررة لإقراره والتي قد تكون بالأغلبية المطلقة أي %50 زايد واحد وأحياناً بنسبة %60 كما هو في ليبيا اليوم .
وقرار الصرف بموجب هذه الألية هو في حد ذاته ترخيص مؤقت أو إجازة له عادةً ما يصدر مع بداية السنة المالية الجديدة أو في أشهرها الأولى كحد أقصى .
و جزء من إثنى عشر أو 1/12 تعني لنا تقسيم قيمة الإعتماد السنوي لأي باب من الأبواب الميزانية للسنة المالية السابقة على أثنى عشر جزء أو شهر بحيث يجوز للحكومة صرف ناتج القسمة بمعدل شهري ولا تتعداه .
فمثلاً لو أفترضنا جدلاً إن مخصصات الباب التاني في ميزانية 2020 م تقدر ب 6.000 مليار دينار فإن قيمة الإعتماد الشهري المؤقت لهذا الباب المسوح بِه خلال العام 2021 هو 500 مليون دينار فقط ولا يجوز للحكومة تجاوز هذا السقف .
هذا ولم يخرج نظام القانون المالي للدولة على هذا السياق حيث نصت المادة االتامنة منه على الأتي ( إذا لم يتم إقرار الميزانية الجديدة قبل بدء السنة المالية تفتح بقرار من مجلس قيادة الثورة آعتمادات شهرية مؤقتة على أساس جزء من إثنى عشر من إعتمادات السنة السابقة ).
كما لا يتطلب الصرف بموجب هذه الألية إصدار تفويضات مالية تبين بنود وأوجه الصرف وأغراضه بإعتبار هذا الإجراء يتطلب صدور قانون للميزانية ، وبمجرد صدور هذا القانون تتم تسوية قيمة الإعتمادات الشهرية من قبل وزارة المالية وذلك بخصمها من الميزانية المعتمدة .
وبالتعريج على قرار مجلس الوزراء رقم ( 23 ) لسنة 2021 م بشأن الإذن بفتح أعتمادات شهرية مؤقتة والصادر مؤخراً فإنه تشوبه بعض المخالفات أبرزها .
1- صدور القرار حالياً إعتراف ضمني من الحكومة بأن كافة المبالغ التي صرفت منذ إعتمادها قد صرفت بالمخالفة للقانون.
2- القرار المذكور صدر متأخر جداً وكان يفترض صدوره مع بداية السنة المالية أو فور إعتماد الحكومة كحد أقصى و ليس مع قرب منتصف السنة المالية الحالية.
3- هناك مشكلة أو معضلة ستواجه الحكومة في مسألة 1/12 من إعتمادات السنة المالية السابقة فهل المقصود السنة المالية السابقة لحكومة الوفاق والمحددة ميزانيتها ب 38،5 مليار دينار ؟ أم السنة المالية السابقة لميزانية للحكومة المؤقتة المعترف بها سابقاً من قبل مجلس النواب والمنبثقة عنه والتي قد لا يتجاوز حجم ميزانيتها 11 مليار دينار؟.
وفي الختام يجب الإشارة إلى أنه كلما طالت فترة الصرف بموجب إعتمادات شهرية مؤقتة كلما زاد إصرار مجلس النواب على تخفيض مشروع الميزانية للعام الحالي 2021 م .
فإذا كانت حجم ميزانية حكومة الوفاق للعام 2020 م ب 38.500 مليار دينار على مدار عام كامل فكيف سيتم اقرار ميزانية بقيمة 93 مليار دينار بعد التعديل وبزيادة قدرها 55 مليار دينار وبما نسبته %240 لتصرف في غضون سبعة أو ستة أشهر فقط متبقية؟ فبالتأكيد ميزانية بهدا الحجم في هذه الفترة الوجيزة من شأنه أن تفتح أبواب الفساد والهدر في المال العام على مصرعيه ما يجعل مطالب وإصرار مجلس النواب محقة وفي محلها ولها ما يبررها .