Skip to main content
حبارات يكتب: هل تؤثر حصيلة الإيرادات السيادية على سعر الصرف وكيف ؟
|

حبارات يكتب: هل تؤثر حصيلة الإيرادات السيادية على سعر الصرف وكيف ؟

كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً

الإيرادات السيادية وكما هو معروف هي الإيرادات التي تحددها وتقرها سلطات الدولة التشريعية والتنفيذية بموجب قوانين أو مراسيم صادرة عنها وذلك بحكم سيادتها على أراضيها كالضرائب المباشرة والغير مباشرة ( الجمارك ) والاتاوات ورسوم الخدمات وإيرادات الخصخصة الناتجة عن مبيعات مشروعات القطاع العام والإيرادات الناتجة عن تأجير أملاك الدولة إلى جانب فوائض الشركات العامة وغيرها من إيرادات .

وفي جميع دول العالم يشكل هذه النوع من الإيرادات المصدر الأساسي والأهم في تمويل الميزانية العامة ، وإرتفاع حصيلتها من عدمها ينعكس مباشرةً على نسبة العجز في الميزانية وعلى رصيد الدين العام كما إنه ينعكس بشكل غير مباشر على العجز في ميزان المدفوعات وعلى حجم الاحتياطي الأجنبي .

وصراحةً عامة المواطنين لا يروا إن حصيلة هذه الإيرادات تؤثر أو لها علاقة بسعر صرف الدينار أمام الدولار بإعتبار هذه الإيرادات تحدد قيمتها ويتم تحصيلها وتوريدها بالعملة المحلية أي بالدينار وليس بالدولار كما هو الحال في الإيرادات النفطية .

ومثلما إرتفاع الإنفاق العام يؤثر سلباً في سعر الدينار أمام الدولار في بلد يستورد كافة إحتياجاته من الخارج ، فإن العكس صحيح أي إرتفاع الإيرادات السيادية تؤثر إيجاباً في سعر صرف الدينار أمام الدولار في بلد تمثل مبيعات النقد الأجنبي المصدر الوحيد تقريباً في تمويل ميزانيته ، ولتوضيح ذلك نورد المثال التالي .

بلغ إجمالي إلإنفاق الحكومي الفعلي خلال العام المنصرم 2021 م وفق لبيان المركزي قرابة 86 مليار دينار ( مرفق صورة ) وذكرت الحكومة إن هذا المبلغ يعادل ما قيمته 19 مليار دولار . أي .000 19 مليار دولار * 4.48 دينار = 86.190 مليار دينار .
في حين بلغت الإيرادات السيادية ما قيمته 2.300 مليار دينار فقط .

ونظراً لضعف قيمة الإيرادات السيادية التي لا تتعدى نسبتها ‎%‎02.7 من إجمالي الإنفاق العام و ما نسبته ‎‎%‎02.2 من إجمالي الإيرادات ( النفطية والسيادية ) والمقدرة ب 103.000 مليار دينار خلال العام 2021 م ، فإن تأثير هذه الإيرادات على الميزانية الميزانية العامة وميزان المدفوعات شبه معدوم .

لكن لو أفترضنا جدلاً إن الحكومة تشتغل بكفاءة وتولي إهتماماً بالإيرادات السيادية شأنها شأن حكومات العالم وإستطاعت جباية إيرادات بقيمة 16 مليار دينار من إتفاق عام قدره 86 مليار دينار فإن إيرادات سيادية بهذه القيمة أي ب 16 مليار دينار كافية لسداد ‎%‎50 من فاتورة المرتبات المقدرة ب 33 مليار دينار .

وهذا يعني توفير الحكومة لإيرادات نفطية بالنقد الأجنبي بقيمة 3.600 مليار دولار .

أي بدلاً أن تدفع الحكومة 19 مليار دولار لتمويل إتفاق عام ب 86 مليار دينار فإنها في هذه الحالة ستدفع أقل كما في الأتي .

إيرادات سيادية 16.000 مليار دينار
إيرادات نفطية 70.000 مليار دينار ( 15.60 مليار دولار ) .
وبالتأكيد الوفر في الإيرادات النفطية المقدر ب 3.600 مليار دولار سيؤدي إلى ظهور فائض في ميزان المدفوعات بهذه القيمة ويتزايد به رصيد الإحتياطي الأجنبي لدى المركزي .

ما سيسمح للمركزي في حال توافر الظروف وفي ظل سياسة مالية منضبطة إلى إعادة النظر في سعر الصرف حتى عند 3.70 دينار للدولار دون مساسه برصيد الإحتياطي وتعديل بهذا القدر أي تخفيض قرابة 800 درهم عن كل دولار بالتأكيد سينعكس إيجاباً على المستوى العام في أسعار السلع والخدمات سيما الأساسية منها وعلى القدرة الشرائية للمواطنين .

فإعتماد مستندي بقيمة مليون دولار يكلف 4.480 مليون دينار عند سعر 4.48 دينار للدولار ، فعند سعر 3.70 دينار للدولار يكلف 3.700 مليون دينار فقط وهكذا .

وفي الجانب الأخر تحقيق الحكومة لإيرادات سيادية بالقيمة المذكورة سينعكس إيجاباً على الميزانية العامة وذلك في ظهور فائض ما سيمكنها من إطفاء جزء من الدين العام المتراكم أو إستخدامه في دعم حساب الإحتياطي العام .

وفي الختام تبقى مسألة إعادة النظر في سعر الصرف ممكنة في حال تفعيل وثيرة جباية الإيرادات السيادية وضبط وترشيد الإنفاق العام وفي ظل انتعاش إيرادات النفط وتناغم وتناسق السياسات الاقتصادية بين الحكومة والمركزي فضلاً عن مكافحة الفساد الذي يعتبر التحدي والعائق الأكبر أمام جهود أي إصلاح .

حبارات يكتب: هل تؤثر حصيلة الإيرادات السيادية على سعر الصرف وكيف ؟
مشاركة الخبر