كتب: نورالدين حبارات المهتم بشأن الاقتصادي مقالاً
بلغ الإنفاق العام خلال 2021 م وفق لبيانات عن المركزي قرابة 86.000 مليار دينار تفاصيله كالتالي .
مرتبات 33.000 مليار دينار
الباب التاني 8.000 مليار دينار
باب التنمية 17.000 مليار دينار
الباب الرابع. 20.800 مليار دينار
الطوارئ. 6.500 مليار دينار
الإجمالي. 85.300 مليار دينار
وترتكز قرائتنا على الفرضيات التالية .
1- المركزي كان يهدف من قرار تخفيض قيمة الدينار وبالدرجة الأولى الحفاظ على إحتياطيه من النقد الأجنبي أو للحد من استنزافه وتوفير مصادر تمويل للحكومة وذلك بعد أن تخطي الدين العام حاجز 150.000 مليار دينار .
أي إن مبيعات النقد الأجنبي هي مصدر تمويل الميزانية ، فعندما اقترحت الحكومة ميزانيتها ب 93.000 مليار دينار فهي تعني حصولها على إيرادات نفطية لا تقل عن 20.000 مليار دولار يتولى المركزي بيعها لكافة الأغراض بمبلغ 90.000 مليار دينار على سعر 4.48 .
3- الزيادة في الإنفاق العام في مختلف أبواب الميزانية تعني زيادة في دخول المواطنين ومن ثم زيادة طلبهم وإستهلاكهم للسلع والخدمات أي تعني إرتفاع في قيمة فاتورة الإستيراد والضغوط أكثر إستخدامات النقد الأجنبي .
وعليه وبناء على ذلك كانت أمام حكومة الوحدة فرصة لتجنب حالة الركود التضخمي وذلك إذا ما أعتمدت خطط وتدابير إقتصادية ومالية تهدف لضبط وضغط الإنفاق العام من جهة وتفعيل إجراءات الجباية للإيرادات السيادية من ضرائب.
وجمارك ورسوم خدمات وفوائض شركات عامة من جهة أخرى،
خاصةً وإنها أتت لمهمة محددة سلفاً وهي تحقيق الأمن وإرساء الإستقرار في كافة ربوع البلاد وتوحيد المؤسسات وإجراء الانتخابات في الموعد الذي كان محدد لها سلفاً ولم تكن مطالبة بتحقيق التنمية وإصلاح الاقتصاد وغيرها من مهام شاقة فهي ليس حكومة منتخبة حتى تقوم بذلك .
حيث كان يتوجب عليها أي على الحكومة القيام بالأتي:
1- تخفيض نفقات الباب التاني الذي يتعلق معظمه بنفقات الجهاز الإداري إلى قرابة النصف أي بمقدار 4.000 مليار دينار ، فالإنفاق على هذا الجهاز المترهل لا طائل منه لإنه غير منتج ويشكل عبء كبير على خزانة الدولة واقتصادها .
2- تخفيض نفقات التنمية بمقدار الثلثين، فالإنفاق التنموي يحتاج لخطط وإستراتيجيات و دراسات مسبقة وأمن وأوضاع مستقرة في كافة ربوع البلاد حتى يتسنى لها أي للحكومة واجهزتها متابعة تنفيذ المشروعات والإشراف عليها ومراقبتها بشكل جيد وهذا كله للاسف لم يكن متاح ، وتخفيض بمقدار الثلثين يعني لنا توفير قرابة 12.000 مليار دينار من باب التنمية .
3- تخفيض نفقات باب الدعم بنسب %20 على الأقل حيث كان من الممكن ضبط وترشيد فاتورة الوقود والدعم المخصص لجهاز الإمداد الطبي لغرض شراء الأدوية والمستلزمات الطبية وكذلك الدعم المخصص لشركة الكهرباء وغيره ، وتخفيض باب الدعم بنسبة %20 يعني لنا توفير قرابة 4.000 مليار دينار .
4- كان يتوجب على الحكومة إلغاء باب الطوارئ ، فميزانية الطوارئ تتطلب ظروف إسثتنائية غير إعتبادية لم تكن موجودة خلال العام 2021 م فضلاً عن إنها تنظمها قوانين ولوائح مالية محددة ، و إلغاء باب الطوارئ يعني لنا توفير مبلغ 6.500 مليار دينار .
وفي الجانب الأخر كان بإمكان الحكومة رفع قيمة الايرادات السيادية إلى قرابة 5.000 مليار دينار بدلاً من 2.500 مليار دينار التي حصلتها خلال العام 2021 م و ذلك في حال ما قامت بتفعيل أليات الجباية والتحصيل للضرائب والاتاوات والديون المستحقة .
وعليه فإن إجمالي الوفورات في الأبواب جراء التخفيض والزيادة في الإيرادات السيادية تقدر ب 29.000 مليار دينار وما يعادل 6.500 مليار دولار ومبلغ كهذا كان كافي لدعم رصيد الإحتياطي النقد الأجنبي .
وحيث إن منذ مطلع العام الحالي شهدت أسواق النفط طفرة نفطية كبيرة هي الأولى منذ سنوات فإنه مع إستمرار سياسة ضبط و ترشيد الإنفاق فتلك الطفرة كانت كافية لتعزيز ودعم احتياطيات البلاد أكثر من النقد الأجنبي مما يهيء الظروف أمام المركزي لإعادة النظر في سعر الصرف عند معدلات 3.75 إلى 3.5 دينار للدولار دون صعوبة الأمر الذي من شأنه أن ينعكس إيجاباً على المستوي العام للاسعار وعلى القدرة الشرائية لمرتبات المواطنين ومدخراتهم والخروج من حالة الركود ،
لكن للاسف يبدو أن الحكومة لم تكن تدرك أهمية تلك التذابير و نجاعتها ليجد المواطنين اليوم أنفسهم أمام ركود اقتصادي معقد أرهق قدرتهم الشرائية وفاقم من معاناتهم والخروج منه أصبح صعب ويتطلب الكثير والكثير من الجهود .