هل المؤسسة الوطنية للنفط رفضت بيع امتيازات شركة الواحة لمستثمريين ليبيين؟
أثار إعلان المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس عن بيع 16% من امتياز شركة ماراثون أويل الأمريكية في الواحة لصالح المستثمر الفرنسي شركة توتال، استياء الكثير من المسؤولين والخبراء في مجال النفط معربين في الوقت نفسه عن رفضهم للخطوة التي أقدمت عليها المؤسسة.
بعد الإعلان عنها، أعطى رئيس مجلس الإدارة مصطفى صنع الله سببين للموافقة، أولهما الالتزام بالاستثمار والثاني مكافأة إضافية بقيمة 150 مليون دولار تدفعها شركة توتال وتخصص للمسؤولية الاجتماعية. ومع ذلك لا تزال مؤسسة النفط الوطنية تمتلك 59.18% من امتيازات الواحة، إضافة إلى الجهات المعنية الأخرى “Conoco Phillips” بنسبة 16.33% و شركة “Hess Corp” بنسبة تصل إلى 8.16%.
وعلى الرغم مما سبق، لم تقنع الأسباب التي ساهمت في جعل المؤسسة تكمل الصفقة، منافسي صنع الله في شرق البلاد إضافة إلى مسؤولين آخرين في الدولة وخبراء نفطيين.
تمثل عملية بيع 16% من امتياز ماراثون أويل حصول المؤسسة على بعض الأرباح، لكنها في مقابل ذلك خسرت احتياطي نفطي حقيقي. يمكن تبرير رغبة المؤسسة في بيع الحصة نتيجة إصرار الشريك الأمريكي على الانسحاب من ليبيا منذ فترة طويلة إضافة إلى غياب المستثمر الوطني الذي يملك قدرات عالية.
يُصر معارضي الصفقة مع توتال وعلى رأسهم إدارة مؤسسة النفط المنافسة في بنغازي، على أن هناك العديد من الطرق التي تسمح للمستثمر المحلي بالحصول على الصفقة وبالتالي المحافظة على الحصة لصالح الدولة.
مخالفة القوانين
بعد ساعات من الإعلان عن الصفقة، قالت إدارة مؤسسة النفط ببنغازي إنها ترفض وبشدة بيع حصة شركة ماراثون أويل الأمريكية لصالح شركة توتال الفرنسية نتيجة لما قالت عنه إجراء غير قانوني.
يعتقد المسؤلون عن إدارة المؤسسة ببنغازي بأن الصفقة خالفت قوانين النفط الليبية والتي تنص على اختصاص وزير النفط أو الحكومة في القضايا المتعلقة بالبيع والشراء، إضافة إلى قوانين أخرى منظمة، وإن العملية تفتقد للشرعية وتخالف القانون الذي يسمح للمستثمر المحلي بالحصول على أسبقية الشراء.
في الحقيقة، لايمكن تأكيد وجود جهات محلية أبدت رغبتها في الحصول على الصفقة على الرغم من الشائعات التي تتحدث عن طلب المؤسسة الوطنية للاستثمار الحصول على امتياز الواحة.
ردود الفعل الرسمية كانت من رئاسة مجلس الدولة في طرابلس والذي أصدر بيان طالب فيه هيئة الرقابة الإدراية بطرابلس بالعمل على إيقاف الصفقة للحفاظ على ما أسماه حقوق الدولة الليبية.
وأوضحت رئاسة المجلس بأن ما قامت به شركة ماراثون الأمريكية من تنازل عن حصتها يعد تعديلاً لعقدها مع الدولة ودون موافقة السلطات، ومخالف لقانون النفط الذي يحكم عقود الامتياز.
القطاع الخاص
يتحدث البعض عن وجود إمكانية للمؤسسة الوطنية للنفط لاقتراض وتمويل عملية الشراء مع توفير المصروفات الأخرى في حالة عدم امتلاكها للأموال القليلة مقارنة بما يمكن الحصول عليه من عقد الامتياز. إضافة إلى أن المؤسسة الوطنية للاستثمار تستطيع شراء الحصة نظرًا لما تمتلكه من ثروات طائلة خاصة مع العوائد المالية الكبيرة المتوقع أن تحصل عليها من المشروع.
وقال رئيس مجلس إدارة مؤسسة الاستثمار السابق محسن دريجة، إنه لا يعتقد بأن المؤسسة الوطنية للاستثمار قدمت عرضا لشراء حصة شركة ماراثون أويل، نتيجة عدة اعتبارات والتي من بينها أن المؤسسة ترغب في تنويع مصادر الدخل لديها بدون زيادة اعتماد الدولة علي إنتاج النفط.
وفي حديثه لـ”صدى الاقتصادية” أوضح دريجة بأنه سبق ودخلت المؤسسة في استثمارات نفطية ومولت المؤسسة الوطنية للنفط في مشاريع أخرى في مخالفة للأهداف التي أُنشأت من أجلها المؤسسة الوطنية للاستثمار.
وأضاف المسؤول السابق بالقول: خلال الثلاث سنوات الماضية كان هناك فائضا في دخل قطاع النفط وكان بالإمكان توظيف المال لشراء الحصة في حال كانت المسألة نقص التمويل فقط، نحن نعتقد بأنه من السهل الحصول على مستثمرين حتى من خارج القطاع العام أو خارج ليبيا للاستثمار في المشروع.
دور سياسي
من الصعوبة بما كان عدم التحدث عن تأثير الوضع السياسي غير المستقر في مسار عملية بيع حصة ماراثون أويل والتي ذهبت للفرنسيين.
إضافة إلى ذلك، يشير توقيت الموافقة على بيع الحصة والتي تسعى الشركة الفرنسية للفوز بها منذ خمس سنوات تقريبًا إلى وجود ارتباط بين الصفقة وأمور سياسية أخرى.
وقال المتخصص في مجال النفط والغاز حمزة علي، إن هناك استغلال في عملية بيع امتياز شركة الواحة من خلال الموافقة مقابل صفقات سياسية لا تخدم المصالح الاقتصادية للدولة.
وفي حديث لـ”صدى الاقتصادية” أشار حمزة إلى أن المؤسسة الوطنية تعلم جيدًا خطورة أن تخسر امتياز حقيقي من النفط الخام مقابل نصف مليار دولار تقريباً.
ومع ذلك، يتضح بشكل جيد بأن المؤسسة الوطنية للنفط تجنبت المحافظة على الامتياز في ظل ظروف صعبة تمر بها الدولة خلال السنوات الماضية إضافة إلى أنها لا تعول كثيرًا على المستثمر المحلي عبر القطاع العام أو الخاص لأسباب مختلفة.
إن العمل من خلال توقيع عقود امتيازات في ظل الظروف الراهنة هي بمثابة مجازفة كبيرة تقوم بها المؤسسة الوطنية للنفط والذي يراه المراقبون إهدار للطاقة يصعب تعويضه.