| لقاء الأسبوع
“حمودة” لصدى الاقتصادية: هذه أبرز الحلول لإنقاذ القطاع المصرفي الليبي .. و يجب إعادة تكوين الاحتياطي … و رفع الرسم لا يشكل ضرراً
“يجب إعادة تكوين الاحتياطي” و هذه أبرز الحلول لإنقاذ المصارف المتجهة للإفلاس ، و زيادة الرسم لا تشكل خطراً على الاقتصاد ، ويجب إعادة هيكلة الاقتصاد الليبي وعدم اعتماده على النفط فقط ، و الاستثمارات في الخارج تأثرت بجائحة الكورونا لأن إداراتها لم تقوم بإعداد المخطط اللازم لاستمرارية النشاط وهذا ناتج عن سوء الإدارة التقليدي السائد في الإدارات المختلفة في الخارج ، و يعتبر القرار التركي لإلغاء خطابات الضمان سيادي و ستقوم دول الآخرى بذات الإجراء.. هذا أبرز ما تطرق إليه المسؤول السابق بالبنك الليبي الخارجي ، و الخبير المصرفي “محمود حمودة” في لقاء لا يخلو من الصراحة مع صحيفة صدى الاقتصادية ،، و نعرض إليكم مجرياته :
س -كيف ترى ثأثير جائحة كورونا على الاقتصاد الليبي خصوصاً، والاستثمارات الليبية بالخارج عموماً!؟
ج-أتت جائحة الكورونا في اطار الأزمات التي تعيشها ليبيا اقتصادية واجتماعية ومجتمعية، الناتجة عن الحرب وسوء الإدارة والفساد في القطاع العام خصوصاً، وجاءت كورونا في هذه الظروف الصعبة وزادت حجم المصاعب ومعاناة الشعب الليبي.
إن تأثير هذه الجائحة على الاقتصاد ملموس من خلال ما نراه و ما خفي أيضاً من ضعف القطاع الصحي رغم المجهودات الطيبة و رغم الأموال التي خصصت لهذا القطاع ، فالتنظيم ضعيف ، و من الواضح وجود ربكة بين القرارات الحكومية و الميدان و تنفيذها ، و لكن المواطن تعود على هذه الفوضى و يجب أن يؤخذ تأثير كورونا بشكل شامل من ضمن الأزمات والسلبيات الناتجة عن الحرب و سوء الإدارة و الفساد لأن الطبقات الوسطى و الفقيرة زاد فقرها و انخفضت إيراداتها خاصة الصحاب القوت اليومي ، و أصحاب الشركات الصغرى و يجب إيجاد حل لها .
و علينا أن نستفيد من تجربة الدول العظمي و الدول المجاورة لتنفيذ سياسات حكيمة مثل التباعد الاجتماعي و غيرها.
فمجتمعنا صعب لا يراعي الشروط الوقائية والحجر وغيره وسيظهر تأثير كورونا بعد أسابيع قليلة وأشهر و يجب انقاد ما يمكن إنقاذه بالسعي لوقف الحرب وتصحيح الوضع .
أما بخصوص استثماراتنا في الخارج فهي أيضا متأثرة بجائحة الكورونا لأن إداراتها لم تقوم بإعداد المخطط اللازم لاستمرارية النشاط وهذا ناتج عن سوء الإدارة التقليدي السائد في الإدارات المختلفة في الخارج منذ سنوات عديدة وخاصة خلال السنوات الأخيرة منذ انقسام البلاد وفقدان هيبة الدولة وسيطرتها على استماراتنا في الخارج فالإدارة الليبية غائبة في معظم الساحات
س-هل الوقت مناسب لتعديل سعر الرسم على مبيعات النقد الأجنبي ورفع دعم المحروقات؟
ج -الرسم المفروض على مبيعات النقد الأجنبي أقر في ظروف صعبة أيضاً وبضغط أمريكي من المندوبة الأمريكية ستيفاني ويليامز، لأخد ترتيبات مالية وفرض رسم ومن ثم رفع هذا التعديل.
زيادة الرسم لا يشكل خطر بل العكس سيمتص كافة التكنز المتواجد في منازلنا وشركاتنا والكم الهائل من الأموال التي تتواجد خارج القطاع المصرفي و يجب استقطاب هذه السيولة.
فهذه المبالغ وصلت الي أكثر من 20 مليار دينار ليبي منذ تطبيق القرار هي التي ستغطي العجز في ميزانية الحكومة والكم الهائل من الزيادة في عقود الاستخدام والخدمات المختلفة بالدينار.
فالقطاع الحكومي يستوعب 70% من العمالة و دفع مرتبات و هذا أمر يجب تغطيته و يجب أن تستمر جباية الرسم على مبيعات النقد الأجنبي ولا يجب المساس بالعملة الصعبة إلا للضرورة، لأن العملة الصعبة ثمينة ولا يمكن استقطابها في ظل الحرب واقفال النفط وتدني أسعاره وغيرها.
ورغم ذلك أعتقد أن الوقت مناسب لاتخاذ قرارات شجاعة ولكن وجب توعية الشعب الليبي ورفع أداء الحكومة بشكل كبير لتفادي غضب الشعب وانفلات قد يؤدي الي كوارث الحكومة لديها مسؤولية تاريخية أكثر من أي وقت مضي مقترح رفع الدعم جاء في الوقت المناسب ويجب تنفيذه ويجب توعية الليبيين في استهلاك وتقليل المصاريف في هذا الشأن والحفاظ على إدارة جيدة لهذا التغيير، وسيكون هذا القرار نوع من الصدمة في أذهان الليبيين ولكن سنشاهد قفزة نوعية في الوعي مع مراعاة الطبقة البسيطة والنازحين.
س -كيف تقيمون أوضاع المصارف الليبية حالياً خصوصاً التي تقع ادارتها بالمنطقة الشرقية؟ وما الحلول للانحدار الذي يشهده القطاع المصرفي الليبي؟
ج – المصارف تحتاج تدقيق لكافة ميزانياتها خصوصاً ان الكثير منها لم تقوم بالمصادقة على ميزانيتها منذ سنوات , ولم تجتمع الجمعيات العمومية للمصادقة على الميزانية خصوصاً في ظل الحرب وانقسام المصرف المركزي والبلاد، وهذا يوثر على وضع المصارف التجارية، فالحكومات لم تقم بوضع سياسات جيدة لإدارة مختلف الأزمات (التنسيق بين مختلف السلطات النقدية و الرقابية و التفتيشية و الاعلام للتوعية و ابعاد العناصر المسلحة من محيط المصارف و اداراتها … ) رغم مجهودات مصرف ليبيا المركزي ,، مع حدوث انحراف كبير من حيث الفساد ومن حيث الوضع الاقتصادي العام الذي آثر على الشركات التي لم تسدد ديونها و التزاماتها تجاه المصارف .
قانون الصيرفة الإسلامية آمر جيد و لكن في ليبيا مطبق بشكل سيي جداً ، و حرمت المصارف من الاستفادة من الإيرادات العائدة من أسعار الفائدة وهي ليست مرتفعة جداُ في ليبيا , في الوقت الذي تكون فيه تكلفة الصيرفة الإسلامية على المتعاملين و زبائن المصارف أكثر ، وحدث انقسام و سبب ربكة لدى المراجعين القانونيين الخارجيين الذين يقومون بمراجعة الحسابات الختامية للمصارف , حيث أن المصارف بالمنطقة الشرقية قد صدر لها سجل تجاري و هناك يطبق قانون رقم 1 لسنة 2005 و لا يوجد بها صيرفة اسلامية ، و بالتالي يتم احتساب الفوائد و طريقة الإيرادات تختلف بالطريقة المحاسبية و هذا ما سبب ربكة في احتساب الضرائب . مع وجود فساد بالمصارف التي وصلت أبذخ نسبة عند سحب مرتبات المواطنين وأي مبالغ بكل وقاحة ..
المصارف في وضع افلاس خصوصاً بالقطاع العام وبالمنطقة الشرقية تعاني من مجهود الحرب حيث تم إصدار سندات خزانة التي تم الاكتتاب فيها من قبل تلك المصارف واصدار عملة مطبوعة خارج القنوات المعتادة للدولة الليبية.
المطلوب الآن من المصرفيين المركزيين هو توحيد المصرفين حيث تم تكليف مكتب دولي للتدقيق على الحسابات ومراجعتها ولكن هناك بطئ وعراقيل، والانحدار المصرفي قد يسبب أزمة ليست لها حد بالمستقبل.
سيصبح من الضروري دمج المصارف الحكومية، وانشاء محفظة خاصة للديون المتعثرة والشبه معدومة ومتابعتها خارج ميزانية المصارف (أي إخراجها من تلك الميزانيات) وتكوين مخصصات للديون المعاد جدولتها، وضخ اموال جديدة لزيادة رأسمال المصارف الناتجة عن الدمج ، وإعادة تأهيل موظفي البنوك و مكافحة الفساد و انشاء شرطة مالية لمكافحة الفساد مع انشاء سجون خاصة لموظفي البنوك المتورطين بعد محاكمتهم لرد الأموال المنهوبة و ذلك بالتنسيق مع مصرف ليبيا المركزي و تقوية ادارة الرقابة على المصارف .
س-خطابات الضمان التي تم إلغائها من قبل وكالة الاشراف والتنظيم المصرفية التركية ما مدى أثر هذا الموضوع على المصارف الليبية وكم تبلغ قيمة هذه الضمانات !؟
ج -إلغاء خطابات الضمان الصادرة لصالح المصارف الليبية من قبل وكالة الأشراف التركية قرار سياسي وسيادي من الحكومة التركية وقد يتعرض لرفع قضايا ضده من الجهات والبنوك الليبية تحديداً وهذا أمر يحتاج سياسة حكيمة التنسيق في ليبيا.
من حق دولة تركيا إلغاء خطابات الضمان بقرار سيادي رغم أنها يفترض أنها ليست قابلة للإلغاء حسب تشريعات المعاملات الدولية وهذا ينطبق عندما يكون الوضع مستقر بالبلاد وطبيعي ولكن الوضع بليبيا مختلف حتى قبل سنة 2011.
فوضع إدارة المشاريع سيء جداً و رشاوي وعرقلة في التنفيذ وهذا خطر على المصارف التركية والشركات فهي تقوم بإصدار خطابات الضمان اللازمة ولكن من الجانب الليبي عندما يتم دفع دفعة مقدمة يتم أخذ جزء منها للرشاوي والفساد وهذا يوثر على المشروع بذاته، ومع الحرب الراهنة يزداد التعثر ويجب تفهم هذا القرار من قبل الجانب الليبي وتنظيم كافة الأمور واعادة النظر في كافة العقود ، ومثل هذا القرار قد يحدث مع دول أخرى فلا نلوم إلا أنفسنا.
س -ألا ترى أن هذا الوقت المناسب لإعادة هيكلة الاقتصاد الليبي والاستفادة من دخل جديد بدلاً من النفط !؟
ج -تم الدراسة والتفكير في اعادة هيكلة الاقتصاد الليبي من عدة جهات ولكن في الوقت المناسب، عند إيقاف الحرب وتوحيد المؤسسات، علينا أن نبدأ صفحة جديدة وتطمين الدول الأجنبية والمجاورة والمواطنين كذلك مع تقليل الحاجة الي النفط تدريجيا واستبداله بالطاقات البديلة والنشاطات الاقتصادية الأخرى .
ليبيا تحتوي على ثروات ومساحات كبيرة، وتعتبر دولة “عذراء” جديدة وتستطيع القيام بكافة الأمور بطرق أخرى تتمثل في جلب الشريك الأجنبي والأموال بطريقة ال بي او تي إلى ليبيا، وانشاء مشاريع محددة وتشجيع القطاع الخاص، وتقوم الدولة بمنح تراخيص الكافية لمدة محددة لتوفير فرص العمل، ونقل المعرفة.
س -فتح اعتمادات المستندي لسلع محددة فقط، هل هذه الخطوة صحيحة التي تم اتخاذها من قبل البنك المركزي؟
ج – خطوة صحيحة فتح الاعتمادات بضوابط محددة، وكان من المفترض تحديدها من قبل وزارة الاقتصاد، ولكن الوضع بليبيا حساس والحكومات ضعيفة هذا الذي يجعل المركزي يقوم بتجاوز صلاحياته ويقوم بتحديد القوائم حسب إيرادات النفط التي تدخل الخزانة العامة، ويجب الاستمرار لسنوات بفتح الاعتمادات بضوابط وليس لفترة محددة فهناك فئة من التجار المستفيدين بالموافقات ورأينا الفساد بفترات وجلب حاويات فارغة و أعتقد أنه في ظل الحرب لا يجب فتح اعتمادات كما نرغب لأن العملة الصعبة محدودة، وما فعله المركزي هو تحديد شروط استيراد سلع معينة .
س–التوزيع العادل للثروة مصطلح متداول، هل تؤيده بالوقت الحالي وكيف سيساهم في تحسين معيشة الليبيين؟
ج -التوزيع العادل للثروة لا يعني المساواة بل يعني العدالة الاجتماعية والمجتمعية ويجب ادخال بند الجهد الفردي والأسري، و هو الجهد الذي يقوم به الشخص الذي يتحصل على جزء من الثروة والخزانة العامة مع مساعدة الطبقات الفقيرة والمتقاعدين وذوي الإعاقة، بتفعيل دور الضمان الاجتماعي، وهذا ما يحدده الحاكم الفعلي للبلاد.
س -هل من الممكن أن يحافظ مصرف ليبيا المركزي على الاحتياطيات لأكثر من تلاث سنوات ؟، وما الطرق المناسبة لتجنب استنزافها؟
ج -تعتبر الاحتياطيات عادةً احتياطيات استراتيجية، وأحيانا يصعب المساس بها و تحتاج إلى قانون وليس إلى قرار من الجهات المعنية، ويجب الحفاظ عليها بقدر الإمكان، فتقترب حالياً من 20 مليار دولار في الوقت الذي تجاوزت فيه بعهد القذافي 180 مليار وتم استنزافها خلال الظروف التي مرت على ليبيا المتمثلة في الحرب، والثورة ومصروفات الشعب والحكومات المختلفة.
كما يتم احتساب قيمة الاحتياطيات بطريقة صندوق النقد الدولي و البنك الدولي و هذه الاحتياطيات تستطيع تغطية احتياجات الاستيراد لأن ليبيا دولة لا تنتج أي شيء ، بل تستورد بشكل كبير و هذا خطر على الاقتصاد و الأجيال القادمة و يستطيع المحافظ و الحكومة الحفاظ عليه ل3 سنوات ، بوجود تقشف وذلك بسبب توقف انتاج النفط و انهيار أسعاره ، ويجب اعادة تكوين الاحتياطي و عدم تمويل العجز بالميزانية بل العجر يمكن تمويله عبر الرسم على مبيعات النقد الأجنبي ، والجباية و الضرائب ، ولا يجوز استهلاك العملة الصعبة لغرض تغطية عجز محلي ، و مرتبات غيرها هذا امر خطير جداً و لا يجب أن نغضب عندما يتم زيادة الرسم، وعندما يتم رفع الدعم، فجميع هذه الأمور لصالح الشعب وسيحافظ على العملة التي نحتاجها للأدوية و استيراد اللوازم .