
| مقالات اقتصادية
خاص.. “أبوبكر أبوالقاسم” يوضح حقيقة وخلفيات إعادة تقييم المصرف المركزي لاحتياطياته
كتب: رئيس قسم المحاسبة بالأكاديمية الليبية للدراسات العليا “أبوبكر أبوالقاسم” مقالاً: عندما يتم طردك من الباب لا تحاول الدخول من النافذة حينها سقوطك يكون مدوياً!!
طالعتنا الأخبار في هذا الصباح على تقرير مفبرك يقول أن المصرف المركزي قام في 31\12\2024 بإعادة تقييم الاحتياطيات من الذهب وفقاً للسعر الجاري بدلا من التقييم بالتكلفة وهذه الخطوات خلقت أرباح إعادة التقييم بالمليارات إلى هنا والخبر صحيح وهي حقيقة، وأضاف التقرير المفبرك طبعاً أن حكومة الوحدة الوطنية هي من اوعزت للمصرف المركزي بهذه الخطوة لغرض الاستيلاء على هذه الأرباح من قبل الحكومة، وهنا يكمن التوظيف السياسي للتقرير أو هنا يكمن دس السم في العسل، وهو كلام عاري عن الصحة تماماً.
دعوني أسرد الحكاية كما هي من جانب فني محاسبي دون أي هدف آخر لأناره الرأي العام.
أولاً: تم التثبت أن هذا التقرير لم يصدر من Crisis Group اطلاقا وبالتواصل معهم مباشرة تم التأكد أن هذا التقرير لم يصدر منهم، وهو تقرير مفبرك ليس لهم به أيه علاقة.
ثانياً: تقارير ديوان المحاسبة المتتالية وكذلك تقرير شركة ديلاويت العالمية (احد شركات المحاسبة الكبرى Big 4) اكدت في تقريرها أن مخزون الذهب في المصرف المركزي مقيم بالتكلفة التاريخية ولم يجرى عليه إعادة تقييم للاحتياطات من الذهب وفقا للأسعار الجارية.
وهذا مخالف لكل المعايير المحاسبية الدولية سواء كانت ال IFRS أو حتى معايير المحاسبة الدولية للقطاع العام IPSAS والمطبقة في المصارف المركزية في كل دول العالم، وأوصت هذه تقريرها بضرورة إصلاح هذا الخطاء وإعادة التقييم بالسعر الجاري بدلا من التكلفة التاريخية،
ثالثاً: هذه الخطوة كانت يجب أن تحدث مند زمن طويل لإظهار المركز المالي ونتيجة الأعمال للمصرف المركزي بصورة عادلة وإظهار مستوى عالي من الشفافية للشعب، وهذا ما لم يقم به السيد المحافظ السابق للمركزي رغم تقرير شركة ديلاويت وتقارير الديوان ومطالبتها بمعالجة هذا الوضع المشوه.
رابعاً: الإدارة الجديدة في المصرف المركزي في 31\12\2024م واستجابة لتقارير ديوان المحاسبة وكذلك تقرير شركة ديلاويت لتصحيح هذا التشوه في قيمة احتياطات الذهب في القوائم المالية للمصرف قامت بإعادة تقييم الذهب وفقا للأسعار الجارية بدلاً من التكلفة التاريخية ووفقا للمعايير المحاسبية الدولية، طبعا هذا الإجراء سيخلق أرباح كبيرة بالمليارات تسمى أرباح إعادة التقييم نتيجة عدم إجراء هذه الخطوة مند تأسيس المصرف المركزي، وهي خطوه تصحيحية ممتازة لابد منها كجزء من الإصلاحات التي تقودها الأدرة الحالية، وهي خطوة يجب تثمينها وتشجيع إدارة المصرف المركزي على القيام بإصلاحات أخرى.
خامساً: المصرف المركزي ليس تحت تصرف الحكومة لأنه جهة فنية مستقله لا سلطة للحكومة عليه أبداً، وما قامت به إدارة مصرف ليبيا المركزي هو اجراء فني محاسبي تقني لابد منها وتفرضها الأعراف والمعايير الدولية، أما القول أن هذه الأرباح المتحققة من إعادة التقييم هذه يمكن للحكومة استغلالها ونهبها وزيادة الانفاق فهذا كلام مضحك وهو أقرب للكوميديا منه للحقيقة وهو غير قابل للتنفيذ إطلاقاً، ولكنه توظيف سياسي لخصومة سياسية.
سادساً وأخيرا: من الذي فبرك هذا التقرير؟ وما مصلحته من ذلك؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟ ألا تعتقدون كما أعتقد أنا أنه، من اخرجوه من المصرف المركزي من الباب الخلفي بعد أن عانت البلاد من ويلات تصرفاته والعبث في قيمة الدينار وانهيار المنظومة المصرفية عند ما كان الحاكم الفعلي يريد أن يدخل من الشباك كبديل للحكومة التي يعتقد أنها في طريقها للسقوط، عندما يتم طردك من الباب لا تحاول الدخول من النافذة حينها سقوطك يكون مدويا.