Skip to main content
خاص.. "البرغوثي": يصرح لصدى حيال نظام حساب الخزانة الموحد (TSA)
|

خاص.. “البرغوثي”: يصرح لصدى حيال نظام حساب الخزانة الموحد (TSA)

صرح أستاذ الاقتصاد السياسي “محمد بلقاسم البرغوثي” حصرياً لصحيفة صدى الاقتصادية حيث قال: جاء إعلان وزارة المالية بشأن إطلاق المرحلة الأولى من نظام حساب الخزانة الموحد (TSA) المتعلق بمرتبات القطاع العام، كمؤشر إيجابي على دخول المالية العامة الليبية في مسار إصلاحي طال انتظاره، يتقاطع مع معايير الإدارة المالية الحديثة، ويعكس توجها نحو استعادة مركزية الدولة في ضبط الإنفاق العام.

وأضاف بالقول: في الإيجابيات والمرتكزاتت الفنية، نظام TSA هو أداة محاسبية وتنظيمية تستهدف توحيد الصرف من خلال حساب مركزي واحد، وتقوم على فكرة تقليص عدد الحسابات الحكومية المفتوحة في المصارف التجارية، وتحقيق رقابة مركزية على التدفقات النقدية. من هذا المنطلق، فإن الخطوة التي أقدمت عليها وزارة المالية تحمل عددًا من الإشارات الإيجابية، أبرزها: ضمان صرف المرتبات في مواعيدها، وتحقيق عدالة أكبر في التوزيع من خلال قاعدة بيانات موحدة، وتحجيم ظاهرة الازدواجية المالية وصرف المرتبات لغير المستحقين، والتي كانت للأسف واحدة من أبرز مظاهر التشوهات المالية في السابق، وتعزيز الشفافية والرقابة المالية، ورفع كفاءة الإنفاق، وهو ما يتماشى مع متطلبات الشمول المالي والتحول الرقمي.

وأردف بالقول: الملاحظات النقدية والتحديات الواقعية، رغم أهمية هذه الخطوة، فإن هناك جملة من التحديات الهيكلية والتنفيذية التي تستوجب الوقوف عندها: غياب الجاهزية المؤسسية الموحدة: التطبيق العملي لهذا النظام يتطلب أن تكون كل الجهات العامة قد استكملت قواعد بياناتها، وقامت بتحديث معلومات موظفيها على نحو دقيق، وهي مسألة لا تزال متفاوتة في التطبيق، وكذلك فجوة التنسيق بين المركز والجهات التابعة: رغم مركزية الفكرة، إلا أن قدرة وزارة المالية على إنجاح هذا النظام تعتمد على مدى تعاون الجهات الممولة والمنفذة، ومدى التزامها بتوفير البيانات في الوقت المحدد، وهذا يمثل تحديًا إداريا أكثر منه ماليًا.

إضافة إلى البيئة التقنية والبنية الرقمية: مستوى البنية التحتية التقنية في العديد من الجهات العامة لا يزال غير مهيأ بالكامل للتحول الرقمي، مما قد يعرقل الوصول إلى التعاون والعمل المنسجم اللحظي المطلوب بين الأنظمة، إلى جانب حساسية المرتبات كمكون اجتماعي واقتصادي( أي تعثر في التطبيق، ولو جزئي، قد يؤدي إلى اضطراب اجتماعي ويعيد خلق التوتر بين المواطنين والدولة، لذلك يجب أن يكون التنفيذ تدريجيًا ومدعومًا بخطة تواصل فعالة).

وعرج عن الرؤية المستقبلية، إن نظام TSA، إذا ما تم تطبيقه بشكل متكامل ومتدرج وبتنسيق عابر للقطاعات، يمكن أن يتحول من مجرد أداة محاسبية إلى ركيزة إصلاحية للمالية العامة، تمهد لمرحلة أوسع من ضبط الإنفاق العام، وإعداد ميزانيات أكثر واقعية، وتوجيه أفضل للموارد العامة، غير أن نجاح هذا التوجه مرهون بعدة شروط: وجود إرادة سياسية مؤسسية صادقة لاستخدام هذا النظام كأداة إصلاح وليس مجرد إجراء شكلي، وتفعيل دور الأجهزة الرقابية والتفتيشية في متابعة الالتزام بتحديث البيانات، والاستثمار في بناء القدرات البشرية في الإدارات المالية، بما يضمن فهمًا عميقًا للمنظومة الجديدة.

وأختتم قوله: ما قامت به وزارة المالية خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنّ التحدي لا يكمن فقط في الإعلان، بل في القدرة على التنفيذ الدقيق، وبناء الثقة مع الشركاء المؤسسيين والمواطنين على حد سواء. نأمل أن يُستكمل هذا المشروع حسب ما تقتضيه المصلحة الوطنية ، بعيداعن الحسابات السياسية، وعلى قاعدة الإصلاح الحقيقي الذي يبدأ من ضبط المال العام وينتهي ببناء دولة فعالة وعادلة.

مشاركة الخبر