صرح الخبير الاقتصادي”سليمان الشحومي” لصحيفة صدى الاقتصادية بخصوص تقييم الوضع الاقتصادي لعام 2023 بالقول: لا شك أن الوضع الاقتصادي في جانب الإيرادات الحكومية، شهد إستقرار وتحسن واضح خلال عام 2023 على مستوى إستقرار مبيعات النفط الخام، وإن كان شابه الكثير من الخلاف حول مسألة تحويل الإيرادت للمصرف المركزي وربما إحتجازها بحسابات المؤسسة الوطنية للنفط، بعض منها كما نعلم أن هناك ارتباك في حسابات المالية العامة للدولة الليبية، ولكن بشكل عام من ناحية الإيرادات الأسعار جيدة على مستوى أسعار النفط العالمية، والمبيعات تتدفق بشكل جيد خلال عام 2023.
وتابع قوله: في جانب المصروفات فقد شاهدت إرتفاع حاد جداً في حجم النفقات الحكومية، في أبواب الميزانية المختلفة غير مسبوق هذا الإنفاق، وأيضاً بوجود حكومتين وبالتالي الإنفاق من الجهتين، ولا شك أن مشكلة الميزانية غير معتمدة من السلطة الرقابية غير المراقبة، وغير مرشدة وربما هذه أحد المظاهر الذي لمسناها في عام 2023 ، ولعل من أبرز الإخفاقات التنظيمية والقانونية بالانفاق العام لهذا العام هو اختفاء بيانات الانفاق على الدعم على الوقود وتصفيره والسبب هو أن المؤسسة تنفق على توريد الوقود من الخارج مقابل احتجاز جزء من إيرادات الصادرات للنفط الخام وتستبدلها بثمن الوقود ، وهو حتماً يقود إلى تضليل لبيانات الانفاق العام الحكومي ويربك أيضاً المعلومات والمؤشرات الأساسية للاقتصاد الليبي.
وأضاف: غير أن هناك مؤسسات لم تلعب دورها وخصوصاً في الرقابة على الإنفاق العام، والقصد هنا الجهات الرقابية بموجب القانون، هي من تقر الميزانية وهذا لم يحدث، أيضاً فيما يتعلق بدور مجلس التخطيط بإعتبار أن هناك قانون ينظم عمل مجلس التخطيط، وترشيد ومراجعة وتحديد مستهدفات الإنفاق التنموي ومشروعاته وتوزيعها واستحقاقات الانفاق عليها، على الباب الثالث والمعروف بميزانية التنمية في الدولة الليبية وهذا في الحقيقة لم يحدث، فالحكومة هي التي تحدد أوجه الإنفاق حتى في ما يتعلق بالإنفاق التنموي، وربما قد رأينا الكثير من الإشارات السلبية على تضخم هذا الإنفاق، وعلى نقصان كثير من الإجراءات الضبطية وقد رأينا تقرير ديوان المحاسبة عن سنة 2022، فقد تحدث عن هذه الأمور وأيضاً تكررت في عام 2023م.
وأوضح بالقول: صحيح بأنه قد رأينا في سنة 2023 أن المصرف المركزي قام بتلبية الطلبات على مبيعات النقد الأجنبي، وأن كانت هناك جموح كبير جداً للطلب على النقد الأجنبي، ربما هذا الذي أثر على القدرة الإستيعابية لدى البنك المركزي في تلبية كل هذه الطلبات، وإزدياد حجم عرض النقود والإنفاق الحكومي في الاقتصاد أثر على الأسعار الغير رسمية أو الأسعار في السوق الموازي في الدولار، وربما هذا انعكس في إرتفاع أسعار السلع خصوصاً الغير موردة في الإعتمادات الأساسية.
وتابع بالقول: لا شك أن هناك عدم عدالة حصلت في مسألة الإنفاق وخصوصاً أن هناك طلب كبير جداً لرفع المرتبات وتلبية الإحتياجات بسبب إرتفاع سعر الصرف لطيف واسع من أصحاب المرتبات بالجهات العامة وللأسف لم تتمكن الحكومة والبنك المركزي من العمل على آليات مناسبة للوصول إلي السعر التوازني المستهدف عندما تم تحديد سعر الصرف في بداية عام 2022 والآن نشاهد نتائجه والتي كانت الحقيقة في بداية عام 2022، فنحن نشاهد انعكاسات خلال 2023 كارتفاعات كبيرة في الأسعار والتي تلاحقها إرتفاعات أيضاً بشكل كبير في الطلب، على زيادة المرتبات والأجور ونحن نعلم أن أغلب المواطنين يعملون في القطاع الحكومي.
وختم حديثه بالقول: لا شك أن هيكل الاقتصاد لم يتغير فالاقتصاد الليبي لا زال اقتصاد هش وضعيف ويعتمد بشكل كبير جداً على الإيرادات النفطية وعلى الإنفاق العام للدولة الليبية، وتسيطر المؤسسات الحكومية والشركات والصناديق الاستثمارية ذات التوجه الحكومي وهذا الأمر ربما يحتاج إلى معالجة طويلة المدى حتى يمكن إنتاج مصادر دخل آخرى والتنويع الاقتصادي، وتحفيزه بشكل أكبر يخلق فرص جديدة لتحسين مستويات الدخول عند الأفراد في الاقتصاد، وختاما فإن استمرار حالة الهشاشة المؤسساتية وضعف البنى التنظيمية والرقابية واستمرار وجود أكثر من حكومة داخل البلد سوف يضع البلد في وضع اقتصادي مرتبك وتستمر حالة مواجهة الانعطافات الشديدة ويضعنا كليبيين أمام خيارات أكثر صعوبة.