Skip to main content
خاص.. بالأرقام: "زرموح" يعدد مخاطر وعواقب فرض ضريبة أو رسم على سعر الصرف
|

خاص.. بالأرقام: “زرموح” يعدد مخاطر وعواقب فرض ضريبة أو رسم على سعر الصرف

تحدث أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية الليبية “أ.د.عمر زرموح” في تصريح خاص لصحيفة صدى الاقتصادية، حيث قال: إذا تم فرض ضريبة بنسبة 27‎%‎ على النقد الأجنبي فهذا يعني أن سعر الدولار الذي هو الآن 4،84 د.ل، (الأربعاء 06 مارس 2024) سيصبح 6.15 د.ل بعد فرض الضريبة مع ملاحظة أن هذا السعر غير ثابت حتى إذا كانت الضريبة ثابتة لأن الدينار مثبت بشكل مباشر بوحدات حقوق السحب الخاصة وليس بوحدات الدولار وإنما يرتبط الدينار بالدولار وببقية العملات بطريقة غير مباشرة.

مُضيفاً: النقطة المهمة هُنا هي أن فرض هذه الضريبة (أو الرسم) لا يعد تغييراً في سعر الصرف الرسمي لكنه، وهذا مكمن الخطر، من المرجح أن يقود إلى تغيير سعر الصرف الرسمي لتصبح قيمة الدينار أقل من 0.1555 وحدة حقوق سحب خاصة بعد أن كانت قيمته 0.5175 قبل يوم 16/12/2020 وأن القول بأن هذه الضريبة ستكون مؤقتة لا يمكن الاعتماد عليه ولا الوثوق فيه بناءً على مؤشرات الثقة السابقة التي كان آخرها قرار المصرف المركزي رقم (2) لسنة 2024 بتاريخ 01 فبراير 2024 بشأن ضوابط النقد الأجنبي (فتح الاعتمادات المستندية والتحويلات للأغراض الشخصية) التي لم يلتزم المصرف ذاته بما ورد من ضوابط في هذا القرار بل كان أول من نقضها.

وينتج عن هذه النقطة المهمة أنه في حالة حصول التخفيض الرسمي المشار إليه للدينار فإن عواقب ذلك سوف تتمثل في الآتي:
( أ ) تخفيض الدخول الحقيقة للأفراد والشركات والمؤسسات.
(ب) تخفيض المدخرات والثروات المالية ورؤوس الأموال الحقيقية، لكل من الأفراد والشركات والمؤسسات.
(جـ) تدهور مستوى ثقة المتعاملين (أي زبائن المصارف التجارية من أفراد وشركات ومؤسسات) في قيمة الدينار بسبب هذا التخفيض ومن ثم توقع استمرار التقلبات في قيمته تجاه العملات الأجنبية وخاصة أنه لا يوجد ما يضمن عدم تكرار هذا التخفيض مستقبلاً.
( د) مشكلة تدهور مستوى الثقة في قيمة الدينار قد يؤدي، على الأرجح، إلى تحويل نسبة معتبرة مما لدى المتعاملين من دينارات إلى ملاذ آمن مثل الدولار أو اليورو أو الذهب فيزداد الطلب عليها وترتفع أسعارها في السوق المحلية.
(هــــ) ينجم عن كل ما تقدم فشل المصرف المركزي في تحقيق الاستقرار النقدي المنصوص عليه في المادة الخامسة من قانون المصارف رقم (1) لسنة 2005 وتعديلاته.

خلال الحديث قال “زرموح” إن حقيقة إدراك المتعاملين لعواقب تخفيض قيمة الدينار التي يمهد لها المصرف المركزي، عن قصد أو عن غير قصد، سوف يزيد من حدة الأزمة ويفاقمها لتشمل المنظومة المصرفية برمتها، ولا أتوقع أن تحل هذه الأزمة وتعود الثقة إلا بإعادة تشكيل مجلس إدارة المصرف المركزي ومرور فترة كافية من الزمن لإثبات حسن إدارة المجلس الجديد للنظام النقدي الليبي، كما إن مجلس الإدارة الجديد يجب أن يتكون من أشخاص ذوي ثقة وأهل علم وخبره وإخلاص ووطنية وأصحاب التزام إداري وقانوني ولديهم رؤية وبعد نظر اقتصادي، وأن يكون المحافظ من المتخصصين في الاقتصاد تحديداً ولا ينبغي أن يقبل أي تخصص آخر، حتى يمكنه تطبيق النظريات الاقتصادية عن اقتناع واستخدام أدوات السياسة النقدية وتفهم سياسة سعر الصرف كسياسة تجارية وأدوات السياستين المالية والتجارية، وحتى نضمن ابتعاده عن سياسة ردود الأفعال التي يجري تنفيذها حالياً، فإذا تحقق ذلك فإنه سيكون في مقدور مجلس الإدارة الجديد إعادة الثقة في المنظومة المصرفية، كما سيكون في مقدوره الاستفادة من مختلف القواعد القانونية الرائعة الموجودة في مواد قانون المصارف رقم (1) لسنة 2005 وتعديلاته، ومن ثم خلق الاستقرار النقدي وترسيخه كهدف دائم من جهة أخرى، سيكون في مقدور مجلس الإدارة الجديد بمواصفاته المشار إليها آنفاً أن يمارس وظيفته كمستشار للدولة ومن ثم سيكون له الدور الكبير في مساعدة كل من الحكومة والسلطة التشريعية على اعتماد وتنفيذ الميزانية العامة للدولة بأهداف اقتصادية واضحة ومن ثم يتحقق ترشيد الإنفاق وتعمل السياسات الاقتصادية كمنظومة واحدة متسقة خالية من التضارب تحقق الأهداف الاقتصادية العامة في السيطرة على التضخم وتقليص البطالة ورفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق التوازن الداخلي والخارجي في الاقتصاد.

أضاف قائلاً: إن الميزانية العامة للدولة يجب أن تعتمد بقانون من السلطة التشريعية، ولكن بالنظر إلى المشاكل السياسية القائمة، فإن البديل يجب أن يكون جهة أعلى من الحكومة مثل المجلس الرئاسي الذي كان خلال السنوات من 2017 إلى 2020 يعتمد الميزانية فيما يعرف شكلياً بالترتيبات المالية المنصوص عليها في الاتفاق السياسي، لكن لا يقبل أبداً أن تقوم الحكومة باعتماد المخصصات وبالتنفيذ معاً، وللتذكير فإن الترتيبات المالية المشار إليها تشترط توافق ثلاث جهات هي ديوان المحاسبة والمصرف المركزي والمجلس الرئاسي ثم يصدر قرار الاعتماد من المجلس الرئاسي.

تابع بالقول: إن الطبيعة الريعية للاقتصاد الليبي جعلت من قطاع النفط اللاعب الأكبر في هذا الاقتصاد بحكم دوره المزدوج، إن ارتفاع معدلات إنتاج يساهم من جهة في تحقيق موارد جيدة للميزانية العامة للدولة ويجنب الدولة مواجهة العجز في الميزانية، ومن جهة أخرى يساعد على تجنب العجز في ميزان المدفوعات، بل يساعد بالأحرى على تحقيق الفائض وتوفير النقد الأجنبي ومن ثم تعزيز قيمة الدينار. لذلك فإنه من الأهمية بمكان أن تعمل المؤسسة على زيادة معدلات الإنتاج إلى مليوني برميل في اليوم حسب الخطة التي أعلن عنها رئيس المؤسسة الوطنية للنفط وهي الخطة التي خصص لها خلال العامين الماضيين 2022-2023 مبلغ 51 مليار دينار، والجدير بالذكر أن من الأمور التي تدعو للأسف إن معدل إنتاج النفط خلال السنوات 2011-2022 كان في المتوسط 0.7 مليون برميل في اليوم بينما كان خلال السنوات 2004-2010 نحو 1.7 مليون برميل في اليوم مما يعني أن ليبيا كانت تخسر مليون برميل يومياً في كل يوم يمر طيلة 12 سنة (2011-2022) وهذا الفاقد يمكن تقدير قيمته بما لا يقل عن 250 مليار دولار كان من الممكن تحصيلها واستثمارها في الاقتصاد الليبي وتحقيق درجات من التقدم لا يستهان بها، لولا الحروب والمناكفات والانقسام السياسي والمؤسسي.

اختتم قائلاً: مما تقدم وبالعودة إلى صلب الموضوع وهو مقترح المصرف المركزي بفرض رسم (أو ضريبة) على النقد الأجنبي وما يرجح أن ينجم عنه من تعديل في سعر الصرف بتخفيض قيمة الدينار فإنه يجب أن يشار إلى أن تخفيض قيمة العملة الوطنية يجب ألا تلجأ له الدولة إلا في ظل عجز مزمن في ميزان المدفوعات وأن العجز المؤقت لا ينبغي أن يقود إلى تخفيض قيمة العملة الوطنية. ولقد رأينا أن العجز في استخدامات النقد الأجنبي خلال العام 2023 كان في حدود مليار دولار فقط وهو أقل من 5% من استخدامات النقد الأجنبي خلال العام، كما أن محصلة السنوات 2021-2023 كانت فائضاً في ميزان المدفوعات وبالتالي فقد أضحى جلياً أنه لا يوجد أي مبرر اقتصادي للقيام بفرض رسم أو ضريبة أو تخفيض قيمة الدينار وأن المشكلة في جوهرها لا تعدو سوء إدارة للنقد الأجنبي خلال الأشهر الستة الماضية ناجمة عن عدم القدرة على تفهم النظريات الاقتصادية وتطبيقاتها في مثل هذه الأحوال التي تمر بها ليبيا أخذاً في الحسبان المستقبل المرتقب لزيادة إنتاج النفط الذي يدعو للتفاؤل والذي يفترض أن يقود العملية التنموية في القطاع غير النفطي.

مشاركة الخبر