Skip to main content
خاص.. "زرموح": المركزي لا يحتفظ في خزائنه إلا 1.5 مليون دينار من العملة المصدرة وهذا لايكفي لتشغيله
|

خاص.. “زرموح”: المركزي لا يحتفظ في خزائنه إلا 1.5 مليون دينار من العملة المصدرة وهذا لايكفي لتشغيله

قال أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية الليبية “أ.د.عمر زرموح” في تصريح لصحيفة صدى الاقتصادية: بالنسبة للتغيير في الاحتياطيات من النقد الأجنبي ومدى الحاجة إلى تعديل سعر الصرف قد لا نحتاج إلى تحديد حجم الاحتياطيات من النقد الأجنبي لتقييم مدى الحاجة لتغيير سعر الصرف أو التمهيد لذلك من خلال فرض ضرائب أو رسوم، دعنا نلق نظرة على الحقيقتين الآتيتين خلال السنوات :(2023-2021)

( أ ) إن المصرف المركزي يعلم جيداً حجم هذه الاحتياطيات وقد كان راضياً تماماً عليها عندما قرر تغيير
سعر الصرف في 2020/12/16 ووضع السعر الذي يروق له بتخفيض قيمة الدينار بنسبة 70% دفعة واحدة
من 0.5175 إلى 0.1555 وحدة حقوق سحب خاصة دون الاستماع إلى رأي الاقتصاديين الليبيين الذين
لهم وجهة نظر مختلفة، وقد انتشرت في ذلك الوقت بعض الوعود بالعمل على رفع قيمة الدينار أي تخفيض
قيمة الدولار) تدريجياً مما يعني الاعتراف بأن تخفيض قيمة الدينار بتلك النسبة كان مبالغاً فيه وأن حجم
الاحتياطي كان مريحاً جداً في ظل سعر الصرف الجديد.

(ب) إن إيرادات واستخدامات النقد الأجنبي كما وردت في النشرة الاقتصادية الصادرة عن مصرف ليبيا
المركزي في الجدول رقم (30) حققت خلال السنوات الثلاث 2021-2023 فائضاً قيمته بالمليار دولار
كالاتي: (1.6 + 6,7 – 1.1 = 4.0) أي تحقيق فائض قيمته أربعة مليارات دولار وهذا يعني أن حجم
الاحتياطي لم ينقص خلال هذه السنوات الثلاث بل زاد بمبلغ أربعة مليارات دولار.

وبناءً على هذه الأرقام واستناداً إلى حقيقة أن مشكلة سعر الصرف في أي دولة هي مشكلة وجود عجز في ميزان المدفوعات، بل وعجز مزمن وليس عجزاً مؤقتاً، تفشل الدولة في معالجته بالوسائل الأخرى فتضطر
إلى تخفيض قيمة عملتها، وحيث أن مثل هذه الحالة لا وجود لها في ليبيا خلال فترة ما بعد تعديل سعر
الصرف في ديسمبر 2020 فإنه من الناحية الاقتصادية لا يوجد أي مبرر لتعديل سعر الصرف أو التمهيد
لذلك بفرض ضريبة على مبيعات النقد الأجنبي، وذلك بصرف النظر حتى عن قانونية أو عدم قانونية القرار
الذي اتخذ في هذا الخصوص.

أضاف كذلك: أما الملاحظة التي وردت في النشرة الاقتصادية تحت الجدول رقم (30) التي تشير إلى أن أرقام الجدول “لا تتضمن الالتزامات القائمة” فيجب أن أبين أن مثل هذه الالتزامات لا تدخل أصلاً في هذه الحسابات إلا عند دفعها فعلياً وبذلك يكون عدم تضمينها في الاستخدامات عملاً صحيحاً لا غبار عليه وأن التقارير
الشهرية التي تدخل هذه القيمة ضمن الاستخدامات هي الخاطئة. وعليه فإن الاحتياطيات من النقد الأجنبي في ليبيا لازالت بخير ولا داعي للتشاؤم وإرباك المشهد الاقتصادي بنشر الذعر عند الأفراد والشركات، إن الدول تختلف في حجم احتياطياتها من النقد الأجنبي والأمر يعتمد أساساً على قدراتها الاقتصادية ومدى تحقيق الفائض في موازين مدفوعاتها، لكن ليس من المستهدف اقتصادياً العمل على تراكم هذه الاحتياطيات، أو حتى مجرد الحفاظ على مستوى معين منها، بأي ثمن ولو كان الثمن تعاسة الناس بتخفيض دخولهم وأرصدتهم النقدية الحقيقية؛ فهذا غير مقبول، إن الهدف من وجود هذه الاحتياطيات هو أن تكون عنصراً استراتيجياً لتحقيق الاستقرار في سعر الصرف ومن ثم تحقيق الاستقرار الاقتصادي؛ حيث نضيف للاحتياطيات عند تحقيق الفائض في ميزان المدفوعات ونسحب منها عند حدوث العجز المؤقت، وبذلك نمنع استيراد الأزمات الاقتصادية من الخارج كما نمنع تأثير الأزمات المحلية مثل جرائم الإغلاقات المؤقتة للنفط على سعر الصرف دون أن نخلق قيوداً تؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف الموازي.

تابع “زرموح” متسائلاً: هل يمكن تخفيض سعر الصرف لتمويل الميزانية أو سداد الدين العام ؟ سعر الصرف يوصف بأنه سعر الأسعار أي أبو الأسعار لأن تغييره يؤثر في منظومة الأسعار داخل الاقتصاد بأكملها كما يؤثر بشكل مباشر على القيمة الحقيقية للدخول والأرصدة النقدية بكافة أشكالها ويؤثر على العلاقات بين الدائنين والمدينين ومن ثم يؤدي تغيير سعر الصرف إلى كثير من الظلم بين مختلف الأشخاص الطبيعية والاعتبارية، وعلى سبيل المثال فعندما يخفض المصرف المركزي قيمة الدينار بنسبة مثل %27% فهو في الواقع إنما يقوم بسلب الأشخاص الطبيعية والاعتبارية هذه النسبة من أرصدتهم النقدية ودخولهم ظلماً، لهذه الأسباب فإن الوضع الأمثل لسعر الصرف هو أن يكون ثابتاً أو قل أن يكون مستقراً أي أنه يتذبذب تذبذباً خفيفاً لا يؤثر تأثيراً يذكر على المتعاملين بالعملة موضوع النقاش، وهذا المبدأ ينطبق على كافة العملات الوطنية والدولية.

قال كذلك: لكن نظراً لأن اقتصادات الدول تختلف في درجات قوتها وضعفها فإن النظام النقدي العالمي المعاصر بعد أن فشل في تثبيت أسعار الصرف ترك للعملات القوية وهي العملات التي تسندها اقتصادات قوية مثل الدولار واليورو والاسترليني والين والإيوان المجال لكي تتصارع فيما بينها بحسب قوى العرض والطلب العالمية وقد حققت هذه العملات بوجه عام درجات مقبولة من الاستقرار، أما عملات الاقتصادات الضعيفة فلم تجد الكثير منها بداً من أن تربط سعر صرف عملتها بأحد أو بعض العملات القوية لكي تجعل سعر صرفها مستقراً، وقد ربطت ليبيا عملتها منذ عام 1986 بوحدة حقوق السحب الخاصة، إن المشكلة هي عندما ينخفض مستوى أداء الاقتصاد، وخاصة إذا كان الاقتصاد منكشفاً على الخارج مثل الاقتصاد الليبي، فإن ضعف الأداء ينعكس في ظهور العجز في ميزان المدفوعات وهو مشكلة تعني أن الدولة عليها أن تدفع للخارج عملات أجنبية أكثر مما تقبض منه، وتحتد هذه المشكلة عندما يصبح العجز مزمناً أي متراكماً لعدة سنوات أما إذا كان مؤقتاً فيمكن تعويضه عندما يتحقق فائض في ميزان المدفوعات، والوصفة الاقتصادية لحل مشكلة العجز (المزمن) هي تخفيض قيمة العملة الوطنية لتقليل الواردات وتشجيع الصادرات ومن ثم تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات رغم أن هذه الوصفة عليها بعض التحفظات في الاقتصادات الريعية التي تتحدد أسعار صادراتها دولياً كالنفط حيث لا يكون لتخفيض قيمة العملة
المحلية أثر يذكر على تحسين الصادرات.

مُضيفاً: وبوجه عام أود أن أؤكد أن العجز المزمن هو السبب الوحيد الذي يدعو إلى تخفيض قيمة العملة
بعد أن تفشل الدولة في تحقيق الاستقرار لسعر صرف عملتها بشتى الوسائل الأخرى، عليه فإنه لا يوجد أي مبرر اقتصادي على الإطلاق لتخفيض قيمة الدينار بغية تمويل الميزانية أو سداد الدين العام ولا أعتقد أن هناك اقتصادياً واحداً يقبل ذلك على الرغم من أن تخفيض قيمة الدينار تؤدي إلى توفير بعض الفوائض التي قد تستخدم لتمويل الميزانية أو سداد الدين العام لكن يجب أن يكون معلوماً أن ذلك لم يكن الهدف المقصود فالهدف من تخفيض قيمة العملة لا ينبغي أن يكون إلا تصحيح الخلل في ميزان المدفوعات وخاصة إذا أصبح الخلل مزمناً وليس خللاً محتملاً أو متوقعاً كما ورد في خطاب المصرف، فذلك لا يبرر تغيير سعر الصرف، وبالنسبة لهل ليبيا بخير إذا تقرر تخفيض قيمة الدينار بهدف تمويل الميزانية أو سداد الدين العام ؟ وبناءً على التوضيح أنف الذكر فالإجابة قطعاً لا تكون إلا بالنفي.

وفي سياق الحديث قال “زرموح” أيضاً: أزمة السيولة النقدية لدى مصرف ليبيا المركزي من الجدولين رقم (4) ورقم (5) من النشرة الاقتصادية للربع الرابع لعام 2023 يلاحظ أن قيمة العملة المصدرة في هذا التاريخ بلغت 45,071.4 مليون دينار وهو مبلغ كبير مقارنة بالفترات السابقة ويدل على أن المصرف المركزي مستمر في طباعة العملة بغية توفير السيولة النقدية. ويمكن توضيح كيفية توزيع العملة المصدرة في تاريخ 2023/12/31 كالآتي:
عملة في التداول خارج المصارف
عملة داخل المصارف التجارية
عملة بالمصرف المركزي
43,154.0
1915.9 مليون دينار بنسبة 4.2508%
1.5 مليون دينار بنسبة 0.0033%
مليون دينار بنسبة 95.7459%
وبذلك يمكن القول أن المصرف المركزي نفسه لا يحتفظ في خزائنه من العملة المصدرة إلا بمبلغ 1.5
مليون دينار وهو مبلغ، في تقديري، لا يكفي لتشغيل مؤسسة بحجم مصرف ليبيا المركزي، وأن العملة في
خزائن المصارف التجارية لا تصل المليارين ويستحوذ المتعاملون بالمبلغ الأكبر وهو 43 مليون دينار بنسبة
أكثر من 95% من قيمة العملة المصدرة. والسؤال لماذا فشل المصرف المركزي والمصارف التجارية في
اجتذاب جزءاً كبيراً من العملة المصدرة لتعزيز الاحتياطي النقدي لديها ؟! الأغرب من ذلك أن المصرف المركزي في ديسمبر 2023 كان قد أغلق منظومة النقد الأجنبي أي منع
بيع النقد الأجنبي لكل الأغراض ولمدة شهر ونصف تقريباً وهو لا يمتلك من السيولة النقدية سوى 1.5
مليون دينار ألم يكن من الحكمة ألا يغلق هذه المنظومة ويستمر في بيع النقد الأجنبي لتحقيق عدة أهداف
أهمها:
-1- عدم فقدان الثقة في الجهاز المصر في المصارف التجارية والمصرف المركزي).
-2- توفير السيولة النقدية لدى المصرف المركزي بدلاً من انخفاضها إلى 1.5 مليون دينار.

  • تقليل عرض النقود الذي بلغ بالمعنى الضيق 138 مليار دينار وهو مستوى لم يصله من قبل.
    -4- تحقيق الاستقرار النقدي الذي نصت عليه المادة رقم (5) من قانون المصارف.
  • تقليل العملة في التداول التي بلغت 43 مليار دينار وهو حجم لم تصله من قبل.
    -6- توفير السيولة النقدية لدى المصارف التجارية ومن ثم تسيير أعمالها بشكل أفضل.
    إن عكس هذه النقاط الستة هو ما حصل بسبب إقفال المنظومة وما صاحبها قبل الإقفال وبعده من اضطرابات وإجراءات صعبة لا يمكن تبريرها اقتصادياً، ويجب أن أؤكد أنه إذا استمر المصرف في سياسة خلق الاضطرابات هذه فلن تكون ليبيا بخير.

قال أيضاً: كيف يمكن للتوقعات أن تكون حقائق واقعية؟
-1- أورد خطاب المصرف جملة من التوقعات حول ميزانية العام 2024 ووصفها بأنها حقائق، والسؤال كيف يمكن لأي توقعات في العلوم الاقتصادية أن تكون حقائق ؟ التوقعات ما هي إلا أرقام تقديرية يفترض أنها قائمة على دراسات ومن غير المتوقع أن تأتي الأرقام الفعلية مطابقة لها لكن تنحرف عنها كثيراً أو قليلاً بحسب مدى دقة الدراسات وسلامة التوقعات، إن المستغرب في هذه التوقعات هو عدم أخذها في الحسبان لأثر النفقات التنموية لقطاع النفط التي خصص لها 34 مليار دينار عام 2022 ثم 17 مليار دينار عام (2023 على الإنتاج النفطي، وكذلك لا يبدو واضحاً لماذا يقدر الإنفاق بمبلغ كبير مثل 165 مليار دينار فما هي الأهداف المراد تحقيقها بهذا الإنفاق وما انعكاساتها الاقتصادية ؟
2- إذا كانت الميزانية المنفذة، وكذلك موارد واستخدامات النقد الأجنبي، خلال السنوات الثلاث الماضية لم تعان من الناحية الفعلية من أي عجز فعلى أي أساس بنيت هذه النظرة التشاؤمية التي تؤكد العجز في كل منهما ويوصف ذلك بأنه حقيقة؟ إن من المسلم به في كل الدول أن الموارد محدودة والرغبات غير محدودة، لكن عقل الإنسان يمكنه أن يوائم بين هذا وذاك ويحقق التوازن، وهذه المواءمة لا تأتي من خلال مثل هذا الخطاب لما يحمله من طابع سياسي في غلاف اقتصادي بل تتأتى من خلال لجنة كانت في العهد السابق تسمى بلجنة الموارد المالية تقوم بدراسة هذه المسائل بموضوعية ويشارك فيها المصرف بصفته مستشاراً للدولة وليس بصفته متخذ قرار لدعم
موارد الميزانية بفرض ضريبة على النقد الأجنبي.

مشاركة الخبر