Skip to main content
خاص.. "زرموح" يعلق في تصريح لصدى على الإعلان عن توحيد مصرف ليبيا المركزي
|

خاص.. “زرموح” يعلق في تصريح لصدى على الإعلان عن توحيد مصرف ليبيا المركزي

قال أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية الليبية “أ.د. عمر عثمان زرموح” في تصريح خص به صحيفة صدى الاقتصادية: صدر يوم الأحد 20/08/2023 عن كل من الصديق عمر الكبير محافظ مصرف ليبيا المركزي ومرعي مفتاح دخيل نائب المحافظ إعلان عن توحيد مصرف ليبيا المركزي جاء فيه “إن مصرف ليبيا المركزي قد عاد مؤسسة سيادية موحدة، والاستمرار في بذل الجهود لمعالجة الآثار التي نجمت عن الانقسام”

وفيما يلي تعليق على هذا الإعلان (من الآن فصاعداً إعلان أغسطس) في ضوء ما أعتقد أنه يحقق مصلحة ليبيا بصرف النظر عمن كان خلف هذا التحرك ودافعاً له من القوى المحلية أو الخارجية:

أولاً: إعلان أغسطس عودة إلى الأصل.

هذا الإعلان يمثل العودة إلى الأصل وإلى الوضع القانوني الصحيح وهو أن مصرف ليبيا المركزي هو مؤسسة سيادية بل هو أهم مؤسسة سيادية اقتصادية في البلد وهذه المؤسسة لا مجال فيها للانقسام إذا أردنا دولة معتبرة. إن  هذا الإعلان استخدم الفعل الماضي “عاد” الذي يوحي بأن الانقسام أصبح من الماضي وأن الموضوع لا مجال فيه للتسويف. ومن هذا الجانب أرحب بهذا الإعلان وأباركه ولا أظن أن أحداً يحب الخير لهذا البلد لا يرحب أو لا يبارك هذه الخطوة.

ثانياً: مرارة الانقسام المؤسسي

إن الانقسام الذي حدث لمصرف ليبيا المركزي في الماضي (منذ عام 2014) إنما كان خطأ قانونياً جسيماً تغذيه خلافات سياسية أضر بالاقتصاد الليبي كما أضر بالأشخاص الطبيعية والاعتبارية بسبب ما نجم عن الانقسام وما صاحبه من حروب وإغلاقات للنفط وأزمات اقتصادية صعبة مثل انتشار السوق السوداء للعملة وأزمة السيولة وعدم القدرة على السيطرة على معدلات التضخم وخاصة في سنتي 2016، 2017 حيث بلغ معدل التضخم 26% في كل من هاتين السنتين، وعدم القدرة على السيطرة على أسعار الصرف الأمر الذي انتهى إلى اتخاذ قرار لا نحسد عليه في 16/12/2020 بتخفيض قيمة الدينار بنسبة 70% دفعة واحدة. هذه المآسي يجب ألا تتكرر مهما كانت الظروف ومفتاح الحل هو توحيد كل المؤسسات المنقسمة وعلى رأسها مصرف ليبيا المركزي.

ثالثاً: تقييم إعلان أغسطس 2023:

إن مجريات الأحداث في السنوات الأخيرة فيما يتعلق بتوحيد مصرف ليبيا المركزي لا تجعلنا نتفاءل كثيراً بإعلان أغسطس للأسباب الآتية:

– في شهر يوليو 2021 كانت قد انتهت شركة ديلويت العالمية من مراجعتها لحسابات مصرف ليبيا المركزي وقدمت تقريراً بذلك. وفي لقاء جمع السيدين المحافظ ونائبه وبحضور السيد رئيس الحكومة أعلنا أنهما مستعدان للأخذ بالتوصيات الواردة في التقرير لأجل توحيد مصرف ليبيا المركزي. وقد تفاءلنا خيراً.

– وفي شهر ديسمير من نفس السنة 2021 أعلن السيدان المحافظ ونائبه “انطلاق” عملية توحيد مصرف ليبيا المركزي. وقد تفاءلنا خيراً أيضاً.غير أن الموضوع مات بعد ذلك فقد مضت فترة 20 شهراً عقب هذا “الانطلاق” لم نسمع خلالها بأي خطوات عملية تنفيذية في اتجاه توحيد هذه المؤسسة العريقة وهذا غير معقول وغير مقبول إذا تعشمنا في جدية ومصداقية ما يطالعنا من مثل هذه الإعلانات.

رابعاً: تعزيز الثقة في إعلان أغسطس

على هذا الأساس فإن الثقة في إعلان أغسطس لم تعد كاملة والتفاؤل لم يعد كبيراً إذا ما قيس بالإعلانات السابقة المشابهة. عليه لابد لتعزيز الثقة في هذا الإعلان من تقديم خطوات عملية واضحة للجميع لا مجال فيها لاستخدام كلمة “سوف” ومن أهم هذه الخطوات العملية التي يجب أن نراها  سريعاً ما يأتي:

– مشكلة العملة المطبوعة في روسيا: هذه العملة أصبحت أمراً واقعاً فهي متداولة لدى التجار والمصارف التجارية وأصبح من المحتم، من وجهة نظري، أن يعلن المصرف المركزي عن قبوله للكمية المطبوعة حتى الآن من هذه العملةعلى ألا تتكرر طباعتها من جديد وأن يحدد المصرف لها غطاءها النقدي (بالعملات الأجنبية أو ما في حكمها وليس بأذونات أو سندات الخزانة المحلية) أقصد الغطاء الذي نصت عليه المادة 36 من قانون المصارف رقم (1) لسنة 2005 وأن يعلن للناس تكلفة هذا الغطاء بكل شفافية. إن هذه العملية سوف تنطوي على مخاطر زيادة عرض النقود إلا  أنه من المفترض أن المصرف المركزي سيكون قادراً على سحبها من التداول في أجل محدد.

– تفعيل وحدات الإمتثال بالمصارف التجارية وأن تتحمل هذه المصارف مسئولية مخالفتها لسياسات مصرف ليبيا المركزي التي حددها قانون المصارف المشار إليه.

– أن نشاهد عملياً حلاً واضحاً لمشكلة المقاصة ومشكلة السيولة لدى كافة المصارف التجارية الممتثلة.

– أن تخفف فوراً القيود على التحويلات الخارجية وخاصة في مجال الاستيراد:وعلى الأخص نسبة التأمين النقدي والعمل على اختصار بعض حلقات الروتين الإداري غير المبرر.

– العمل الفوري على إعادة تشكيل مجلس الإدارة طبقا للمادة رقم 17 من قانون المصارف المشار إليه.

– العمل الفوري على عقد اجتماعات مجلس الإدارة مرة واحدة على الأقل شهريا بدلا من اجتماع واحد فقط خلال 9 سنوات.

– العمل الفوري على عقد اجتماعات لجنة السياسة النقدية مرة واحدة على الأقل كل ربع سنة بدلا من صفر اجتماع منذ 7 سنوات.

​ختاماً.. عندما نرى ونسمع أن المصرف المركزي قام بخطوات في هذا الاتجاه حينها سوف نثق تماماً في إعلاناته، وحينها فقط ستبدأ تدريجياً عودة الثقة في المنظومة المصرفية التي فقدتها بسبب الانقسام والأزمات التي نجمت عنه والمصاحبة له.

مشاركة الخبر