قال رجل الأعمال الليبي “حسني بي” في تصريح لصحيفة صدى الاقتصادية: في أعقاب قيام المصرف المركزي بربط جميع المصارف التجارية وفروعه الثلاثة شرقًا وغربًا وجنوبًا، إلى جانب ربط كافة مزوّدي خدمات الدفع الإلكتروني بالموزّع الوطني، وإطلاق المركزي مبادرة “الشمول المالي” الهادفة إلى تمكين جميع المقيمين في ليبيا من استخدام وسائل الدفع الإلكتروني؛ قررت شركات المجموعة “إتش بي” إطلاق تجربة عملية محدودة النطاق في حدود سوق الكريمية بمدينة طرابلس، وفي حالة نجاح المبادرة تمتد لتشمل السوق الليبي بأكمله.
مضيفًا: وقد أُطلق على هذه التجربة اسم “زيرو كاش (Zero Cash)”، والتي تقوم على عدم قبول النقود الورقية في محلات توزيع الجملة بمنطقة الكريمية أولًا ولتمتد مرحليًا إلى كامل الأرض الليبية. وتأتي هذه الخطوة ضمن خطة مرحلية مداها مدة ستة أشهر، وتنتهي بالتحول الرقمي الشامل في 31 مارس 2026، بهدف التحول الكامل إلى منظومة الدفع الرقمي والاستغناء التام عن التعامل النقدي.
تابع بالقول: وقد شكّل الإعلان عن هذه المبادرة، في أكتوبر، صدمة لدى البعض، حيث قابلها البعض بعدم التصديق، في حين بادر آخرون إلى تبنّيها ودعمها واتباع ذات الخطوة.
قال كذلك: وتزامن ذلك مع حالة نقص حاد بالنقود الورقية نتيجة تنفيذ قرار المصرف المركزي القاضي بسحب فئتي 20 و50 دينارًا ليبيًا، في إطار تنظيم عرض النقود وتحديد القاعدة النقدية الحقيقية والفعلية، بما يمكّن المصرف من إقرار سياسات نقدية مبنية على مؤشرات واقعية. وأسفرت هذه العملية عن مفاجأة كبرى، تمثلت في اكتشاف ما يزيد عن 10 مليارات دينار ليبي من هاتين الفئتين مجهولة المصدر، وهو ما مثّل نحو 22% من إجمالي الفئتين المسحوبتين خلال عام 2025.
متابعًا: وقد أدّى ذلك إلى حدوث أزمة سيولة خانقة، نتج عنها توجه بل حاجة إلى الإسراع نحو استخدام وسائل الدفع الإلكتروني. وبفعل هذه التطورات والأزمات، لوحظ تراجع الاعتماد على الدفع النقدي من معدلات تجاوزت 60% حتى عام 2023 إلى ما دون 40% بحلول سبتمبر 2025. ومع انطلاق مبادرة “زيرو كاش” في منتصف أكتوبر 2025، شهدنا ارتفاعًا غير مسبوق في معدلات قبول الدفع الإلكتروني، تجاوز 90% في مرحلته الأولى، ثم تراجع الاعتماد على النقد إلى أقل من 10%، وصولًا إلى تحقيق نسبة 100% دفع إلكتروني خلال الأسبوع الحالي، وبذلك تحقق الهدف المخطط له خلال فترة تسعة أسابيع فقط، بدلًا من المدة الزمنية المقدرة بستة أشهر.
اختتم القول: ورغم هذا الإنجاز، لا يزال مستوى الشمول المالي دون الطموح، ما يستدعي تسريع وتيرته عبر التوسع في استخدام البطاقات مسبقة الدفع، والسماح بإنشاء حسابات مجمّعة تمكّن الكفيل من ضمان مستخدمي هذه البطاقات، بما يعزز الإدماج المالي ويضمن استدامة التحول الرقمي خاصة بما يخدم مصلحة المغتربين غير المقيمين رسميًا وكبار السن والقُصّر.