Skip to main content
خاص.. وراء القرار (556) 11 مليون دينار من المال العام تنتظر إجابات
|

خاص.. وراء القرار (556) 11 مليون دينار من المال العام تنتظر إجابات

كتب مصدر خاص لصدى الاقتصادية: بتاريخ 11 أغسطس الجاري وبجرة قلم، خصص مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية مبلغًا يقارب أحد عشر مليون دينار ليبي من أموال الدولة، القرار، الذي حمل الرقم 566، بدا في ظاهره إجراءً إداريًا روتينيًا: “تسوية ديون مستحقة على المجلس الرئاسي لصالح شركة الخطوط الجوية الأفريقية”، ولكن خلف هذا العنوان المقتضب، يختبئ غياب تام للتفاصيل، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات مشروعة حول مصير أموال دافعي الضرائب.

إن سداد الدولة لديونها هو أمر محمود ومطلوب، ودعم الشركات الوطنية مثل الخطوط الأفريقية واجب لا يمكن إنكاره، لكن المبدأ الأساسي في إدارة المال العام هو الشفافية، وهي الحلقة المفقودة في هذا القرار.

اليوم، لا نطرح اتهامات، بل نضع أمام الرأي العام والجهات المسؤولة سلسلة من الأسئلة التي تتطلب إجابات واضحة وفورية:

أولاً: ما هي طبيعة هذه “الديون” بالضبط؟

القرار جاء بعبارة فضفاضة، من حق المواطن أن يعرف: هل هذه الديون مقابل رحلات جوية؟ إن كان كذلك، فما هي هذه الرحلات ومن هم المستفيدون منها؟ متى تمت، وهل توجد فواتير موثقة تثبت تقديم هذه الخدمات بالفعل؟ إن الحديث عن “ديون” دون تفصيلها هو بمثابة إعطاء شيك على بياض من المال العام.

ثانيًا: كيف تم احتساب هذا المبلغ الدقيق (10,835,106 د.ل)؟

الأرقام في المعاملات الحكومية لا تأتي من فراغ، من هي الجهة التي دققت الفواتير وتأكدت من صحة المبلغ ومطابقته للخدمات المقدمة؟ هل قام ديوان المحاسبة بمراجعة هذه الديون قبل إقرار صرفها؟ إن الدقة المتناهية في الرقم تزيد من الغرابة في غياب الوثائق التي تشرح كيفية الوصول إليه.

ثالثًا: لماذا الصرف من “بند المتفرقات”؟

يُعد “بند المتفرقات” في الميزانية العامة للدولة مخصصًا للطوارئ والمصروفات غير المتوقعة، الديون القديمة ليست مصروفًا طارئًا، فلماذا تم اللجوء إلى هذا البند تحديدًا؟ هل كان ذلك لتجاوز مسارات الرقابة المالية الأكثر صرامة المرتبطة بالبنود المخصصة؟

رابعًا: لماذا هذا التوقيت؟

في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وأولويات المواطن التي تتجه نحو الخدمات الأساسية، ما هي الضرورة الملحة التي استدعت سداد هذا الدين بعينه في هذا التوقيت؟ هل هناك ديون أخرى أكثر إلحاحًا لمؤسسات خدمية أخرى؟

دعوة إلى الوضوح

إن القضية هنا تتجاوز مجرد مبلغ مالي، إنها قضية تتعلق بمنهجية إدارة الدولة وثقة المواطن في حكومته، الثقة لا تُبنى بالقرارات الغامضة، بل بوضوحها وقدرتها على الصمود أمام أي تدقيق.

نضع هذه التساؤلات المشروعة على طاولة السيد رئيس مجلس الوزراء، ووزارة المالية، وديوان المحاسبة إن الإجابة عليها ليست ترفًا، بل هي استحقاق أساسي للمواطن الليبي، وهي الخطوة الأولى نحو تكريس مبدأ “من أين لك هذا؟” على كل من يتولى مسؤولية إدارة المال العام.

ننتظر توضيحًا، لا من أجل الجدل، بل من أجل بناء دولة القانون والمؤسسات التي يستحقها الجميع.

مشاركة الخبر