كتب: الخبير المصرفي د.عادل الكيلاني
قد يستغرب كل متابع للشأن المصرفي في ليبيا، تعنت السيد “الصديق الكبير” محافظ مصرف ليبيا المركزي (طرابلس)، وتشبته بكرسي المحافظ رغم انقضاء المدة القانونية له في هذا المنصب، ورغم تعالي الأصوات الشعبية المطالبة بتنحيه عن المنصب، حيث يتهمه الكثير من المهتمين بالشأن المصرفي والكثير من أبناء الشعب الليبي بأنه السبب فيما وصلت إليه حال البلاد والعباد من نقص في السيولة وفساد القطاع المصرفي ودعم زعماء المليشيات.
ويرى البعض أن القوة التي يتمتع بها السيد “الصديق الكبير” مستمدة من دعم تيار سياسي معين وزعماء المليشيات ومباركة بعض الدول الغربية، وأن هذا الدعم جعله يتعدى على صلاحيات هي في الحقيقة من اختصاص وزارة المالية، وبلغ من الغلو أن كون سلطة رابعة لا تنصاع لأي مكون حكومي.
ما أريد توضيحه هنا، أن السيد الصديق الكبير بالإضافة إلى الدعم الذي يتحصل عليه من المكونات التي ذكرتها، فإنه استفاد كثيراً من الاختلالات في قانون المصارف الليبي، والذي أعطى السيد المحافظ القوة الكاملة ليكون الآمر الناهي في مصرف ليبيا المركزي، وحسب علمي أن الجزئية الخاصة بالفصل الثاني من قانون المصارف 46 لسنة 2012، والمتعلق بإدارة المصرف، فهذه المواد المتعلقة بالفصل المذكور قديمة ولا أعتقد أنه حصل فيها تغيير أو تعديل منذ تأسيس مصرف ليبيا المركزي، ولم تواكب التطور الحاصل في قواعد الحوكمة والحكم الرشيد، وأن هذه المواد كانت سببا في ما نشاهده اليوم من حالة التشظي والتفتت في مصرف ليبيا المركزي، وعدم وجود قوة تشريعية أو تنفيذية قادرة على تعديل الموقف الحالي.
ولهذا أرى .. أن إصلاح القطاع المصرفي يبدأ من إصلاح المصرف المركزي، وبالتالي إصلاح الهيكل التنظيمي للمصرف المركزي، وترسيخ مبادئ الحوكمة في هذه المؤسسة النقدية المهمة. وحماية مصرف ليبيا المركزي في المستقبل من تكرار السيناريو الحالي والذي أدى إلى هذا الوضع السيء الذي أضر بالاقتصاد الوطني وأضر بسمعة ليبيا الدولية، وكان سببا في إضعاف القطاع المصرفي الليبي، كما كان سببا في تردي الوضع المعيشي الذي يعيشه الشعب الليبي اليوم.
عليه فإن إصلاح المصرف المركزي يكون على النحو التالي:
أولاً: تشكيل مجلس إدارة مستقل يتكون أعضاءه من الشخصيات المؤهلة وذات الخبرة في مجال العمل المصرفي من المستقلين على أن يكون المحافظ أحد أعضاء مجلس الإدرة وليس رئيساً لهذا المجلس، وأن يكون من ضمن عضوية هذا المجلس ممثلين عن القطاع الخاص، على أن يتشكل مجلس الإدارة من رئيس مجلس إدارة ونائب رئيس مجلس إدارة ليس من بينهم المحافظ، يتبع هذا المجلس لجنة للتدقيق والمتابعة.
ثانياً: أن يتكون المكتب التنفيذي من عدد 2 أو 3 نائب للمحافظ يتم تحديد مهامهم بدقة، ويتم توزيع مهام السياسة النقدية والعمليات المصرفية بينهم.
ثالثاً: يتم تشكيل إدارة بمصرف ليبيا المركزي تتولى حماية المستهلك، لمتابعة المصارف التجارية وغيرها فيما يتعلق بأسعار وجودة الخدمات المصرفي التي تمس العملاء.
بهذه التراتبية نستطيع أن نحمي المصرف المركزي من تغول أيً كان على إدارته، ونحمي الاقتصاد الوطني والشعب الليبي من تفرد شخص أو مجموعة سياسية على سلطة المصرف المركزي وتوظيفه لصالح هذه الجماعة أو تلك.