| مقالات اقتصادية
“خبير نفطي” يكتب عن التداول النقدي العالمي في ظل فئات الدولار الأمريكي الحالية وعلاقته باقتصاديات النمو والاحتمالات المستقبلية
كتب: الخبير النفطي “محمد أحمد”
منذ سنة 1969 أوقفت الولايات المتحدة دوران الفئات النقدية الأعلى من 100 دولار من التداول وبهذا فإنها سحبت من السوق فئات 1000 و5000 دولار رسميا.
هذه الفئات بمقاييس اليوم تعتبر ثروة هائلة لم يكن لفرد عادي سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها الحصول عليها واستعمالها للتداول العادي. في سنة 2017 كما يتضح في الرسم فإن 700 دولار في 1970 تكافئ 100 دولار، بمعنى أن السلع والخدمات التي تساوي 700 دولار اليوم كان الفرد يحصل عليها في سنة 1969 بمائة دولار فقط.
بعد أن فكت الولايات المتحدة ربط قيمة العملة بالذهب في بداية السبعينات كان من الطبيعي أن تحاول استرداد الكتلة النقدية المتواجدة خارج الولايات المتحدة بإلغائها تداول الفئات النقدية الكبيرة. في ذاك الوقت عندما كانت البنوك تتمتع إلى حد كبير بهامش واسع ومرن للحركة مع احتفاظها بحق الحفاظ على سرية المعاملات استطاعت أنظمة الدفع للدول النامية والصغرى التكيف مع التشديد النقدي الأمريكي، ولم يكن هناك تذمر على مستوى الافراد حيث أن قيمة فئة 100 دولار كانت كافية لتعويضهم عن فقدانهم مزايا الخصوصية والمرونة في تعاملاتهم التجارية.
وبحساب متوسط تضخم 2% فإن قيمة الورقة من فئة 100 دولار يتوقع أن تتراجع قيمتها المكافئة لتصل إلى 10 دولار تقريبا في سنة 2093. العديد من الاقتصاديين الأمريكيين ينادون بالتخلص من الفئات الكبيرة من العملة الأمريكية بهدف الحد من التداول الخارجي الذي قد يستعمل في التهرب الضريبي أو في عمليات الجريمة العابرة للحدود والإرهاب. وبينما هذا يصب في المصلحة القومية للولايات المتحدة الامريكية إلا أنه في المقابل يضيق مجالات الاستثمار والتنمية في العالم الخارجي الذي يعتمد على تقييم اقتصاده بالعملة الامريكية. يبدو أن الحكومة الأمريكية مرتاحة لتناقص قيمة فئاتها النقدية الأكبر بفعل التضخم مما يفرض فعليا ضريبة تساوي قيمة سعر الفائدة عند الاحتفاظ بالنقد خارج المصرف.
هناك بعض الاتجاهات تشير إلى أن الاستمرار في هذه السياسة سيدفع المجتمعات المتضررة بما فيها المجتمعات النامية ومجتمعات الجريمة أيضا إلى ابتداع وسيط مالي جديد لا يرتبط بالدولار وذلك لتناقل القيمة عبر الحدود وهو ما سيسبب هزة عميقة لنظام النقد العالمي ودورانه. لذا فإن هؤلاء ينادون برجوع الفئة من 1000 دولار والتي فعليا ستساوي قيمة 100 دولار بداية السبعينات بعد إضافة التضخم في فترة قصيرة.
وبالرغم من أن حركة مثل هذه ستساعد كثيرا في توسع آفاق الاستثمار والتنمية في الدول النامية بفضل منحها المرونة الكافية في التحرك خارج السيطرة الأمريكية ونظام مدفوعاتها النقدي أو الالكتروني والتي أحيانا تكون مدفوعة بعوامل سياسية، إلا أن غول الفساد في هذه الأنظمة المتخلفة يثير الكثير من علامات التحذير إذا ما تم إصدار فئات نقدية كبيرة من العملة الأمريكية.