| مقالات اقتصادية
خطاب مفتوح عن طريق “صدى” من السيد رجب المسلاّتي للسيد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة
كتب رجب المسلاتي لصحيفة صدى الاقتصادية مقالا بعنوان :خطاب مفتوح للسيد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا
دعني سيدي في البداية أعرّفك بنفسي، أنا مواطن ليبي متقاعد أعتز بليبيتي وأفتخر بها ويحزنني كثيرآ ما آلت إليه الأمور فيها، رغم تقدمي في السن وخبرتي الواسعة بشئون الحياة لا أجد سبباً منطقياً لما جرى ويجري في بلادي وعلى أرضها غير الثروات الريعية التي استجدّت عليها بعد اكتشاف النفط ثروات غير معتادة هبطت فجأة على الناس دون أن يساهموا في صنعها إنها لعنة اقتصاد الريع وثقافة الغنيمة، وعندما تتحوّل موارد الدولة إلى غنيمة فمن ذا الذي لا يريد نصيباً فيها “By hook or crook” كما يقال باللغة الإنجليزية، لولا ثروات النفط وثقافة الغنيمة ما قامت ثورة “الضبّاط الوحدويين الأحرار”، ولولا ثروات النفط وثقافة الغنيمة ما قام الناس بثورة ضد ثورة “الضباط الوحدويين الأحرار، ولولا ثروات النفط وثقافة الغنيمة ما جري ما يجري في ليبيا الآن ،. اسمح لي إن أطلت عليك المقدمة، ولكنني أردت أن أقول لك بطريقتي الخاصة أنى أشفق عليك.
يقال إن انتخابات تشريعية ورئاسية يرتب لإجرائها في ليبيا خلال الربع الأول من السنة القادمة، ويقال إنك عرّابها والداعي لها، وافق على إجرائها المجتمع الدولي، ورحّبت بها القوى المتصارعة الحاكمة في ليبيا، وهناك تساؤلات كثيرة بشأنها في الشارع الليبي يقول الناس ما أدرانا، قد تكون مخرجاتها لا تختلف عن مخرجات الانتخابات السابقة، أسماء جديدة ومظاهر جديدة وسحنات جديدة وكفاً، ويردد بعضهم في سخرية أنها ستكون مسألة “مكياج” مجرّد تغيير ألوان وأصباغ وآخرون يشككون في القدرة على إجراء أي انتخابات سليمة وشفافة في ظل التشظي والخلاف والخوف وفقدان الثقة وانتشار السلاح وسيطرة أمراء الكتائب المسلحة.
في أي بلد آخر، وفى أزمة كأزمتنا، الانتخابات هي الحل الأنسب، لكن في ليبيا وفي ظل الظروف القائمة فيها ينبغي الحذر الشديد قلت إن الانتخابات المقترحة “رحّبت” بها القوى الحاكمة في ليبيا، قلت ذلك لأن تلك القوى ستجدها فرصة ثمينة للخروج من المشهد سالمة دون حساب ولا عتاب، بل إن بعضا من قادتها يعد نفسه للترشح فيها ويرى أنه لا محالة سيفوز، وهذا قطعا ما لا يريده الناس.
سيدي عندكم في لبنان قيادات شعبية راسخة ومسموعة الكلمة، عندكم إذا تكلّم سمير جعجع سكت كل المراونة، وإذا تكلم سعد الحريري سكت كل أهل السنة، وإذا تكلم حسن نصر الله سكت الشيعة، وإذا تكلم وليد جنبلاط سكت كل الدروز. عندكم في لبنان وقبل الانتخابات بأشهر، يحدد من سيترشح لها ومن سيفوز فيها، ومن سيكون رئيسا للدولة ومن سيكون رئيسا لمجلس النوّاب ومن سيكون رئيسا لمجلس الوزراء ومن سيكون وزيرا للخارجية ومن سيكون وزيرا للدفاع .
عندنا في ليبيا “من لم يذد عن حوضه بسلاحه يهدم ومن لا يتقي الشتم يشتم”عندنا في ليبيا “إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب” .. عندنا في ليبيا “إن لم تكن معي فأنت ضدّي” عندنا في ليبيا “أنا وخوى علي ولد عمّى، وأنا وولد عمّى علي الغريب” عندنا في ليبيا “إما غالب أو مغلوب” عندنا في ليبيا “المتهم مدان حتّى تصدر براءته” عندنا في ليبيا “خير يا جارى أنت في دارك وأنا في داري” عندنا في ليبيا “كل واحد يلعب قدّام حوشه”، عندنا في ليبيا “إن أصابك خير حسدوك وإن أصابك شرّا شمتوا فيك”، عندنا في ليبيا “كان درّت احلبها”، عندنا في ليبيا “ألعب بروحك ما تشك” عندنا في ليبيا، نحن في حاجة إلى أطباء نفسانيين وخبراء اجتماعيين لعلاجنا من عقدنا النفسية وأمراضنا الاجتماعية.
وعندنا في ليبيا بعدد الناخبين من كل من جعجع والحريري ونصر الله وجنبلاط، ومع ذلك ورغم كل ذلك فإنني مثلك أري أنه ينبغي علينا أن ننشل أنفسنا من الجمود القاتل الذي يحيط بنا، وقد يكون اقتراحك بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية أفضل الوسائل لذلك، ولكن علي أساس قانوني واضح وبإشراف دولي محايد ليس فيه مصر ولا السعودية ولا السودان ولا الإمارات العربية المتحدة ولا قطر ولا تركيا ولا إيطاليا ولا فرنسا .