Skip to main content
"درباش" يكتب مقالاً بعنوان: الإرتفاع ليس إرتفاع
|

“درباش” يكتب مقالاً بعنوان: الإرتفاع ليس إرتفاع

كتب: أستاد بجامعة سربون المبروك درباش مقالاً

يرتاح كثير من المتابعين في دولنا لمسألة إرتفاع سعر النفط ويستاء لإنخفاضه، في اعتقاد أن للارتفاع مردود إيجابيٌّ على الدول المصدرة له، وبالتالي سلبيٌّ على الدول المستوردة.

هذه مغالطة في منطق سوق الطاقة لأسباب عدة، بعضها اقتصادي والآخر سياسي، ولكن أهمها، على سبيل الذكر هنا، أن لاستخراج النفط تكلفة ترتفع هي الأخرى مع إرتفاع سعر المادة المُستخرجة.

وهذا سببهُ أن الدول المصدرة للنفط هي دول تعتمد كثيراً على شركات الدول المستوردة له، في عملية الإستخراج من صيانة إلى قطع غيار إلى طرق و معلومات إلى قوى عاملة ذات خبرة، لذلك سُميِّت الدول المصدرة ب”دول التأجير”، أي الدول التي تحتاج لغيرها لمساعدتها في إستخراج المادة الخام، فتؤجر العملية أو تشترك فيها قليلاً.

والجانب الآخر، والذي لايقل أهمية، هو أن دول التأجير هذه كليبيا والجزائر وفنزويلا ودول الخليج، في العادة، تصدر المادة الخام وتستورد المواد المصنعة منها، كالوقود والبلاستيك والأسمدة والملابس، وغيرها، والتي ترتفع أسعارها هي الأخرى كما الحال مع سعر المادة الخام.

الأهم من كل هذا، هو الهاجس الذي يراود ويستبد تفاكير كل الدول المصدرة للنفط، ولذلك تسعى دائما إلى المحافظة على منتجها ضمن سعر متواضع ومناسب، ووفق توافق سوقي، وهو الخوف من أن هذا التزايد قد يجعل البحث عن بدائل لسلعتها أكثر رخصاً، ويشجع على الاستثمار فيها، وهذا يعتبر خطر وجودي بالنسبة لكل اقتصاديات النفط.

هناك أيضاً، الجانب النفسي والسياسي لهذا التفاعل المريب مع سوق الطاقة، فيجب أن لا ننسى أن سعر النفط وصل إلى قيمة سلبية مع بداية جائحة الكورونا، في ابريل 2020 تقريباً، وإلى 75$ مع نهاية العام، وهذا قد ينذر بما يسمى ب “الدورة الفائقة”، والتي تعني أن سعر النفط سيستمر في الارتفاع, خاصة إذا أستمرت الحروب القريبة من دول الإستخراج، كنيجيريا، والتي قد تسعى القوات الفرنسية الفارة من مالي إلى التمركز فيها، وليبيا ومحنتها المنفلتة أو دول النقل كأوكرانيا.

النفط مادة متفاعلة بحساسية مرنة مع جُل الضروف المناخية والسياسية والنفسية على حد سواء.

مشاركة الخبر