رغم المحاولات المتعددة لزعزعة الأمن في طرابلس ، توسطت الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في سبتمبر الماضي مع التأكيد على الحكومة في تنفيذ برنامج الأصلاحات الأقتصادية والبدء الفوري باستبدال المليشيات بالشرطة النظامية .
وهذا الجهد المبذول من الحكومة الليبية والتنسيق يعتبر بالنسبة للأمم المتحدة فرصة لقطع الطريق أمام الجماعات المسلحة والتى سيطرت على العاصمة طرابلس لسنوات .
وكالة الأنباء رويترز رصدت تحركات أكبر زعماء هذه المليشيات “هيثم التاجوري ” والذي غادر البلاد قبل شهرين وعاد بعد توقف الاشتباكات.
حيث قام قائد ثوار طرابلس بجولة في وسط المدينة مع حاشيته وأوقفوا سياراتهم خارج البنوك التي مددت على نحو غير متوقع ساعات العمل ، مما يسمح لسكان المدينة بسحب الأموال.
وأضافت رويترز أن شاهد عيان رفض الكشف عن هويته قال ” أن التاجوري صاح أمام النساء وهن يقفن في أحد البنوك قائلاً : “هل تريدون نقوداً ” ..
وقد نشر سكان طرابلس رسائل على وسائل التواصل الاجتماعي تقول ” إن التاجوري قد ساعد في الحصول على المزيد من المال مما أدى إلى تدفق المزيد من الناس إلى البنوك”
وفي الشهر الماضي ذكرت الدوريات الموجودة في وسط طرابلس والتى تقف خلف البنك المركزي لرويترز ” إن التاجوري قام بطرد تجار العملة من السوق السوداء عدة مرات خلال الأسابيع الأخيرة وهو أمر آخر يرضي العامة “
وربما يكون تصرف التاجوري لدعم موقفه بعد غيابه وبعد حدوث أعمال القتل حيث ذكرت المصادر لرويترز أن قواته كانت مشتتة.
وفي مدينة يبلغ سكانها 3 ملايين نسمة تعتبر التصرفات الأخيرة للتاجوري بطولية حيث إن كبح الميليشيات أمر حاسم في الخطط المستقبلية لاستعادة أمن البلاد ، مع الاسترشاد بتعليمات الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في البلاد الغنية بالنفط .
وأضافت رويترز أن وجود هذه المليشيات سبب في تعقيد خطط الانتخابات ، التي كان من المقرر عقدها في العاشر من ديسمبر والتى تأجلت الآن إلى العام المقبل.
وأشارت رويترز أيضاً إلى القتال الذي اندلع في في أغسطس عندما هاجمت بعض الميليشيات التي مقرها خارج طرابلس مؤسسات الدولة ، وبعدها تم عقد هدنة لوقف إطلاق النار حيث تقول السلطات إن المليشيات بدأت في الانسحاب التدريجي من المواقع الاستراتيجية في طرابلس بما في ذلك البنوك والوزارات ، حيث قام وزير الداخلية الجديد فتحي باشاغا بإجراء تغييرات جذرية ومهمة.
وأنه من المفترض أن يتم دمج الميليشيات في قوات الأمن أو تسريحها ، حيث تسيطر الشرطة على حلقتين داخليتين في طرابلس وتؤمن الوحدات العسكرية أطرافها..
حيث يقول بعض المحللين والدبلوماسيين إن الخطة الأمنية الحالية المدعومة من قبل الأمم المتحدة لديها فرصة أكبر للنجاح أكثر مما كانت عليه في الماضي ، حيث أن قادة الميليشيات يسعون لحماية أموالهم من أى تهديد جديد أوعقوبات.
وقد أصدر مجلس الأمن الدولي والخزانة الأمريكية هذا العام تجميد الأصول وحظر السفر ضد ستة من مهربي المهاجرين وأيضاً تم في الشهر الماضي أصدار عقوبات جديدة ضد صلاح بادي وهو قائد ميليشيا من مدينة مصراته .
وقد قال أحد الدبلوماسيين ” إن عمق نفوذ الميليشيات يعني أنه من غير الواضح ما إذا كان لدى “السلطة المحلية” الإرادة لإحداث تغيير أو إمكانية لايجاد فرص عمل للذين سيتم تسريحهم لاحقاً وأن الكثير من قادة الميليشيات يوافقون على السلام الأن لأنهم يريدون الحفاظ على مكاسبهم غير المشروعة ولكن المشكلة هي أنه لا توجد وظائف (لأتباعهم)”
حيث يرى بعض السكان أن الترتيبات الجديدة تجميلية إلى حد كبير ، مع تغيير الحراس للزي الرسمي ولكن يبقون مخلصين لقادة الميليشيات.
وقال مبعوث الامم المتحدة في ليبيا غسان سلامة لرويترز في بيان ان “التعيينات الرئيسية ساهمت في اتخاذ قرارات شجاعة” منذ أن تم وقف إطلاق النار.
و أضاف : “مثل معظم الليبيين نشعر بالإحباط من الحكومة بسبب تنفيذها البطيء للترتيبات”
وفي الوقت الحالي ، لا يزال قادة الجماعات المسلحة في المقدمة حيث ينظر الى التاجوري على انه أقوى من رئيس الوزراء ولكن هناك تساؤلات بشأن موقفه بعد غيابه عن البلاد في الاشتباكات الأخيرة ، وأن عودته من الخليج في طائرة خاصة وهو يرتدي أثواباً إماراتية زرقاء أثارت التكهنات بأنه ربما على تواصل مع زعماء هذه الدولة وهي أحدى الدول المهمة التى سببت في الصراع الليبي.