أصدر ديوان المحاسبة كتابا موجها إلى المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق الوطني بخصوص الترتيبات المالية لسنة 2019 التي أقرها المجلس الرئاسي وإقرار برامج و مشروعات التنمية رقم 377 لسنة 2019 بشأن الدين العام.
تأكدت “صدى “من صحة الكتاب من داخل أروقة ديوان المحاسبة بطرابلس ومصادرنا قالت : “إن هذا الكتاب لم يبرق للمجلس الرئاسي وتم تعديله ولكنه لم يعمم على أعضاء الديوان إلى الآن “
وأوضح الديوان خلال الكتاب أن قرار الترتيبات المالية يعتبر بديلا للموازنة العامة للدولة، في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها ليبيا، والتي يجب إعدادها واعتمادها وفق ما تنص عليه التشريعات و اللوائح المنظمة لإعداد واعتماد الموازنة العامة باستثناء الإقرار، حيث جاءت الفقرة رقم 6 من المادة 9 من الاتفاق السياسي كاستثناء دستوري محدود يقتصر على اعتماد قرار تخصيص الأموال التي هي من صلاحيات السلطة التشريعية إلى مجلس الوزراء وبشرط أن تكون الترتيبات الطارئة و التشاور مع ديوان المحاسبة ومصرف ليبيا المركزي وهو لا يعد تفويض للمجلس الرئاسي بمهام السلطة التشريعية ولا يجوز الانحراف على هذه الشروط أو استعمال النص المحدود في مخالفة القوانين المنظمة لإدارة واستعمال المال العام نظراً لما لوحظ من وجود العديد من الانحرافات عن ضوابط إعداد واعتماد الموازنة العامة بالإضافة إلى وجود عدد من المخالفات للتشريعات النافذة.
وأفاد الديوان أن صدور القرار من المجلس الرئاسي وليس مجلس الوزراء كما ينص الاتفاق السياسي وعدم الالتزام باستكمال التشاور والتنسيق فيما بين أعضاء المجلس الرئاسي من جانب وبين المجلس الرئاسي و ديوان المحاسبة والمصرف المركزي من جانب آخر، وافتقاد قرار الترتيبات لأي شكل من أشكال الإصلاح المالي أو الاقتصادي سواء من ناحية ترشيد الإنفاق ووضع ضوابط للانفاق أو تحسين الجباية بالإضافة إلى أن هذا لم يعكس أي رؤية تشير إلى اتباع سياسة مالية متوازنة حيث تم توسيع الإنفاق وإنشاء جهات ومراكز إدارية جديدة بعكس ما هو مفترض في حالات التضخم التي يعاني منها الاقتصاد الليبي نتيجة المبالغة في تقديرات مصادر التمويل بمقارنتها بالمحقق خلال 2017 و2018 بالمخالفة ما قدمته الجهات المعنية بجباية الإيرادات بالتقديرات المعدة بمعرفتها.
كما تضمن الكتاب أيضاً وجود مغالطة في قرار الترتيبات المالية الذي تم صياغته بشكل يوحي بأنه صدر واعتمد بناء على التشاور مع ديوان المحاسبة الأمر الذي لم يتم في الواقع، و اعتراض وزير المالية على الجداول المقدمة بالاجتماع المذكور، والتي تم اعتمادها ضمن قرار الترتيبات موضوع الكتاب، حيث صرح رسمياً بأنها مخالفة للمشروع المعد من اللجنة المالية المشكلة من وزارة المالية بموجب القانون المالي للدولة و لم تتضمن الميزانية لكافة الموارد المقدر تحصيلها بالدولة حيث تم وضع تقديرات الموارد النفطية والسيادية وإدراج بند خاص بموارد رسوم مبيعات النقد الأجنبي كمتمم حسابي دون أي أساس علمي أو مهني، بالإضافة إلى مخالفة المادة 3 من قرار الترتيبات المالية للقانون المالي للدولة الذي منح مجلس الوزراء صلاحيات المناقلة فيما بين البنود داخل الباب الواحد وبشرط وجود وفر بنود أخرى كما ان ادراج المشروعات ضمن هذه المادة ينطبق عليها نص المادة 14 من قانون الجرائم الاقتصادية الذي منع استعمال مخصصات التنمية في اغراض غير تنمية، و خالفت الترتيبات المالية المادة 3 المشار إليها نص الاتفاق السياسي الذي اشترط في اقرار الترتيبات المالية الطارئة التشاور مع ديوان المحاسبة ومصرف ليبيا المركزي وحيث أن المناقلات تعتبر تعديل للترتيبات فإنها ينطبق عليها ما يشترط الترتيبات مخالفة نص المادة السابعة من قرار الترتيبات التشريعات المالية ويتعارض مع قرار الترتيبات نفسه حيث جاء النص بجواز استعمال مخصص المتفرقات 2 العجز والنفقات الضرورية الطارئة وكان الصحيح هوان تكون لتغطية العجز والنفقات الضرورية غير المخصصة ووجود عيوب شكلية بالجداول الواردة بالمادة الأولى حيث تم تعريفها بجداول تقديرات إيرادات ومصروفات العام 2018م في حين أن قرار الترتيبات يتعلق بتقديرات العام 2019م.
و تضمنت الجداول المرفقة بقرار الترتيبات المالية على زيادات مبالغ فيها لبعض الجهات تم إجراءها من قبل المجلس الرئاسي على التقديرات المقدمة من وزارة المالية دون أساس واضح وغياب التنسيق بين وزارة المالية ووزارة التخطيط فيما يخص تقديرات الباب الثالث بالإضافة إلى عدم حصر المبالغ المفوض بها المسيلة من مخصصات الباب الثالث من الترتيبات المالية 2018 والتي لم يتم صرفها ونصت عليها أحكام المادة (11) من قرار الترتيبات المالية لسنة 2019 بترحيلها إلى العام المالى 2019 مع انها تعد مصدر من مصادر تمويل الإنفاق للعام 2019 ويمثل ترحيلها استخدامات اضافية للباب الثالث لم ترصد خلال العام وتعد بمثابة تعلبة البواقي اعتمادات الترتيبات المالية للتفويضات التي لم تصرف بالمخالفة لأحكام المادة (7) من قانون النظام المالي للدولة و لم تولي الترتيبات المالية 2019 العناية اللازمة لمقتضيات التخطيط المالي السليم والتي على ضوئها يتم تحديد تقديرات نفقات الدولة وفق دراسة علمية دقيقة لاحتياجاتها في ظل الأولويات الموضوعة لها، مع الأخذ في الاعتبار مؤشرات ارقام العام الماضي الخاصة بالإنفاق عن السنوات السابقة واتجاهاتها المستقبلية وخلق الكثير من حالات التجاوز بالباب الأول لدى العديد من الجهات الممولة من الترتيبات المالية من خلال رصد مخصصات اقل من احتياجاتها الفعلية وفق المنظومة الرقم الوطني ودون الأخذ في الاعتبار مؤشرات الارقام الفعلية للعام الماضي بما سيؤدي إلى تكرار الغاء الترتيبات في نهاية السنة بتعديلها بعد الإنتهاء منها ومن هذه الجهات جامعة طرابلس ومرتبات شهداء الواجب ومن جهة اخرى لخلق وفر في مخصصات الباب الأول لبعض الجهات بالمنطقة الشرقية مما يثير الشكوك حول الغرض من مناقلات لجهات اخرى كما حدث بترتيبات العام السابق، و عدم وضع ضوابط وشروط لأوجه صرف البنود المركزية وأهمها العلاج بالخارج والمتفرقات والعمل السياسي بحيث يمكن تفادي ما شهدته السنوات السابقة من إهدار في إنفاقها ويضمن العدالة في توزيع الموارد المتاحة و عدم سداد قسط قرض صندوق الجهاد ضمن الترتيبات المالية بالإضافة إلى تقديرات الترتيبات المالية بملاحظات سبق للديوان أن نبه عنها اثناء التشاور معه بشأن الترتيبات المالية 2018 ومنها، عدم الافصاح عن الأرصدة الدفترية المتبقية لدى الجهات وإظهارها ضمن رسوم الخدمات العامة بمبلغ (520) مليون دينار، و فصل مخصصات المجلس الرئاسي عن ديوان مجلس الوزراء وفرد مخصصات مستقلة للمجلس مع أن الهيكلية الإدارية للرئاسي تعبر عن الاختصاصات التي يمارسها المجلس و تخصيص مبالغ لصندوق جبر الضرر، مع عدم وجود برنامج واضح يبين أوجه الصرف المزمع تنفيذها، وكان من الأجدر رصد مبلغ تأسيسي لبناء هيكلية إدارية له تعنى بوضع برنامج طويل المدى لمعالجة هذا الملف، ومخالفة قراركم رقم 376 لسنة 2019 للتشريعات النافذة والاتفاق السياسي على حد السواء حيث لا يجوز اصدار قرار مبهم بتخصيص أموال المشروعات تنموية لم يتم تحديدها اساساً ناهيك عن أن الاتفاق السياسي لم يجز للمجلس الرئاسي اقرار ترتيبات غير طارئة منفرداً، ويقودنا ذلك إلى التنبيه حول المغالطة الواردة بديباجة القرار والتي تم صياغتها بطريقة توحي بانه صدر واعتمد بناء على تشاور واتفاق مع ديوان المحاسبة الأمر الذي ينافي الواقع.
و في ختام الكتاب أوصى ديوان المحاسبة بإلغاء القرارات المذكورة أعلاه وإعادتها إلى اللجنة المالية لإعداد مشروع الترتيبات المالية بوزارة المالية وفقاً للتشريعات والضوابط المنظمة لإدارة واستعمال المال العام وإظهارها في وثيقة واحدة تعبر عن إصلاحات مالية واقتصادية حقيقية وعرضها على ديوان المحاسبة والمصرف المركزي في وقت ملائم للتشاور حول إقرارها.