Skip to main content
رجل الأعمال "حسني بي" يشرح ديناميكيات الاقتصاد الليبي وأسباب أزمة السيولة
|

رجل الأعمال “حسني بي” يشرح ديناميكيات الاقتصاد الليبي وأسباب أزمة السيولة

قال رجل الأعمال الليبي حسني بي في تصريح له عبر الصالون الاقتصادي، وهو ملتقى يضم نخبة من دكاترة الاقتصاد والاقتصاديين، والمصرفيين، ومديري شركات الوساطة المالية، ورجال الأعمال والرواد الناشئين، إلى جانب عدد من أعضاء السلطات السيادية في ليبيا: شخصيًا لا نؤمن بخلاف آليات السوق حتى وإن لم يكن السوق مثاليًا.

وتابع: حسب اعتقادي، الدفع الإلكتروني وسيلة تساهم في الحل، ولكن الديناميكيات الاقتصادية والنقدية والمالية في أي دولة في العالم مترابطة:

  1. الإطار العام في ليبيا:
    إن نحو 93٪ من الإنفاق العام في ليبيا يجب أن يُغطى من إيرادات الدولار الأمريكي، سواء من صادرات النفط أو من الاحتياطيات الأجنبية. وهذا يعني أن سعر الصرف يجب أن يُحدد بطريقة تضمن توليد كمية كافية من الدينارات الليبية (LD) لتغطية الاحتياجات المالية للدولة.
  2. القضايا المترابطة: أزمة السيولة النقدية، وخفض قيمة الدينار، والمضاربة. ورغم أن هذه التحديات قد تبدو منفصلة، إلا أنها في الواقع مترابطة بشدة وتتفاعل فيما بينها بطريقة متبادلة:
  • أزمة السيولة النقدية (Cash Shortage)
  • خفض قيمة الدينار (Devaluation)
  • المضاربة بين النقد والشيكات والدولار (Arbitrage)

وكلٌّ منها يعكس اختلالات هيكلية في القاعدة النقدية وفي إدارة السيولة داخل النظام المالي.

  1. أزمة السيولة النقدية: مشكلة هيكلية
  • تُعد أزمة السيولة في ليبيا مشكلة هيكلية وليست ظرفية مؤقتة، إذ ترتبط بأسلوب إدارة الاحتياطيات والسياسات النقدية المتبعة من قبل مصرف ليبيا المركزي.

الحقائق الأساسية:

  • تنص اللوائح على أن الاحتياطيات الإلزامية يجب أن تساوي 30٪ من إجمالي الودائع.
  • أما الاحتياطيات الفائضة بالعملة النقدية، التي تتجاوز حاليًا 20٪ من إجمالي الودائع، فهي أموال قام مصرف ليبيا المركزي (CBL) بسحبها من المصارف التجارية — وهو ما يُعد شكلًا من التشديد الكمي (QT)، مقابل التيسير الكمي (QE).

من الناحية الفنية، ولتخفيف نقص النقد في التداول، يجب على المصرف المركزي تحرير هذه الاحتياطيات الفائضة واستبدالها بنقد مطبوع جديد لإرجاع الثقة بالمصارف.

وتابع: إجراءات وتصريحات مصرف ليبيا المركزي، وفقًا لبيانات مصرف ليبيا المركزي:

  • يتوقع المصرف انحسار أزمة السيولة النقدية مع توزيع 14 مليار دينار ليبي من الأوراق النقدية الجديدة قبل نهاية العام.
  • ومن المنتظر أن تُحل الأزمة بشكل كامل بحلول عام 2026 مع وصول 20 مليار دينار إضافية من النقد الجديد.

وتُقدَّر الاحتياطيات الفائضة الحالية بنحو 20 مليار دينار ليبي، ما يبرز حجم التشديد النقدي المطبق فعليًا.

  1. العلاقة بين سعر الصرف والإنفاق العام
    عندما لا يولّد سعر الصرف ما يكفي من الدينارات لتغطية الإنفاق العام:
  • تضطر الدولة إلى التمويل النقدي للعجز عبر المصرف المركزي.
  • يؤدي ذلك إلى زيادة عرض النقود (M3) واتساع الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازي.
  • هذه الفجوة تحفّز المضاربة على العملة وتزيد من الطلب على الدولار، مما يفاقم الأزمة.

إن اتساع هذه الفجوة لا يُضعف استقرار العملة فحسب، بل يُشجّع التضخم ويُقوّض الانضباط المالي.

  1. المضاربة والفروق السعرية
    تُعد ظاهرة المضاربة بين النقد والشيكات والدولار نتيجة مباشرة للاختلالات في السياسات النقدية، كما أنها تُسهم في تعميقها.
  • عندما يتسع الفرق بين السعر الرسمي والسوق، تنشط المضاربات بقوة.
  • يصبح النقد في السوق أكثر قيمة من الشيكات أو الأرصدة المصرفية بسبب ندرته وثقة الناس فيه.

وأضاف: لا يمكن الجمع بين استقرار العملة وتمويل العجز في آن واحد، مع الاحتفاظ بالاحتياطيات وثبوت سعر الصرف، “ضربٌ من خيال جُرّب وفشل منذ عام 1982”، إنها كذبة.

  1. شهادات الإيداع وأثرها في إعادة التوازن
    استخدم مصرف ليبيا المركزي سابقًا شهادات الإيداع (Certificates of Deposit) لمعالجة الخلل في هيكل القاعدة النقدية، وذلك بتحويل الأموال من:
  • الودائع الجارية (M1) إلى الودائع الادخارية أو لأجل (M2 وM3).
  • الهدف من هذه السياسة هو امتصاص السيولة الفائضة وتحويلها إلى أدوات ادخار طويلة الأجل، مما يقلل الضغط على السوق النقدية.

إلا أن نجاح هذه الأداة يعتمد بدرجة كبيرة على استعادة الثقة بين المصارف والجمهور، ومفتاح الثقة الأول هو “توفير العملة (السيولة)”.

  1. المبادئ الأساسية للسياسة النقدية:
  2. يجب على مصرف ليبيا المركزي أن يمتنع تمامًا عن تمويل العجز المالي، سواء كانت هناك موازنة قائمة أم لا.
  3. إن التمويل النقدي للعجز يؤدي إلى:
  • زيادة عرض النقود.
  • اتساع الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي.
  • تفاقم أزمة السيولة عند لجوء المصرف المركزي إلى الاقتراض من المصارف التجارية.
  1. وكلما اتسعت الفجوة بين السعرين:
  • تزايدت المضاربات.
  • واشتد الضغط على سعر الصرف.
  1. الإطار القانوني، وفقًا للقانون الليبي:
  • لا يجوز لمصرف ليبيا المركزي أن يُموّل الحكومة بأكثر من 20٪ من الميزانية السنوية.
  • ويجب سداد هذا التمويل خلال السنة المالية التالية.
  • كما لا يجوز تكرار هذا التمويل أكثر من مرة واحدة.
  • يهدف هذا النص القانوني إلى منع الاعتماد المزمن على التمويل النقدي للعجز، وحماية استقرار القاعدة النقدية.
  1. إعادة التوازن وإصلاح القاعدة النقدية
    تحقيق الاستقرار النقدي سوف يؤدي إلى:
  • إلغاء الفروق بين الشيكات والنقد لإنهاء المضاربة.
  • تحرير الاحتياطيات الفائضة تدريجيًا عبر إصدار نقد جديد لتخفيف أزمة السيولة.
  • تثبيت سعر الصرف بما يضمن تغطية الإنفاق العام بالدينار الليبي دون اللجوء للتمويل التضخمي.
  • تعزيز الثقة بين الجهاز المصرفي والجمهور من خلال أدوات مالية شفافة وموثوقة.
  1. الخلاصة
    إن استقرار النظامين المالي والنقدي في ليبيا يتطلب:
  • ترسيخ مبدأ عدم تمويل العجز نقديًا.
  • مواءمة سعر الصرف مع واقع الإنفاق العام.
  • إعادة بناء الثقة في القطاع المصرفي من خلال سياسات واضحة وشفافة.
  • إعادة هيكلة السيولة بين النقد والودائع والعملات الأجنبية.
  • تعزيز الانضباط المالي بحيث تُستخدم إيرادات الدولار لتغطية الإنفاق دون استنزاف الاحتياطيات.
مشاركة الخبر