ما يعادل أربعون مليار دينار ليبي تم انفاقهم على دعم المحروقات خلال السنوات الماضية ، مبلغٌ أقل ما يوصف به أنه كبير جداً وضخم ، ولكن هذه الضخامة ستتحول إلى مشكلة تتفاقم في وضع اقتصادي مزري كالذي تعيشه البلاد .
حيث أن الدولة الليبية لازالت تستمر في دعم المحروقات دون رؤية واضحة أو هدف ودون أن تكثرت إلى ما سيسببه هذا الدعم من مشاكل اقتصادية وأزمات …
أرقامٌ مرعبة :
أظهر تقرير ديوان المحاسبة الذي نشر خلال الفترة الماضية أن ليبيا أنفقت ما يعادل 30 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية في صورة دعم للمحروقات ، 76.6 % منها لدعم المححروقات المستوردة من الخارج أي ما يعادل 23 مليار أما الباقي فيذهب لدعم المحروقات المنتجة محليا .
6.7 مليار دينار سنوياً يذهب لدعم المحروقات ، كجانب من أوجه الرفاه الاجتماعي والخدمي الذي تقدمه الدولة منذ سنوات عديدة ، ولكن شريط الرفاهية هذا بدأ يدخل نواقيس الخطر ويستوجب الإيقاف ، فالوضع الاقتصادي في ليبيا لم يعد يحتمل صرف مبالغ طائلة لتخفيض الأسعار والتخفيف ، بل الوضع يستوجب العلاج بأقصلا سرعة ممكنة عل الدولة تستطيع انقاذ ما يمكن انقاذه .
وأول خطوات العلاج والاصلاح التي يجب على الدولة الليبية القيام بها يثمتل في رفع العم عن المحروقات بإعتبار ان النفط هو المصدر الوحيد لدخل الدولة وعندما يتدهور الاقتصاد الليبي في ظل تناقص ايرادات النفط لن تجد الدولة حلاً بديلا تتكئ عليه في تعويض الفاقد الا بالنفط والذي لازالت تدعمه بمبالغ طائلة .
تهريبً وثروة تستنزف :
أفرز هذا الدعم مشاكل عدة ، خاصة مع تأزم الوضع الأمني في البلاد حيث استفدت عن طريقه فئة تعمل على تهريب الوقود الى خارج البلاد ليباع بأسعار مرتفعة لتستفيد هي ، واصبحت عملية السيطرة على هذه الفئات المهربة أمراً صعباً وغير ممكن في ظل الانقسام السياسي والانفلات الأمني .
ورفع الدعم على الوقود سيحد من عمليات التهريب هذه ، على أن يصاحب رفع الدعم رفع المرتبات واستبداله بمبالغ عينية يستطيع المواطن من خلالها أن يملأ سيارته بالبنزين بدون أن يؤثر هذا الارتفاع في السعر على حصوله على احتياجاته الأخرى .
معارضون وأسباب :
غياب شبكة مواصلات عامة وحلول بديلة في ليبيا كمترو الأنفاق والباصات العامة المتواجدة في معظم بلدان العالم ، أعطى لمعارضي رفع الدعم حجة قوية يستندون عليها ، حيث لا توجد في ليبيا مواصلات عامة يستطيع بها المواطن الوصول إلى المكان الذي يطلبه .
كما سيسبب رفع الدعم عن الوقود في ارتفاع اسعار المواد الغدائية تدريجياً نظراً لتكاليف نقلها ، وكذلك ارتفاع في تكلفة الانتاج الزراعي ، وستزداد تكلفة الخدمات تباعاً كالخدمات الطبية والصحية وغيرها .
كما ذكر المعارضون لهذه السياسة أن هناك اشكالية أخرى تتعلق بارتفاع أسعار اليد العاملة الاجنبية لأن العامل الاجنبي لا يستطيع الاستفادة من التعويضات المالية التي ستقدمها الدولة في حالة رفع الدعم عن المحروقات ، بل سيضطر إلى رفع أجرته بما يوفر له تكاليف انتقاله من مكان إلى أخر ، وبالتاللي ستزداد كلفة عمالة البناء والتشييد و النظافة و غيرها .
سياسات الدولة :
أعلنت الدولة الليبية خلال الفترة الماضية عن مجموعة من الاصلاحات الاقتصادية التي ستعمل على تنفيدها لإنقاد الاقتصاد الوطني من شبح الانهيار ، ومن ضمن هذه الاصلاحات وأولها كان رفع الدعم عن المحروقات وتعديل سعر الصرف وتعويض هذه السياسات بمبالغ أخرى تضاف الى المرتبات وبزيادة في مخصصات النقد الأجنبي .
وقد تعالت الأصوات في ليبيا بين مؤيد ومعارض لهذه الاصلاحات ، أو لرفع الدعم عن الوقود بشكل خاص ، فالمواطنون يعارضون لانهم لا يمتلكون نقوداً تكفيهم للموجة ارتفاع أخرى ، والاقتصاديون يؤيدون لأنهم ينظرون إلى المدى البعيد والى مصلحة الدولة التي أصبحت على بعد خطوة من الانهيار ..
فرأي من ينتصر يا ترى ؟