
| تقارير
شبكة “الدبيبة” كيف كانت علاقتها مع القذافي ؟.. وما سر الحسابات المصرفية السرية بملايين الدولارات في البنك السويسري!
كشف تحقيق أجرته مؤسسة مكافحة الجريمة والفساد OCCRP وشركاؤها بالاعتماد على بيانات مسربة من داخل بنك كريدي سويس وجود حسابات لم تكن معروفة من قبل تخص الرئيس السابق لجهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية، علي إبراهيم الدبيبة وأربعة مسؤولين ورجال أعمال مشاركين في نظام المقاولات العامة.
وأضافت مؤسسة OCCRP إن شبكة من المسؤولين أتهمت في عهد معمر القذافي باختلاس ملايين الدولارات من أموال التنمية الحكومية وتحويلها إلى الخارج كان لدى العديد منهم في الوقت ذاته حسابات في بنك كريدي سويس بإيداعات تقدر بعشرات الملايين من الدولارات.
وأوضحت المؤسسة إن معمر القذافي خطط لسلسلة من مشاريع التنمية في جميع أنحاء البلاد ليتم تمويلها بمليارات الدولارات من عائدات الدولةمعظم هذه المشاريع العمومية تديرها شركة تعرف باسم جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية وتتولي عقود البنية التحتية .
ولكن على مر السنين أصبح الجهاز سراً مكشوفا على أنه أيضا كسب غير مشروع واختلاس من قبل كبار المسؤولين المرتبطين بالقذافي ولكن بعد عزله عقب الإنتفاضة عام 2011 أكدت التحقيقات التي خصت جهاز تنمية و تطوير أن مليارات الدولارات التي تم التبرع بها خلال العقود العامة قد تمت سرقتها.
وأشارت المؤسسة إلى أن غالبا ما كان المتورطون في هذه المخططات مرتبطين ببعضهم البعض عبر الروابط الأسرية والتجارية وإرتبط العديد منهم بمؤسسة مالية حيث كانت لها حسابات لسنوات في بنك كريدي سويس.
وأكدت المؤسسة إن أسماء عملاء المصرف ظهرت ضمن تحقيقات حول الفساد وثبت تورطهم لاحقا في جميع مراحل ومستويات نظام المقاولات العام من منح العقود إلى ملكية الشركات التي استفادت من الإنفاق الحكومي بما فيها مصرف تونسي ليبي تورط لاحقا في مخطط للكسب غير المشروع يشمل خطابات اعتماد صادرة عن عقود جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية .
وتابعت المؤسسة بالقول: ظهرت السجلات المصرفية المسربة ضمن مشروع اسرار سويسرية أن الحسابات هذه كانت تحتوي على ودائع بقيمة عشرات الملايين من الدولارات عندما كانت مفتوحة حيث فتحت بعضها خلال السنوات نفسها التي كان أصحابها يعملون مع الدبيبة لنهب جهاز تنمية وتطوير المراكز الإداريةوظلت جميعها مفتوحة بعد الانتفاضة الليبية عام 2011 التي وضعت نظام التنمية في البلاد تحت المجهر مجددا وبعد وضع الدبيبة على قائمة العقوبات الوطنية.
ذكر بنك كريدي سويس في أنه يطبق إجراءات صارمة لمحاربة التهرب الضريبي وغسيل الأموال كما أن رفض البنك التعليق على عملاء محددين ولكن قال إنه كان يلتزم دوماً بقوانين الزمن وأنه استثمر خلال العقد الماضي بصورة كبيرة في محاربة الجرائم المالية.
وتابع البنك: نرفض بشدة المزاعم والاستنتاجات الخاصة بالممارسات التجارية للبنك إن الأمور الحالية التي تم تضمينها في الغالب في وقت كانت فيه القوانين والممارسات والتوقعات الخاصة بالمؤسسات المالية مختلفة جدا عما هي عليه اليوم .
وتطرقت المؤسسة إلى أن كان جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية وعملية التعاقد العام جزء من نظام أوسع للفساد الذي تم استخدامه لسرقة الثروة النفطية الهائلة في خلال العقود الأربعة التي حكم فيها القذافي وجد تقرير صادر عن منظمة الشفافية الدولية لمكافحة الفساد في عام 2014 أن نظامه ربما استولى على ما يصل إلى 61 مليار دولار أمريكي.
وقال جيمس شو خبير أممي في مجال إسترجاع الاصول والتدفقات المالية غير المشروعة أن نهب أموال ليبيا تركت الشعب بدون العديد من الاحتياجات الاساسية بما فيه نظام الصحة العام وموارد التعليم.
في عام 2006 كان عبد الحميد الدبيبة رئيس الشركة الليبية للتنمية والإستثمار القابضة الذي كان جزءا من نظام المقاولات الفاسد في جهاز تنمية و تطوير المراكز الإدارية بعد سقوط القذافي تم معاقبة علي وعبد الحميد الدبيبة بتهمة الفساد من قبل الحكومة الليبية التي وضعتهم على لائحة العقوبات الوطنية.
وقال وولفرام لاتشر محاضر من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية أن هناك مخاوف من أن المقربين المرتبطين بعبد الحميد الدبيبة قد يستخدمون مشاريع استثمارية لسرقة الأرباح من خلال العمولات أو غيرها من الأساليب كما أن يمثل الدبيبة شبكة تشتهر بالقيام بذلك .
وضع علي ابراهيم الدبيبة على اللائحة الحمراء من قبل الإنتربول في عام 2014، بعد أن بدأ النائب العام تحقيقا جنائيا مع الرئيس السابق لجهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية ولكن تمت إزالته اسمه في العام التالي وقال تقرير إخباري إن الدبيبة سجن في 2014 ، لكن صور ظهرت في 2020 إنه لم يسجن .
وقالت OCCRP من جانبها إن عملاء كريدي سويس المرتبطين بنظام التنمية الليبي المنهك بالكسب غير المشروع لم يشملوا الأفراد فحسب بل المؤسسات المالية بأكملها كما أن أحد العملاء كان الفرع التونسي لبنك اليوباف المملوك للبنك المركزي الليبي والذي لعب دورا رئيسيا في قطاع التنمية الليبي من خلال ضمان خطابات الاعتماد وهي آلية تبين فيما بعد أنها أداء هامة للاختلاس.
كان لدى بنك اليوباف حساب في بنك كريدي سويس من عام 1995 حتى عام 2014 وهي فترة تتداخل مع الوقت الذي كانت فيه الحكومة الليبية خاضعة لعقوبات الأمم المتحدة وبلغ رصيد الحساب 35 مليون فرنك سويسري كحد أقصى في عام 2005 وبعد عامين على إقفال الحساب ظهرت المزيد من التفاصيل من خلال تحقيق تونسي حول الدور الذي لعبه بنك اليوباف في تسهيل تحويل الأموال العامة الليبية.
وقال المراقب العام للبنك المركزي التونسي جابر بوتيتي الذي قاد التحقيق التونسي أن الشركات العامة في عهد القذافي لجأت لاستخدام خطابات الاعتماد البنكية لتحويل الأموال المسروقة إلى الخارج واستخدمت تكتيكات اخرى مثل تضخيم الفواتير أو اختراع خدمات وهمية.
وفي العام 2012 وبعد رحيل القذافي بدأت الحكومة الليبية الجديدة تحقيقا في شركة تنمية وتطوير المراكز الإدارية حيث اشتبهوا في أن علي إبراهيم الدبيبة الذي أدار الشركة لأكثر من عقدين ربما اختلس ما يصل إلى 9 مليارات دينار ليبي حوالي 7 مليار دولار أمريكي عام 2011 .
كما أن استخدم الدبيبة خلال معظم فترة توليه رئاسة جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية شبكة واسعة من الحسابات المصرفية والشركات الخارجية، المسجلة في قبرص وأماكن أخرى لتحويل الأموال إلى خارج البلاد وفقا لتحقيق أجرته OCCRP في عام 2018 وقالت السلطات الليبية وقتها إنه فرض عمولات مفرطة ومنح سرا مناقصات لشركات يملكها أو يسيطر عليها.
أظهر تحقيق أجرته OCCRP أن الدبيبة كان يملك حسابين على الأقل في بنك كريدي سويس وفي عام 1998سجلت صفقات بقيمة ملايين الدولارات.
وظهرت البيانات المصرفية المسربة حديثا ضمن مشروع اسرار سويسرية أن الدبيبة فتح أيضا حسابا اخر لدى كريدي سوبس في أغسطس عام 2008 وظل مفتوحا حتى أغسطس عام 2012، أي بعد عام على سقوط طرابلس وفي نوفمبر عام 2009 كان في الحساب 176,527 فرنكا سويسريا 175,769دولار امريكي .
وأكدت OCCRP أن أبن على إبراهيم الدبيبة واسمه إبراهيم، علي إبراهيم الدبيبة كان يملك أيضا حساب في مصرف كريدي سويس مع شركة كولد هاربور Cold Harbour SA الكوستاريكية وفي الإيداعات الرسمية تم إدراج مدير الشركة على أنه برنال زامورا آرس رجل واجهة معروف في كوستاريكا ومرتبط بشركات متعددة مسجلة هناك وفي قبرص في عام 2016 تورط أيضا في مخطط تهرب ضريبي في اسبانيا.
كما أن أيضا تم فتح الحساب بأسماء إبراهيم علي الدبيبة و كولد هاربور في عام 2007، بعد عام على تأسيس الشركة وبلغ الحد الأقصى للرصيد 19 مليون فرنك سويسري في ديسمبر بحلول الوقت الذي حاول به المسؤولون طلب مساعدة اسكتلندا تم اغلاق حسابات في كريدي سويس.
في عام 2008، فازت شركة اسكتلندية تدعى Marco Polo Storica بعقد مع جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية للعمل في عدة الموقع وعقد آخر لتجديد العديد من عجائب التاريخ الأخرى في ليبيا تتضمن الآثار الرومانية ليبتيس Leptis Magna في غرب البلاد وبلغت قيمة العقدين ما مجموعه 360 مليون دينار ليبي 278 مليون دولار.
في طلب المساعدة الذي تقدمت به الحكومة في ليبيا في عام 2013 لبريطانيا قالت إنها تشتبه في أن شركة ماركو بولو ستوريكا كانت تحت سيطرة شقيق علي إبراهيم الدبيبة من خلال شركة خارجية مسجلة بريطانية .
لم يكن سليمان قرادة وهو رجل أعمال بريطاني ليبي الوحيد من بين شركاء الدبيبة التجاريين الذين يمتلكون حسابا في البنك السويسري حتى عام 2016 ولكن أحمد لملوم كان يمتلك حسابا هناك.
وأشارت المؤسسة إلى أن قرادة الذي عمل واجهة لإخفاء ملكية الدبيبة للشركات وهو أمر غير قانوني بالنسبة لموظف حكومي بموجب القانون الليبي لعب دورا مهما في مؤامرة الدبيبة للاحتيال على الدولة ولكن طوال الفترة التي امتلك فيها قرادة ظاهريا لشركة ماركو بولو ستوريكا كان يحتفظ بأربعة حسابات على الأقل في بنك كريدي سويس وظل بعضها مفتوحا لسنوات بعد سقوط نظام القذافي.
كما افتتح حساب واحد في شهر مايو عام 2007 واحتجز 1.6 مليون فرنك سويسري وبعد شهر، بقي مفتوحا حتى مايو عام 2016 اثنان منهم فتح في عام 2008 والآخر في العام التالي ، الحساب الأكبر كان يحمل أكثر من 41 مليون فرنك سويسري ومن غير الواضح ما إذا كانت قد أغلق
تعامل قرادة مع بنك كريدي سويس لما يقارب عقدا من الزمان بالرغم من تقاربه مع الدبيبة وحقيقة أن عمه كان جنرالا في جيش القذافي
وأفادت الشركة الليبية للإستثمار الأجنبي أنها استحوذت على حصص متعددة بما في ذلك ما يصل إلى 7.5 في المائة من أسهم نادي جوفينتوس الإيطالي لكرة القدم وحصة 2 في المائة في شركة صناعة السيارات العالمية فيات.
وبحسب المؤسسة إن أحمد لملوم وعلي إبراهيم الدبيبة شريكين تجاريين منذ فترة طويلة الأمر الذي غالبا ما يعني بالنسبة لهما تحويل أموال التنمية العامة إلى مكاسب خاصة.
ساعد لملوم الدبيبة في إنشاء واستمرار الشركات الخارجية التي استخدمها في اختلاس أموال جهاز تنمية و تطوير المراكز الإدارية وشارك الاثنان في وكالة عقارات في سويسرا، فضلاً عن روابط عائلية من خلال زواج ابنة الدبيبة من ابن شقيق لملوم.
وكان لملوم ، الذي توفي في عام 2014 يملك ما لا يقل عن ثمانية حسابات في بنك كريدي سويس باسمه الخاص، كان العديد منها بالاشتراك مع أفراد عائلته .
كما أشارت المؤسسة إلى أن أقدم هذه الحسابات فتح في عام 1989 وبلغ أكبر حساب أكثر من 12.4 مليون فرنك سويسري في عام 2003.
وقال مصدر مطلع على بعض الصفقات الفاسدة طلب عدم الكشف عن هويته لحماية نفسه من التهديد كان لدى هذا البنك دريدي سويس أموالا عامة ليبية في خزائنه .
وظلت حسابات لملوم مفتوحة خلال فترة كان يساعد فيها في إدارة مجموعة من الشركات الخارجية المرتبطة بالدبيبة وشملت هذه الشركات شركة مسجلة في قبرص تدعى فابولون للاستثمارات والتي أدرجت الدبيبة موظف ومن بعدها مدير وكانت مملوكة في وقت لاحق للملوم.
وجد تدقيق الحكومة الليبية لجهاز تنمية وتطوير المراكز في عام 2012 العديد من القضايا المتعلقة بالسيستم، بما في ذلك أن خطابات الاعتماد الغير قابلة للإلغاء التي كانت موجهة إلى أشخاص أو شركات لم تشارك حتى في العقود.
وتطرق تقرير صادر عن منظمة غلوبال ويتنس لمكافحة الفساد في عام 2021 إلى أنها ربما استخدمت أيضا لغسل الأموال من خلال تحويل دنانير مشكوك في أصولها له إلى عملات أجنبية توضع في بنوك دولية .
وبالنسبة للشركات الليبية والسلطات العامة تعد خطابات الضمان بمثابة خط حيوي مهم للوصول إلى نقود الدولة حيث أن هذه الخطابات استخدمت لاختلاس الأموال في عهد القذافي وفقا لمؤسسة مكافحة الفساد OCCRP .