ولا زال تقرير ديوان المحاسبة يضج بالعديد من الكوارث الاقتصادية ويكشف ضعف المالية في إدارة أموال الدولة الليبية وممتلكاتها ، حيث كشف الديوان عن ضعف أداء وزارة المالية وما وراء إحباط جهودها حيث تابع الديوان تنفيذ الترتيبات المالية 2017 مشيراً إلى أنه حذرها في عديد من ملاحظات ولم تستجيب لملاحظاته لتصحيح اخطائها وممارسة الصواب.
أخر حساب ختامي لوزارة المالية في سنة 2007
لازالت عادة تأخر إعداد الحسابات الختامية عن مواعيدها المحددة قانوناً تواجه وزارة المالية بعد أن وصلت مدة التأخير 9 سنوات بالمخالفة لأحكام القانون المالي حيث كان آخر حساب ختامي معد من وزارة المالية سنة 2007 وتحفظ الديوان عن المصادقة والتي عجزت المالي عن الوفاء بها حتى تاريخه.
مرحلة إحباط جهود وزارة المالية
مابين الفترتين 2015-2017 تدهورت القطاعات المالية مما أدى إلى حالة انقسام سلطات الدولة النقدية والمالية التي نشأت نهاية 2014 وتزايدت سلبياتها على حسابات الدولة واحبطت جهود وزارة المالية في معالجة موضوع تأخر إعداد الحسابات الختامية للدولة خصوصاً بوجود وزارتين ماليتين ومصرفين مركزين واقفال منظومة المصرفية الرابطة بين الشرق والغرب اللازمة لتسوية الحسابات.
حيث أوضح الديوان أن وزارة المالية لازالت تعاني من ضعف في إدارة الأموال الدولة الليبية وممتلكاتها من حيث إغفال عمليات الجرد الدورية والسنوية لجميع أصول الدولة وتعرف على ارصدتها والاكتفاء بتحديد إعدادها سنوية دون إجراء مقارنات اللازمة التي تتطلبها أعمال الجرد.
بالإضافة إلى تحويل مبالغ من حسابات الحكومة في غير الأغراض المخصصة لها نتيجة عدم التقيد في الصرف بحدود الترتيبات المالية وتفويضات المسندة إليها.
كذلك عدم مراقبة الأرصدة النقدية بالحسابات الممولة من حسابات الرئيسية وتضخم الأرصدة النقدية بالحسابات وارتفاع الأرصدة البواقي فيها وعدم تقييد الجهات بترجيعها.
بالإضافة إلى تأخر في تسوية سلف جهات العامة والارتكان لترحيله من سنة لأخرى، وعدم مسك دفاتر يومية الصندوق لمصروفات والإيرادات الترتيبات المالية 2017 وإجراء تسويات مع حركة كشوفات المصرف في وقتها، بما في ذلك حسابات مفتوحة لتنفيذ الميزانية العامة للعام المالي 2016 والتي لم يتم إعداد تسويات مصرفية لها منذ فتحها نتيجة الاعتماد بشكل تام على منظومة محاسبة إلكترونية لا يمكن الوثوق بمخرجاتها، مما أدى إلى استعمال هذه المنظومة إلى الخصم على حسابات مع عدم القدرة على الوقوف على الأرصدة الدفترية للحسابات المصرفية المخصومة منها.
كذلك عدم فصل الاختصاصات بين إعداد اذونات الصرف وقيدها بالدفاتر وإجازة صرفها ويعود السبب إلى عدم تحديد مدخلي البيانات بالمنظومة.
بالإضافة إلى كثرة إلغاء صكوك نتيجة ربط إعداد الاذن بالصرف بإعداد الصك، وعدم إظهار تعديلات التي تطرأ على اذونات الصوف المستخرج من المنظومة والتطيحتاج إلغاءها محاسبياِ ليقود عكسية لتوفر إمكانية تعديل الأخطاء بالمنظومة بأثر رجعي.
كذلك تباين واختلاف الأرصدة الدفترية المستخرجة من المنظومة نتيجة إلغاء بعض عمليات بالرجوع إلى حين حدوثها بدلاً من تاريخ التعديل حيث تم موافقة الديوان بتقرير سجل الاعتمادات المالية التجميع للقطاعات ومناطق خلال 1 يناير وحتى 31 مارس لعام 2017.
بالإضافة إلى تقصير إدارة الخزانة بالوزارة في متابعة الصكوك المعلقة ومعالجتها وتسويتها حيث وصل عدد الصكوك من واقع التسوية حساب المصرف للباب الأول في 31 ديسمبر2017 إلى 1398 صك..
كذلك تابع الديوان عمل إدارة الخزانة بوزارة المالية الذي يظهر الضعف في أدائها على متابعة الحسابات المصرفية الخاصة بالدولة وتعدد الحسابات حيث بلغ بحسب ما ذكر مصرف ليبيا المركزي 69 حساب بلغ ارصدتها في ديسمبر 2017 مبلغ 9.399.857.082 دينار ليبي في حين نصت المادة 15 من القانون المالي على أن تكون للحكومة 6 حسابات مصرفية.
كما نشر الديوان عبر تقريره جدول موضحاً فيه الحسابات المصرفية التي تدار بواسطة وزارة المالية.
وزارة المالية تفتقر إعدادات الحسابات الختامية العاجلة
كما لاحظ الديوان التأخر في اعداد الحسابات الختامية والتسويات المصرفية الحسابات المفتوحة عام 2016 والحساب المفتوح لدى المركزي تحت رقم 19031 كما يوجد حسابات لتنفيذ ميزانيات سابقة ولا تزال مفتوحة عليها حركة إيداع خلال 1 يناير 2017 والي 31 ديسمبر 2017 بمبلغ 127.385.724 مليون دينار وسحب خلال نفس الفترة مبلغ 137.761.827 مليون خارج الميزانية مع عدم وجود أي بيانات لدى خزانة المالية بخصوصها والتي كشف عنها الديوان بجدول يوضحها..
بالإضافة إلى وجود 5 حسابات تدار بتوقيع وزير المالية منفرداً على صكوكها المفتوحة بالمصرف العربي الخارجي 2 حسابات بالمصرف الساحل والصحراء ويعتبر هذا مخالفة للمادة 113 من لائحة الميزانية والحسابات والمخازن ولا توجد أي بيانات لدى إدارة الخزانة وإدارة الموارد المالية بخصوص حركة الإيداع والسحب ولم يتم إقفال حساباتها وتجهيز تسوية.
كذلك وجود 24 حساب مصرفي رصيده صفر لدى مصرف المركزي والتي يستوجب إقفالها نهائياً كما يوجد 3 حسابات مفتوحة لنفس الهدف الاحتياطي وارصدتها مرحلة منذ سنوات ولم تقم وزارة المالية بإعداد الخلاصة السنوية لها وقام الديوان بنشرها.
كما يوجد حسابين لغرض الودائع وضمانات والأمانات بدل من حساب واحد وفق القانون المالي
ويبين حساب 86 أن خزانة المالية لم تقم بتسوية ولا توجد بيانات حوله وهذا يعتبر مخالفا وفقا لأحكام المواد 81 و82 و83 من لائحة الميزانية، كذلك إيداع مبلغ 520.717 دينار عبارة عن ترجيع رصيد متبقي من قيمة مكافأة الثوار بمصرف الواحة والتي تم صرفها فيما سبق من حساب الودائع والأمانات رقم 190086 حيث تبين قيمة مكافآت الثوار تم ايداعها في الحساب المذكور مع انها باقي تنفيذ ميزانيات سابقة.
كما تم إيداع مبلغ 180 مليون دينار بتاريخ 14 ديسمبر وهو مبلغ مرجع تم صرفه من الحساب بتاريخ 2 نوفمبر 2016 بناء على طلب وزارة المالية..
و تحويل مبلغ مالي 168 ألف دينار بتاريخ 12 مارس 2017 قيمة تفويض مصلحي تم إيداعه بالحساب من قبل جامعة سبها عن مخصصات الباب الثاني لكلية التربية انجامينا بتشاد حيث كان الأجدر برؤية الديوان تحويل المبلغ من حساب التحويلات الخارجية لوزارة المالية.
بالإضافة إلى حساب الحديد رقم 505 الرصيد الافتتاحي 31 ديسمبر 2017 قيمته 360.044.424 دينار يمثل قيمة استقطاعات ضريبة الجهاد ولم تحال إلى صندوق الجهاد.
كما تم تحويل مبلغ 4.776 دينار ب 16 يناير 2017 قيمة المرتبات الخاصة بموظفين وزارة النفط وتم ترجعها من قبل المؤسسة الوطنية للنفط إلى حساب الباب الأول (1904576)وتم تعليتها من وزارة المالية الي حساب الودائع.
بالإضافة إلى تحويل مبلغ 45 مليون دينار من حساب الإيراد العام 190031إلى حساب الودائع وتم إحالة هذا نبلغ من حساب المعلق 2103543 لعام 2016 إلى حساب الإيراد وهذا مبلغ خُصص للعلاج ويعتبر هذا الإجراء مخالفاً وفقا لأحكام المادة 110 من لائحة الميزانية والحسابات والمخازن التي تنص بأنه لا يجوز إصدار صك بعد نهاية السنة المالية على حساب السنة المالية المنتزه وهذا الأمر يتطلب ترجيع المبلغ إلى حساب الإيراد العام.
كذلك إيداع مبالغ مالية تقدر 464.559.131 دينار تتمثل في قيمة استقطاعات ضريبة الجهاد، وبلغ إجمالي ضريبة الجهاد عن السنة المالية 2016 وحتى 31 ديسمبر 2017،، 824.603.555 دينار.
الديوان أوضح أن وزارة المالية لم تمسك دفتر استاد تدون به المبالغ التي تقيد بالحساب المذكور أو تصرف منه ويفرد لكل نوع من هذه المبالغ دفتر استاد مساعد وهذا يعتبر مخالفا ً لمادة 163 والتي تنص على عدم الاحتفاظ في حساب الأمانات بمبالغ لمدة تتجاوز ستة اشخربعد انتهاء السنة المالية.
كما أشار تقرير الديوان إلى أن المركزي قام بتحويل المبالغ من الدولار إلى اليورو إلى الدينار الليبي بتاريخ مخالفة لتواريخ النشرات اليومية لأسعار بيع العملات ومن دون الرجوع لوزارة المالية حيث ترتب على ذلك تحمل الخزانة العامة الخسائر فروقات عملة بسبب مماطلة المصرف في التحويل.
ذاكراً التقرير أن وزارة المالية لا تقوم بأي إجراءات مطابقة مع المركزي والمصرف الليبي الخارجي والمؤسسة الوطنيـة للنفـط مما ترتب عليه وجود فروقات بين الايرادات المسجلة بوزارة المالية ومصرف ليبيا المركزي وهذا يشير إلى السالب عن قدرة وزارة المالية على متابعة ايراداتها ودقة بياناتها.
تابعت صدى أراء الاقتصاديين حول ما نُشر عن أداء وزارة المالية منهم من أبدى بي يجب إقالة الوزيرين الماليين من منصبهم ومنهم من طالب بي محاسبتهم قانونياً.
من جهته نشر الدكتور الاقتصادي مختار الجديد منشور موضحاً فيه أنه وبعد مطالعته لتقرير ديوان المحاسبة أقل ما يمكن أن يفعله فايز السراج هو إقالة ((المهندس)) اسامة حماد من منصبه كوزير مفوض للمالية ،،
للقضاء على الفساد يجب تحديد مكمن الخلل وهو ليس في ديوان المحاسبة وانما في وزارة المالية ، السلطة المناط بها إدارة أموال الدولة, فيجب القيام بثورة داخل وزارة المالية ليس على الأشخاص وإنما على المبادئ والطرق التقليدية العقيمة التي تدار بها أموال وموارد الدولة, وأهم محاور هذه الثورة :
1- تطوير نظم المعلومات المحاسبية الحكومية في الدولة.
2- تبني معايير المحاسبة الحكومية الدولية
3- ضرورة الانتقال من الأساس النقدي في المحاسبة الحكومية إلى أساس الاستحقاق.
4- تبني مفاهيم حديثة في إعداد الموازنة العامة للدولة بدلا من الموازنة التقلدية (موازنةلبنود)
ولتحقيق ذلك يجب العمل على :
1- تطوير القوانين واللوائح المالية للدولة
2- التدريب والارتقاء بالمستوى الفني للموظفين (المحاسبين)
3- استخدام التقنية الحديثة في مجال نظم المعلومات المحاسبية
3- وضع إطار زمني لتنفيذ هذه الإصلاحات.
إلى ذلك الحين، الحل الوحيد لمنع الفساد هو التوقف عن الصرف ، وهو أمر غير ممكن.
ومن جهته قال المستشار الاقتصادي لرئيس ديوان المحاسبة الدكتور علي أحمد المحجوب عبر صفحته الرسمية على الفيس بوك :وزارة المالية متورطة في الفساد..
تتحمل وزارة المالية جزء كبير من أية مخالفات أو فساد أو تجاوزات تتم في القطاع العام بأكمله .فهي من تصرف المال العام وهي من تقوم بتعيين مراقبين ماليين لايتم الصرف إلا بموافقتهم وبإذنهم، ويفترض أن يتم احالة كل المراقبين الماليين في الجهات التى فيها فساد أو هدر الي المساءلة قبل غيرهم، أو يتم الاستغناء عن هذه الوظيفة لعدم تحقيق الغرض منها، بل أصبحت تستخدم لزيادة مستويات الفساد ليس غير.
وختاماً بين وزيرين متمسكين بالمناصب وبلاد تقف على حافة الهاوية يبقى المواطن الليبي الضحية الوحيدة للأزمة الاقتصادية الراهنة.