Skip to main content
"طه بعرة" يكتب مقالاً بعنوان : السلامة القانونية لترشح رئيس السلطة القضائية
|

“طه بعرة” يكتب مقالاً بعنوان : السلامة القانونية لترشح رئيس السلطة القضائية

كتب عضو الهيئة القضائية “د. طه بعرة” مقالاً بعنوان : السلامة القانونية لترشح رئيس السلطة القضائية .

بتاريخ 30 يناير 2020 نشرت البعثة الأممية للدعم في ليبيا قائمة المرشحين للمجلس الرئاسي ومنصب رئيس الوزراء، إستكمالاً لإستحقاقات ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي ترعاه الأمم المتحدة، تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2510 / 2020، الذي صادق على مخرجات مؤتمر برلين الدولي حول ليبيا، لتشكيل خارطة طريق تكفل إصلاح السلطة التنفيذية وكفالة إجراء انتخابات وطنية وشاملة وديمقراطية.

تباينت الآراء القانونية بشأن ترشح المستشار رئيس المحكمة العليا ورئيس المجلس الأعلى للقضاء لمنصب رئاسة المجلس الرئاسي أعلى هرم السلطة التنفيذية، وكان أكثرها ضجيجاً الرأي القائل بأن القانون رقم (6) لسنة 2006 بشأن نظام القضاء، بموجب مادته (64) قد حظر صراحة على أعضاء الهيئات القضائية الاشتغال بالأعمال السياسية، والقانون رقم (6) لسنة 1982 بشأن تنظيم المحكمة العليا، بموجب مادته (12) قد حظر حظر على المستشار بالمحكمة العليا مزاولة الأعمال التي لا تتفق وإستقلال الوظيفة.

وهو ما يستتبع عدم الجمع بين الوظيفتين القضائية والتنفيذية في آن واحد، امتثالاً لإستقلالية السلطة القضائية وحيادها، وهذا مالا يختلف عليه إثنان..

بيد أن إلباس ذلك تلك النصوص التشريعية وتفسيرها على واقعة الحال المعنية قد جاءت في غير موضعها وعبثاً أُلبست ثوباً تأبى أن تلبسه، الأمر الذي دعانا إلى تأكيد أن صحيح القانون يظهر بكل جلاء ووضوح بالنظر إلى الآتي:-

إذا كنا قد إتفقنا على حظر الإشتغال بالعمل السياسي لعضو الهيئة القضائية، كما إتفقنا سابقاً على ضرورة إبعاد المناصب القضائية عن أي محاصصات سياسية ضمانة لإستقلال السلطة القضائية وحيادها، وإحترماً للإعلان الدستوري والقانون.. فإنه يتعين علينا بيان متى يعتبر عضو الهيئة القضائية قد إشتغل في العمل السياسي؟ ومتى يعتبر ما تقدم به ترشيحاً سياسياً يمنحه حقوق المترشح السياسي أمام العامة؟ ومتى يجوز إسباغ صفة الإنتخابات على عملية الإختيار للمناصب السياسية؟ ومتى يكون للناخب والمترشح والهيئة القاعدة القانونية التي تستمد منها تكوينها؟

ولما كانت الإنتخابات عبارة عن عمليّة إداريّة سياسيّة منظّمة تتيح للمواطن فرصة المشاركة في صناعة القرارات والسياسات العامة، عن طريق الترشّح لشغل منصب عام، أو الإدلاء بصوته لإختيار مسئول أو حزب سياسي يمثله في ذلك.

وكانت العملية الجارية محل المقال تجري عن طريق مكتب لمنظمة دولية سمي بمكتب البعثة الأممية للدعم في ليبيا وليس المفوضية الوطنية العليا للإنتخابات، وكانت الهيئة المشرفة على إدارة وتنفيذ العملية قد سميت بلجنة الحوار الوطني الليبي، وأختيرت من طرف البعثة الاممية للدعم على أساس غير مستند على اي قاعدة قانونية من إعلان دستوري أو إتفاق السياسي أو القانون عادي أو عرف أو معيار، وسنت معها ولها قواعد لإختيار سلطة تنفيذية جديدة لإدارة البلاد، وهي لا تعدوا أن تكون عملية إستثنائية لا يصلح بأي حال من الأحوال مقارنتها أو مقاربتها بالعملية الإنتخابية التي تمثل وجه الديمقراطية والعقد الإجتماعي وتؤسس على قاعدة قانونية ووجود وطني وسيادة .

كما أن عبارة الإشتغال في العمل السياسي المنصوص عليها في نص المادة 64 من قانون نظام القضاء، ظاهرة البيان في قصد المشرع منها الإحتراف وممارسة العمل والنشاط السياسي بشكل فعلي وديناميكي من خلال المشاركة التنفيذية في مسئوليات الحكم والسلطة في الشؤون السياسيـة والاقتصاديـة والاجتماعيـة والثقافيـة وفقاً لقانون الانتخـابات العامة، وليس مجرد التقدم الذي لا يمنخ اي صفة او مكنة لاتخاذ ادنى قرارات الإشتغال.
هذا وعلى فرض إعتبار أن الترشح يصلح أن يفسر كعمل سياسي إلا أن واقعة الحال تأبى أن تلبس لباس الترشح الذي يمنح صاحبه مكنة الإنتماء لحزب أو كيان سياسي ومخاطبة الجمهور وإستمالة الناخبين من عامة الشعب، وهو مالم يتوفر في تقديم ورقات الترشح إلى مكتب فرع المنظمة الدولية ولجنة المواطنين ال 75 بالدولة المجاورة.

وصفوة القول أن التقدم لرئاسة السلطة التنفيذية المقبلة وفق للاجراءات الاستثنائية والزمنية المؤقتة، لا يتعارض قطعياً مع النصوص التقليدية القائمة، كما أن تاريخ المراحل الإنتقالية في ليبيا قد سجل عدة مشاركات لأعضاء الهيئات القضائية في السلطة التشريعية للمجلس الإنتقالي الوطني ومجلس النواب الليبي، والسلطة التنفيذية بوزارة العدل ووزارة الداخلية والتمثيل الدبلوماسي، ولم يقدح ذلك من حيدة المرفق العدلي ولم ينل من إستقلاله في نظر جمهور المتعاملين معه.

مشاركة الخبر