غسان سلامة : الشعب الليبي يزداد فقرا والوضع المالي لليبيا مدعاة للقلق

425

أكد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة “غسان سلامة” في كلمته أمام مجلس الأمن يوم الأربعاء أن الوضع المالي لليبيا مدعاة للقلق رغم ارتفاع إنتاج البلاد من النفط إلى أكثر من مليون برميل يوميا.

وقال “سلامة” في إحاطته أمام مجلس الأمن والتي قدمها من العاصمة طرابلس، إن البلاد لم تنتعش انتعاشاً حقيقياً على الصعيد الاقتصادي رغم ارتفاع صادراتها من النفط، وبدلا من ذلك فإن الشعب الليبي يزداد فقرا أكثر فأكثر على مر السنين.

وأضاف المبعوث الأممي أن الخدمات الصحية والتعليمية الأساسية في البلاد أخذت بالتراجع، مع عدم قدرة المواطن المحبط على فهم لمَ يتسبب الإنتاج النفطي في مزيد من التدهور في مستوى معيشته، حيث تلوح في الأفق حالياً بوادر أزمة مادية ونقدية.

وأشار “سلامة” إلى أن  عوائد النفط رغم ارتفاعها في الوقت الحالي إلا أنها عرضة لسوء الاستثمار، حيث أن المؤسسات المالية تعاني من الانقسام والإنفاق الحكومي يعاني من التضخم الآخذ في الازدياد دون أن يلمس المواطن تحسنا في الخدمات.

 

نظام اقتصادي قائم على النهب

وأوضح “سلامة” في كلمته أن النظام الاقتصادي القائم في البلاد حاليا مبني على النهب وهذا يُعَدّ أحد المشكلات التي تعصف بليبيا، حيث أدى ذلك إلى تدني المستوى المعيشي للمواطن الليبي العادي خدمة لمصالح أصحاب النفوذ.

وأضاف أن نظام النهب هذا لابد أن يتم التصدي له والبدء في توجيه موارد البلاد نحو بناء دولة قوية تسودها المساواة بين الجميع، لا أن تنتهي هذه الموارد في جيوب القلة القليلة، ويجب على الأمم المتحدة وشركائها أن تتصدى لهذا النهب الاقتصادي.

وعبّر “سلامة” عن حرص البعثة الأممية على وقف هذا النهب حيث قال : “مهمتي هي ليست تقسيم الكعكة بين الجشعين المتنافسين فيما بينهم، إنما مهمتي أولًا وقبل كل شيء هي أن أوحّد الليبيين معاً حول سرد وطني مشترك.

عودة البعثة الأممية للعمل من ليبيا

وأكد المبعوث الأممي على أنه حرص على تقديم إحاطته من العاصمة طرابلس حيث يقيم، مشيرا إلى عودة عدد من المتزايد من أفراد البعثة للعمل من ليبيا، وقال : “لا بد من التواجد في ليبيا كي تتمكن الأمم المتحدة من دعم ليبيا على أفضل وجه، وكلي فخر بأن أعلن أننا قد عدنا بالفعل إلى البلاد”.

وأضاف “سلامة” أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تتطلع إلى إعادة فتح مكتبها في مدينة بنغازي، منوها إلى أن البعثة تسعى كذلك إلى إعادة فتح مكتب البعثة بالجنوب الليبي بمجرد أن تسمح الظروف بذلك.

الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية

وقال “سلامة” إن الاتجار بالبشر في ليبيا بات أحد عناصر الاقتصاد المنحرف في البلاد، حيث أصبحت هذه التجارة من أكبر مصادر الرزق لدى البعض، وهو أمر مستهجن أخلاقياً وغير مقبول ويجب التصدي له من الجميع.

وأضاف أن ليبيا أصبحت وجهة للمهاجرين ومحطة عبور كما أنها باتت تعتبر مصدرا للمهاجرين، ولا بد من معالجة هذه القضية المهمة التي تمس حياة مئات الآلاف من البشر بطريقة استراتيجية وعبر الحدود.

عودة المهجرين والنازحين

وأشار “سلامة” في إحاطته أمام مجلس الأمن إلى موضوع المهجرين حيث قال إن ما يزيد عن 300 ألف مواطن ليبي من النازحين داخلياً غير قادرين على العودة إلى ديارهم وغالباً ما يعيشون في ظروف بائسة.

وأضاف أن عددا آخر من الليبيين أجبروا على الفرار من البلد برمته، إذ ترفض الفئات التعايش مع بعضها، مشيرا إلى أن الانشقاقات الفكرية أو تلك القائمة على الهوية أدت إلى نبذ اجتماعي واسع النطاق، وحل خطاب الكراهية محل التعايش السلمي.

ومثّلَ “سلامة” على ذلك بما حدث مؤخرا من منع أهالي تاورغاء من العودة إلى ديارهم، حيث لا يزال الكثير منهم يعيشون الآن في أماكن إيواء مؤقتة، مشيرا إلى أن البعثة قامت بإحالة خطة بهذا الشأن للإسراع في التغلب على هذا المختنق.

حراك شعبي واجتماع البلديات

وأشاد المبعوث الأممي بما أسماه “تحركات شعبية” بدأت في جميع أنحاء البلاد للمطالبة بتغيير الأوضاع السياسية والاقتصادية السيئة التي تشهدها ليبيا، والرغبة في مرحلة جديدة من الاستقرار وإنشاء مؤسسات ديمقراطية موحدة وخاضعة للمساءلة.

وأشار “سلامة” إلى اجتماع رؤساء البلديات من جميع أنحاء ليبيا معاً لمناقشة قضايا حيوية تتعلق بتقديم الخدمات، حيث اجتمعوا أولاّ في تونس ثم في ليبيا مرتيْن، واحدة في شرق البلاد بمدينة شحات، والأخرى قبل أيام قليلة في العاصمة طرابلس.

الحل في الانتخابات

وأكد “سلامة” في كلمته أن العمل على إجراء انتخابات نزيهة وحرة وذات مصداقية في ليبيا قبل نهاية هذا العام يأتي في قمة اولويات البعثة الأممية، مشيرا إلى أن أي حكومة إذا ما أرادت ان تقود الشعب وتوحده وأن تتخذ قرارات صعبة من أجل مصلحة هذا الشعب، فلا بد لها أن تأتي من الشعب عن طريق الانتخابات.

وقال المبعوث الأممي إن الوضع الراهن في ليبيا غير مقبول، مشيرا إلى أنه على مجلس الأمن ضمان إقامة انتخابات شاملة ويقبلها الجميع، ويجب إرسال رسالة واضحة لكل قادة البلاد بضرورة عدم استمرار الوضع الراهن.

وأشار في ختام حديثه إلى أن الأمم المتحدة ستواصل دعمها للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات في التحضير للانتخابات، ولن تألو جهداً في تلبية كافة الشروط لإنجاح هذه الانتخابات.