Skip to main content
غسان سلامة: ليبيا باتت على شفا حرب أهلية ويجب العمل على وقف القتال والعودة فورا إلى العملية السياسية
|

غسان سلامة: ليبيا باتت على شفا حرب أهلية ويجب العمل على وقف القتال والعودة فورا إلى العملية السياسية

أكد المبعوث الأممي إلى ليبيا “غسان سلامة” في إحاطته اليوم الثلاثاء أمام مجلس الأمن أن الاشتباكات الدائرة في البلاد أدت إلى مقتل قرابة 460 شخص وجرح 2400 آخرين ونزوح أكثر من 75 ألف شخص من مناطق الصراع، مضيفا أن ليبيا باتت قاب قوسين أو أدنى من الانزلاق في حرب أهلية ما لم يتم العمل الفوري على وقف الأعمال العدائية والعودة إلى عملية سياسية برعاية الأمم المتحدة.

سلامة: هجوم حفتر على طرابلس خلف الكثير من الموت والدمار

وقال “سلامة” في إحاطته إن الهجوم الذي شنته قوات الجنرال “حفتر” على طرابلس والمتواصل منذ 48 يوما خلف الكثير من الموت والدمار، وباتت ليبيا قاب قوسين أو أدنى من الانزلاق في حرب أهلية بإمكانها أن تؤدي إلى تقسيم دائم للبلاد.

وأضاف أن عدد القتلى وصل إلى ما يربو عن 460 قتيلاً، 29 منهم مدنيون، وأكثر من 2400 جريحٍ، كما أُجبر ما يزيد عن 75000 شخصاً على النزوح من منازلهم أكثر من نصفهم هم من النساء والأطفال، إضافة إلى أن ما لا يقل عن 100 ألف مواطن مازالوا محاصرين في مناطق المواجهة المباشرة، وأكثر من 400 ألف آخرين ما زالوا عالقين في المناطق التي تأثرت مباشرة بالاشتباكات، وقرابة 3400 لاجيء ومهاجر محاصرون في مراكز الاحتجاز التي تقع على مقربةٍ من المواجهات.

سلامة: طرابلس كانت تتمتع بقدر من الأمن وتحسن الوضع الاقتصادي

وأوضح المبعوث الأممي أن العاصمة طرابلس كانت تتمتع بقدر من الأمن المتزايد، والأهالي يتمتعون باستقرار أكثر ويعيشون تحسناً في الأفق الاقتصادي والمسار السياسي يمضي قدماً على الرغم من بعض العقبات، وكانت زيارة الأمين العام للأمم المتحدة في الثالث من أبريل تهدف إلى إظهار دعم المجتمع الدولي الكامل للحل السلمي لفترة الاضطرابات التي طال أمدها في ليبيا.

وأضاف أن الليبيين كانوا على أعتاب الاجتماع في الملتقى الوطني بمدينة غدامس، وكان هناك تفاؤل بما يمكن للملتقى أن يُسفر عنه من نتائج للمضي قدماً لإنهاء المرحلة الانتقالية والدخول في فترة جديدة من الاستقرار والأمن يكون صندوق الاقتراع الفيصل فيها، لكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح بعد الهجوم على العاصمة.

وأردف قائلا إن الهجوم على طرابلس قوّض أي فرص لنجاح المحادثات التي عقدت في أبو ظبي بين “السراج” و “حفتر”،  وكانت هناك فرصة حقيقية لاستبدال حكومة الوفاق الوطني في طرابلس وحل الحكومة الموازية في البيضاء وإنشاء حكومة وطنية موحّدة وشاملة للجميع كان من شأنها أن تقود البلاد إلى إنهاء الفترة الانتقالية من خلال العملية الانتخابية، كما أن التفاهمات التي تم التوصل إليها في أبو ظبي قد نصت على إخضاع الجيش للسيطرة المدنية، وهو مطلب رئيسي للغالبية العظمى من الليبيين.

 

سلامة: الحرب على طرابلس ليست إلا مجرد بداية لحرب طويلة دامية

وحذر المبعوث الأممي في كلمته من حرب أهلية لسنوات في ليبيا، حيث قال إن العنف على مشارف العاصمة طرابلس ليس إلا مجرد بداية لحرب طويلة دامية على الضفاف الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، مما يعرض أمن جيران ليبيا المباشرين ومنطقة البحر الأبيض المتوسط بشكل أوسع للخطر.

سلامة: داعش تستغل الحرب الدائرة والفراغ الأمني للتمدد في ليبيا

وأوضح “سلامة” أن الفراغ الأمني المترتب عن انسحاب العديد من قوات المشير “حفتر” من الجنوب، إلى جانب تركيز قوات المنطقة الغربية على الدفاع عن العاصمة، يتم استغلاله بالفعل من قبل داعش والقاعدة، مشيرا إلى أن التنظيم الإرهابي داعش شنّ منذ بدء الحرب على طرابلس أربع هجمات منفصلة في جنوب ليبيا في مناطق غدوة وسبها وزلة تسببت في مقتل 17 شخص وأكثر من 10 جرحى و8 مخطوفين.

وأشار إلى إن القوات الليبية التي دافعت في الماضي بجسارة عن أرضها ضد هذه الجماعات الإرهابية أصبحت الآن مشغولة في الاقتتال فيما بينها، الأمر الذي سمح بتنامي العمليات الإرهابية من داعش.

سلامة: حظر الأسلحة المفروض على ليبيا أصبح أمراً مثيراً للسخرية

وقال “سلامة” إن الأسلحة لا تزال تنهال على جميع الأطراف في انتهاك صارخ لحظر الأسلحة المفروض على ليبيا والعديد من الدول تقوم بتقديم الأسلحة لجميع أطراف النزاع دون استثناء، حيث استلمت قوات حكومة الوفاق علنا قبل بضعة أيام كمية كبيرة من الأسلحة والمركبات المصفحة، في أعقاب عمليات التسليم السابقة والمستمرة للأسلحة الحديثة المحظورة إلى الجيش الوطني الليبي.

وأضاف أن هذا الكم من الأسلحة المتطورة تسبب بالفعل بأعداد أكبر من الإصابات، مشيرا إلى أنه بدون آلية إنفاذ قوية سيصبح حظر الأسلحة المفروض على ليبيا أمراً مثيراً للسخرية، وينبغي على الأمم المتحدة أن تضع حدّاً لهذا الأمر.

اختطاف واستهداف أطقم الإسعاف والصحفيين وظهور متطرفين مع أطراف القتال

وأدان “سلامة” استهداف الأطقم الطبية حيث تعرضت إحدى عشرة سيارة إسعاف مباشرةً للغارات الجوية والصواريخ والقصف أثناء أدائها الخدمة، وكذلك ارتفاع عمليات الاختطاف والاعتقال التعسفي للمسؤولين والصحفيين منذ بداية النزاع الحالي.

ونوّه المبعوث الأممي إلى أن عدة تقارير تشير إلى ظهور متطرفين وأشخاص شملتهم العقوبات الدُّولية ومطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية من جميع الأطراف في ساحة المعركة، مشددا على ضرورة نأي كل الأطراف بنفسها علناً عن هذه العناصر دون تأخير وإحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية.

معاناة المواطنين من ارتفاع الأسعار وانقطاع الكهرباء والمياه

وأشار “سلامة” إلى الأزمات التي يعاني منها المواطنون حيث أنه ومع بداية شحّ الموارد أخذت أسعار الأغذية بالارتفاع في عموم البلاد، كذلك فإن الانفلات الأمني وزيادة الطلب على الموارد من جانب أطراف النزاع تسبب في تفاقم ندرة المواد الأساسية وخصوصاً الوقود.

وأضاف أن البنية التحتية للبلاد تضررت ولا سيما الشبكة الكهربائية، كما أن المياه أيضا انقطعت عن المواطنين في العاصمة والمنطقة الشمالية الغربية بكاملها بعد أن قامت المجموعات المسلحة بقطع الإمداد من النهر الصناعي لإجبار الطرف المقابل على التنازل، الأمر الذي يُعرض عشرات الآلاف من البشر لمخاطر محدقة قد تشكل جريمة حرب لا بد من إدانتها بأشد العبارات.

سلامة: محاولات تصدير النفط غير القانونية تهدد بتقسم مؤسسة النفط

وقال “سلامة” إن الجانب الإيجابي الوحيد في هذا القتال الدائر هو أن جميع الأطراف لحد الآن لم تضر بالمصلحة الوطنية ولم تعرقل إمدادات النفط، لكن ثمة مؤشرات عن محاولة فرع المؤسسة الوطنية للنفط في المنطقة الشرقية مجدداً تصدير النفط في انتهاك لنظام العقوبات المفروض.

وأكد المبعوث الأممي أن هذه المحاولات غير القانونية يمكن أن تهدد بتقسيم المؤسسة الوطنية للنفط التي تعد مصدر الدخل الأكبر للبلاد وشبكة الأمان الاجتماعية الوطنية.

سلامة: يجب دعم انتخابات البلديات ومنع محاولات الحكومة المؤقتة مصادرة حقوق الليبيين

وأشاد “سلامة” بإجراء انتخابات ديمقراطية في اثنين وعشرين بلدية في المناطق الغربية والجنوبية من ليبيا، ثمانية عشر من هذه المجالس أدى عمداؤها القسم لاستلام مهامهم، معبرا عن أسفه من تأجيل بعض من هذه الانتخابات لدواع أمنيّة.

وفي نفس الوقت أشار “سلامة” إلى محاولات الحكومة الموازية في المنطقة الشرقية “الحكومة المؤقتة” لتعيين عمداء للمجالس أو عرقلة إجراء الانتخابات البلدية، معتبرا ذلك مصادرة لحقوق جميع الليبيين في انتخاب من يمثلهم محلياً ومطالبا مجلس الأمن بتقديم دعمه غير المشروط لاستمرار سير عملية الانتخابات البلدية.

سلامة: يجب على الجميع أن يدركوا حقيقة أنه لا يوجد حل عسكري في ليبيا

وأكد المبعوث الأممي أنه قد آن الأوان لأولئك الذين يتوهمون إمكانية حل الازمة الليبية عسكرياً بأن يدركوا ويقبلوا حقيقة أنه لا يوجد حل عسكري في ليبيا، ولا يمكن أن تدار الفسيفساء المجتمعية الليبية بدون تحالفات وعلاقات تمتد عبر كافة أرجاء البلاد.

وأضاف “سلامة” أن العديد من الليبيين يقولون بأنه لا يمكن للعملية السياسية أن تتجاهل الحرب الدائرة الآن وكأنها لم تحدث “وهم محقون”، مشيرا إلى وجود اختلاف في واقع ما قبل الرابع من أبريل وما بعده، والبعثة ستعمل على تعديل ذلك المسار بغية جسر الهوة العميقة من انعدام الثقة التي سادت منذ ذلك التاريخ.

وأوضح أن البعثة تتشاور مع مختلف الأطراف للحفاظ على الحد الأدنى من المرونة السياسية بين مختلف المجموعات التي ستحتاج عاجلاً وليس آجلاً إلى الرجوع والعمل معاً لصياغة مستقبل أفضل ووضع صيغة أكثر سلمية لمشاركة السلطة والموارد.

سلامة: تحقيق مستقبل أفضل لليبيا ما زال ممكناً

وقال “سلامة” إن تحقيق مستقبل أفضل لليبيا ما زال ممكناً، لكنه يتطلب تحرك المجتمع الدولي بشكل منسق وفوري قبل أن تنتقل المعركة إلى أحياء العاصمة المكتظة بالسكان.

وأضاف أن الأطراف الفاعلة على الصعيدين الدولي والإقليمي يجب أن تدرك جيدا بأن ليبيا ليست مجرد جائزة ينالها الأقوى، بل إنها بلد يقطنه 6.5 مليون شخص يستحقون السلام ويحق لهم اختيار طريقهم للمضي قدماً بشكل جماعي.

وأشار إلى أنه ما لم يتم التحرك بشكل فوري لوقف تدفق الأسلحة والضغط على الأطراف الليبية في النزاع بغية تسهيل العودة إلى حوار جاد، فإن ليبيا سوف تنزلق إلى حرب أهلية شاملة يمكن أن تؤدي إلى حالة من الفوضى الشاملة أو إلى تقسيم البلاد.

واختتم “سلامة” إحاطته بالقول إنه ينبغي على الليبيين وقف القتال الآن، من أجل أحبائكم، وبلدكم، ومن أجل السلام والأمن الدوليين، ويجب على مجلس الأمن حث كافة الأطراف المتحاربة على وقف القتال والعمل مع البعثة لضمان وقف تام وشامل للأعمال العدائية والعودة إلى عملية سياسية شاملة تقودها الأمم المتحدة.

مشاركة الخبر