نشر الدكتور عبد الحكيم التليب بوست عبر صفحته الرسمية على الفيس بوك تحدث فيه قائلًا :
أن التقديرات تقول أن هناك أكثر من 70 مليار دينار على أقل تقدير مخزنة وراكدة في المصارف الليبية وفي بيوت الناس، و تحت البلاط.
وأضاف :
في الوضع الطبيعي لا ينبغي أن يبقى دينارا واحدا راكدا ليوم واحد، أما في وضع بلد مثل ليبيا يعاني من الانهيار والبطالة وتردي الخدمات فأن مثل هذا الوضع يعتبر كارثة إنسانية بجميع المقاييس.
المكان الطبيعي لهذه الأموال هو أن تكون الشريان الدموي لنهضة تنموية شاملة تحول هذا البلد إلى ورشة كبيرة مزدحمة بالمشاريع والمبادرات والنشاط، ويتحول الناس من حالة الضمور والفراغ القاتل المدمر والبطالة إلى حالة العمل والحيوية والإنشغال في ما يجدي وينفع، وترتفع المعنويات وتنتشر مشاعر الأمل والتطلع والارتياح والتعاون والتنافس الإيجابي، وتتقلص مشاعر الاحتقان والتمرد والتباغض، ولا يتبقى لدى الناس وقت للفراغ وللانحراف والمشاكل والجرائم وتختفي بذلك وبشكل تلقائي أكثر من 99٪ من المشاكل والاختراقات الأمنية.
هذا السيناريو ليس خارقة من الخوارق، وليس معجزة خيالية غير قابلة للتحقيق،، بل هو الوضع الطبيعي الذي تعيشه جميع الشعوب الناجحة الناضجة، وفي العادة فأن العقبة الرئيسية على طريق تحقيق هذا الوضع هي عدم توفر رأس المال والموارد المالية، وفي الحالة الليبية فأن الموارد المالية ليست فقط متوفرة بل أنها متكدسة ومتعرمة، والسوق متعطش وكل الظروف تبدو مواتية ومثالية.
ولكن، تبقى فقط مشكلة واحدة صغيرة وهي أن العجلة المربعة لا تدور ولن تدور حتى بعد مليون سنة أخرى.
والوضع التنظيمي التركيبي الحالي لهذا البلد هو عبارة عن عجلة مربعة محنطة وخرقاء، وغير قابلة مطلقا للدوران، والموارد المالية المتاحة سيكون مصيرها الحتمي هو الضياع والتبخر لو أنها خرجت في ظل هذه التركيبة الخرقاء الحالية من حسابات المصارف الحكومية المترهلة أو خرجت من المخابئ الموجودة في بيوت الناس،، فاستثمار الأموال وتحقيق النهضة والنمو الاقتصادي يحتاج إلى توفر بنية تركيبية إدارية اقتصادية حديثة لدولة مواطنة حديثة، ويستوجب توفر وسائل وأدوات الاستثمار المعروفة مثل أسواق الأسهم والسندات والمصارف الحديثة القادرة على المنافسة، بينما الموجود حاليا في هذا البلد هو عبارة عن كومة هلامية مثيرة للشفقة وللسخرية، ومؤهلات هذه الكومة لا تتجاوز تشغيل الجمعية الإستهلاكية الحكومية الشبه مفلسة بالإضافة ربما إلى تشغيل بعض دكاكين تصنيع أكياس البلاستيك التي لا تتجاوز فائدتها زيادة حجم الكارثة البيئية.
هذا هو باختصار وبشكل محدد وموضوعي ودقيق وضع هذا البلد، والفرصة الوحيدة المتبقية أمام هذا البلد هو الشروع بدون المزيد من التأخير في التخلص من هذه العجلة المربعة الخرقاء واستبدالها بتركيبة طبيعية سوية مثل ما يفعل البشر الأسوياء، والوسائل لتحقيق ذلك متاحة ومتوفرة ومعروضة في ( مشروع دولة المواطنة عبر الإطار العملي لمبادئ الحكومة الصغيرة ).
ويبدو أنه بالنسبة إلى الحكومات المتوفرة في هذا البلد فإن الموضوع لا يهمها كثيرا، ويبدو أنها تفضل الراحة في أبراجها العاجية الفخمة دون أن تظهر أدنى رغبة أو استعداد حتى لمجرد السماع والفهم،، والطريف هو أن الأمر لا يختلف كثيرا بالنسبة إلى الطرف الأخر المتضرر الذي هو هذا الشعب والذي يقف كل يوم في الطوابير الطويلة لكي يتولى تسديد الفاتورة الباهضة، فهذا الطرف ـ إلا من رحم الله ـ برهن أيضا على أنه مستعد للاستمرار في المعاناة والبؤس ومستعد للوقوف الساعات والأيام الطويلة في الطوابير ولكنه غير مستعد لتخصيص خمس دقائق من وقته الثمين للاطلاع على بضعة أسطر قد يكون فيهم خلاصه !!
وقد حاز البوست على أكثر من 100 إعجاب و 15 مشاركة والعديد من التعليقات من قبل المهتمين بالمجال الاقتصادي ومعضلاته أهمها :
علق السيد بشير متسائلاً :
ألم يصرح المصرف المركزي أن كمية الأموال خارج المصارف في حدود 30 مليار فقط؟؟؟
ورد السيد عبد الحكيم الثليب :
الرقم يشمل المبالغ الراكدة في حسابات داخل المصارف وتقدر بحوالي 40 مليار، بالإضافة إلى حوالي 30 مليار خارج المصارف، وهذه الأرقام هي تقديرات متداولة ولكنها تبدو قريبة من الواقع إلى حد كبير.
ومن جهته علق السيد فوزي :
أول خطوة يجب تغيير القوانين واللوائح والقرارات المعمول بها في النظام السابق والخاصة بالبنوك والاقتصاد والتحول من اقتصاد ريعي فاشل إلى اقتصاد منفتح على السوق وبذلك يتم تغيير العجلة المربعة التي لا تستطيع الدوران إلى عجلة دائرية قابلة للدوران …
وعلق السيد رمضان :
سبب إخفاء النقود عن التداول أمر متعمد لضرب اقتصاد البلاد من قبل أطراف ليبية لا تريد أن تنجح الثورة.
وقام د. الثليب بالرد عليه قائلاً :
ربما ، ولكن هذا الكلام يبقى مجرد تخمينات بدون دليل، أما المؤكد بصفة يقينية فهو أن التركيبة التنظيمية لهذا البلد هي عبارة عن عجلة مربعة غير قابلة للدوران .
ومن جهته علق السيد أحمد ناجي :أختلف معك يا دكتور عبدالحكيم بأن الظروف الحالية غير مواتية ومناسبة للمستثمر، فأسعار الدينار الليبي في السوق الموازي مرتفعة وخاضعة لمجموعة من تجار العملة وكما هو معروف فإن رأس المال جبان وبالتالي في هذه الظروف السيئة التي تمر بها ليبيا يصعب دخول استثمارات جديدة.