كتب الخبير القانوني “زياد الشنباشي” مقالاً حول “قانون غسل الأموال”
قانون غسل الأموال لسنة 2017 ولد معيباً بالمخالفة لدستورية القوانين، قانون ضرره أكبر من نفعه”
أصدر المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق قرارًا بقانون لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ، القانون رقم 1013 لسنة 2017 والذي دخل حيز التنفيذ سنة 2018، وكان ذلك بهدف إخراج ليبيا من القائمة السوداء التي تصدر بناء على تقارير مقدمة من مجموعة العمل المالي الدولية فاتف ، ولكن المشكلة في إصدار هذا القانون هو ما يحتويه من مخالفة صريحة لنصوص الدستور.
إذ أن الجهة التي خولها الدستور الحق في إصدار التشريعات هي السلطة التشريعية و المتمثلة في البرلمان الليبي ولم يضع الدستور في مادته 26 استثناءات عن هذا الشرط العام، فكيف للمجلس الرئاسي أن يصدر قانوناً لا يملك الحق في إصداره ، وكيف سيتعامل القضاة مع قانون يفتقد للشرعية ، وما مصير المنازعات التي تعرض أمام القضاء في ظل هذا القانون ، مع العلم بأنه حتى في الدول التي تسمح دساتيرها للسلطة التنفيذية (رئيس الحكومة) أن يصدر تشريعاً قانونياً، لم تجعل الأمر مفتوحا على مصرعيه، بل جعلت له قيود، مثال لذلك.
في الدستور الحالي للجمهورية الفرنسية الخامسة حيث نص في مادته ال 38 على شروط لإصدار القرار بقانون او الأمر (ordonnance) كاستثناء عن الاصل في حق التشريع للسلطة التشريعية، فقال: تسمح هذه المادة للحكومة بالتشريع بأمر من البرلمان ، والذي يحدد في أي مجال وفي أي فترة يجوز للحكومة أن تضع أحكامًا تشريعية.
فمن أين لحكومتنا الحق ان تتجاوز حدود اختصاصها بإصدار قانون بطريقة مخالفة للدستور، بالإضافة إلى تجاهل الحكومة للبرلمان فاعتبرته هو والعدم سواء.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الفترة من تاريخ صدور هذا القانون المعيب وحتى وقتنا هذا ليست بالفترة القصيرة، ويحمل عقبات خطيرة وسيضعنا أمام إشكاليات كبيرة جدا ، منها أن القضايا التي ستعرض هذه الفترة سيفلت مرتكبيها بكل سهولة من العقاب ، و ذلك بالدفع بعدم دستورية هذا القانون، فأي قانون يخالف الدستور يجوز إبطاله. وبهذا سيكون هذا القانون داعما لغسل الأموال وليس مكافحا له.
بالإضافة إلى ما ستتعرض له الدولة من قبل المجتمع الدولي عند علمهم بعدم حجية هذا القانون المختص بغسل الأموال، ليصير هذا القانون حجة على الدولة لا لها.
ولذلك أوصي بضرورة عرض هذا القرار بقانون على البرلمان في أسرع وقت ممكن لكي يتم تحصينة واعتماده كقانون شرعي لمكافحة جريمتي غسل الأموال وتمويل الارهاب ، وإلا فستكون ليبيا ميدان لغسل الأموال وتمويل الإرهاب وستتعرض لعقوبات دولية شديدة ، وهذا ما لا نرجو حصوله .