| تقارير
ما الذي جعل الولايات المتحدة قريبة من ليبيا ومحور اهتمامها أكثر من أي وقت؟ ..صحيفة أمريكية تكشف التفاصيل
ذكرت صحيفة “كريستشن ساينس مونيتور” الأمريكية اليوم السبت أنّه بعد عقدٍ من مساعدة دول الناتو في الإطاحة بنظام معمر القذافي، اقتربت الولايات المتحدة من توحيد الفصائل السياسية المنقسمة بشدّة في ليبيا وذلك بشأن النفط، حيث أن المسؤولين الأمريكان قد زادت مشاركتهم بشكل كبير في النزاعات الداخلية بِليبيا.
وقالت الصحيفة أن الدبلوماسية الأمريكية أصبحت تشارك بشكل مُكثّف بين الحكومات والفصائل وأعضاء البرلمان المتنافسين، وذلك للتقدّم نحو تسويةٍ ليبية لتقاسم عائدات النفط وإعادة الإنتاج بالكامل.
تتعمق واشنطن مرةً أُخرى في السياسة الليبية وتتوسّط في اتفاق ٍ بين السياسيين المتنافسين لتعزيز إنتاج النفط، هل يمكن أن يولّد هذا اتفاقيةً وطنيةً أوسع، أم أنّ الدوافع الأمريكية مشكوكٌ فيها؟
وأضافت الصحيفة أنّ النفط الليبي متوقفٌ عن السوق الآن، وهذا الإغلاق ليس سيئاً للّيبيين فقط ويحرمهم من الفرص، بل سيء حتّى للاقتصاد العالمي.
يأمل المسؤولون الأوروبيون الّذين يروجون ﻹتفاقية عائدات النفط الشفافة ويشجعونها أن تكون مكسبٌ للّيبيين وتُستخدم كنقطة انطلاق نحو تسويةٍ سياسيةٍ أوسع، لكن وراء التركيز الأمريكي والأوروبي المتجدد على ليبيا هناك منافسةٌ مع موسكو.
تتطلّع الولايات المتحدة وأوروبا بقلقٍ إلى وجود مجموعة فاغنر الروسية العسكرية في شرق ليبيا والتي كانت موجودةً منذ عام 2017، لكنّها تعرضت لانتقادات متزايدة من إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن”.
حتى في أعقاب رحيل 400 شخص من مرتزقة فاغنر مؤخراً إلى ساحة المعركة في أوكرانيا، لا تزال القوات شبه العسكرية المتحالفة مع الحكومة الروسية تحتفظ ببصمةٍ عسكريةٍ كبيرة في شرق ليبيا.
وقال خبراء ومحلِلّون أنّها تُسيطر على ثلاثة مهابط للطائرات وتستخدم البلاد كنقطة انطلاق سرّية للأنشطة الروسية في أفريقيا.
كما يخشى المسؤولون الأمريكان والأوروبيون أنّ روسيا قد تُقرر استخدام أصولها في ليبيا ضدّ الناتو وأوروبا؛ إمّا عن طريق تسهيل الهجرة الجماعية أو التطرف أو ببساطة وقف تدفق النفط، ممّا يزيد الأمور تعقيداً حيث أنّ “حفتر” وفاعلين آخرين قد تلقّوا دعماً من روسيا واعتمدوا على قوات فاغنر داخل ليبيا.
ومضت الصحيفة بالقول أنّه وفي إشارةٍ إلى موقع ليبيا الجغرافي الاستراتيجي على الجانب الجنوبي لحلف شمال الأطلسي قال مسؤولٌ أوروبي أنّ البلاد يمكن أن تخضع لمنافسة استراتيجية في هذا الوضع بين روسيا وأوكرانيا، وهذا ما يجعل الولايات المتحدة تضع في ليبيا قدراً كبيراً من الاهتمام.
وحول تقاسم عائدات النِفط التقى دبلوماسيون أمريكيون على مدى أسابيع بقيادة السفير لدى ليبيا “ريتشارد نورلاند” مع مسؤولين وفصائل ليبية منقسمون على نطاق واسع بين شرقٍ وغربٍ، ولكن لديهم أيضا مصالح فردية للمساعدة في التوصّل إلى اتفاق بشأن عائدات النفط.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ هناك اتفاق ينصُّ على إنشاء آلية شفافة بقيادةٍ ليبيّة من شأنها توجيه الإيرادات من المصرف المركزي لتمويل الأولويات مثل الرواتب والإعانات وإعادة الاستثمار في البُنية التحتيّة للنفط، وبعد الحصول على تأييد الجهات الفاعلة الليبية يأمل دبلوماسيون أوروبيون أن تؤدي الصفقة المحتملة إلى حلّ النزاع حول استخدام الإيرادات النفطية.
وتأكيداً على فائدة الاتفاقية بالنسبة للّيبيين حاول الدبلوماسيون الغربيون استخدام أسعار النفط المرتفعة غير المتوقعة الناتجة عن حرب أوكرانيا كحافزٍ للفصائل الليبية.
كذلك قالت سفارة الولايات المتحدة بطرابلس في بيانٍ شديدٍ اللهجة يوم 27 من شهر أبريل الماضي أن القادة والمسؤولين يجب أن يدركوا أن الإغلاق يضّر بالليبيين في جميع أنحاء البلاد، وله تداعيات على الاقتصاد العالمي.
قالت “فيريتي هوبارد” الباحثة في شركة الإستشارات ومديرة برنامج مراقبة الأمن الليبي: إنّ الأمريكيين يريدون إنهاء تسيّيس عائدات النفط واستخدام لتمويل الجماعات المُسلّحة، وهي المصدر الرئيسي للصراع في ليبيا.
يتم اتخاذ خطوات أولية لإعادة فتح السفارة الأمريكية في طرابلس التي تم إغلاقها منذ اندلاع الحرب الأهلية في ليبيا عام 2014، والتي تعمل حالياً من المُجاورة تونس، ويتطلب القرار النهائي لإعادة فتح السفارة في طرابلس موافقةَ كلاً من البيت الأبيض والكونغرس.
هل حان وقت الانتخابات؟
تسعى الولايات المتحدة وأوروبا للاستفادة من فترة السلام في ليبيا للضغط مرة أخرى لإجراء انتخابات لتوحيد البلاد، بعد فشل المحاولات التي قادتها الأمم المتحدة لإجراء الانتخابات في ديسمبر الماضي بسبب الخلافات حول أهليّة المُرشّحين والإطار الدستوري والمخاوف الأمنية.
قال أنس القماطي مدير مركز للأبحاث ومقرّهُ طرابلس: إنّ الولايات المتحدة تواصل تعزيز موقفها في ليبيا ولكِنّ العديد من الليبيين يعرفون وراء الكواليس أنّها تفوّض مصالحها للشركاء والجهات الفاعلة التي لا تدعم القِيّم الأمريكية.
التناقض هُنا هو أنّه خِلال اندفاعهم لمواجهة الرُّوس، يعمل الأمريكيون مع أفراد في ليبيا عمِلوا مع روسيا ومكنوها ووضعوها في الجناح الجنوبي لحلف الناتو.
من خلال تسليط الضوء على الحدود المحتملة للمشاركة الأمريكية قال أحد المواطنين الليبيين: كانت أمريكا تتحدّث بينما توفر دولٌ أُخرى الأسلحة أو المال أو المقاتلين لسنواتْ، فهل سيجعل هذا الناس يوافقون على الوجود الأمريكي؟