Skip to main content
متى ينتهي التهميش للقطاع الخاص في ليبيا ؟
|

متى ينتهي التهميش للقطاع الخاص في ليبيا ؟

يؤكد خبراء الاقتصاد على قدرات سياسة الخصخصة الهائلة في تحويل وتغيير هيكلة الاقتصاد الوطني بشكل كبير لما لها من مساهمات في رفع الكفاءة الإنتاجية وزيادة وتوسيع فرص العمل وخلق تنوع اقتصادي كبير ، ولكن الأمر مرتبط بالبيئة المحيطة حيث بإمكانها أن تشجع هذه السياسة وبإمكانها أن تدمرها وتهمش أدوارها ، حيث يعتمد نجاح هذه السياسة على توافر بيئة اقتصادية متحررة وكذلك سياسات مشجعة .

وتعتبر ليبيا بيئة خصبة للتنوع الاقتصادي والتنوع في الانتاج ولكن الاعتماد على الحكومة وتهميش القطاع الخاص وعدم دعمه أدى الى تناقص في إيراداته ووجوده الفعلي على أرض الواقع .

تجارب سابقة : 

وقد أثبتت هذه السياسة قدرتها على خلق تغير واضح في معظم الدول المتقدمة ، وفي مراحل فاصلة في تاريخها قاربت بها على الإفلاس والإنهيار ، ولكن القطاع الخاص خلق تغيرا وتنوعا ودعم الاقتصاد الوطني أحد أهم هذه النماذج هي تركيا ، التي عاشت أزمة اقتصادية في عام 2001 ، وقد أدت هذه الأزمة الى انهيار الليرة التركية بنسبة 100% وكذلك ارتفاع التضخم الى 70% وتراجع اقتصادها بنسبة 5.7%  ، ومن أهم الأسباب التي أدت الى الازدهار الاقتصادي في هذه الدولة التي قارب على الانهيار ، فتح الدولة الطرق أمام القطاع الخاص حيث حيث وصلت معدلات استثمار القطاع الخاص إلى 300% مقارنة بالاقتصاد الحكومي والذي اقتصرت استثماراته على نسبة 100%.

وقد اتجهت معظم الدول إلى تبني سياسة الخصخصة للتغلب على ما يخلقه القطاع العام من مشاكل ، وكذلك لزيادة الإنتاج وتحسين الكفاءة الإدارية وتحسين ظروف العمل وتحسين جودة الخدمة المقدمة وسرعة تقديمها وتقوية المركز المالي وكذلك زيادة القدرة على التنويع ، وكذلك زيادة الأرباح .

في ماليزيا على سبيل المثال تبدلت الأحوال خلال عشرين عام فقط حيث أصبحت من بلد يعتمد بشكل أساسي على تصدير بعض المواد الأولية الزراعية الى بلد مصدر للسلع الصناعية في مجالات متعددة من معدات وآلات كهربائية وإلكترونيات ، حيث صنفت من ضمن أهم 30 دولة مصدرة للتقنية العالية ، وقد أحتلت المرتبة التاسعة .

وقد استطاعت ماليزيا الوصول الى هذه المرحلة من خلال الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص وقد استخدمت ماليزيا الخصخصة الرشيدة لتواجه الأزمات الاقتصادية ، حيث وفر لهم قوانين اجرائية من الدولة ساعدته على التغلب على ما يعترض طريقها .

حيث عن ما شعرت ماليزيا بأنها في خطر اقصادياً قامت بإعادة دراسة مشاريعها العامة والتقليل من الاعباء المفروضة على ميزانية الدولة ولم ترهقها بل قامت الحكومة بإجراءات أخرى في مجالات الضرائب ورسوم التصدير والجمارك فكت بها الأغلال في كل القطاعات وخفضت ضرائب الشركات بالتدريج للتشجيع على الاستثمار المحلي والأجنبي .

المشاكل المحلية : 

في ليبيا تدفع الدولة مبالغ باهظة للمواطنين نظرا لاعتمادهم الكلي عليها في الدخل و في العمل حيث أن هناك أكثر من 1.8 مليون مواطن يعملون في القطاع الحكومي نظرا لغياب القطاع الخاص عن المشهد حالياً ، أو غياب التشجيع والفرص المناسبة له ، وقد خلق هذا الغياب مشاكل متعددة أولها تتعلق بالبطالة ففرص العمل في ليبيا اقتصرت جزئيا على القطاعات العامة وأصبحت كل وزارة أو هيئة عامة يتكدس بها آلاف الموظفين مما يفوق من قدرتها وطاقتها .

كما أن القطاع الخاص يعتبر أداة فعالة للتنمية المستدامة ويمتلك القدرة لإنقاذ ليبيا من الفساد والمحسوبية ، كما أن هيمنة هذا القطاع على جميع مرافق الدولة من بنية تحتية وقطاع الاسكان والصرف الصحي ومطارات وموانئ سيؤدي في نهاية المطاف إلى إنجاح هذه القطاعات ، اذا ظلت تعمل بقدرة ممتازة وتحت قيود وضوابط معينة .

حيث ان الاعتماد على القطاع العام في ليبيا أدى الى زيادة معدلات الفساد المالي والإداري ، لأن معظم الشركات والمؤسسات العامة لا تركز على مبدأ الربح والخسارة ، لأنها تستمد الأموال من الدولة ربحت أو خسرت ، قلت أو ازدادت نسبة إنتاجيتها وعملها ، وهذا أدى إلى سوء المتابعة لهذه القطاعات وغياب الرقابة وزيادة الفساد ، وتغيب العديد من العاملين فيها .

أهمية القطاع الخاص : 

يرى الخبراء الاقتصاديون أن تحقيق النمو الاقتصادي المستدام المولد للدخل وفرص العمل بالبلدان النامية كليبيا على سبيل المثال يتوقف على مدى قدرتها على إنشاء وتنمية قطاع خاص مزدهر يتيح فرص عمل جيدة ومستوى أفضل للدخل ويتحمل مسؤوليته الاجتماعية ، فبدون أن تمنح القوة للمبادرات الخاصة سيظل الفقراء تحت وطأة الفقر وسطوة الحكومة .

حيث أن للقطاع الخاص القدرة على الابتكار وبذل الجهد في الإدارة وتحسين وتنمية أمواله ، كما أن الاعتماد على القطاعات العامة بدأ يُظهر الضعف والمشاكل في الادارة الحكومية والضعف في الأداء الاقتصادي ، لذلك بادرت معظم الدول في عملية تخصيص وقل واشراك القطاع الخاص بالملكية الجزئية المتدرجة أو النقل الكامل مع وجود القوة والسيطرة والرقابة في يد الدولة .

وتبين أن الدول التي اتجهت نحو الخصخصة كأوروبا وأمريكا وماليزيا وغيرها  أصبحت في مصاف الدول المتقدمة والتي حققت النمو ولم تعد من ضمن الدول النامية التي تنتظر تحقيق النمو ، وعلى النقيض الدول التي استمرت في ادارة مؤسساتها حكومياً صنفت ولازالت تصنف من ضمن الدول المتقدمة والتي تعاني من بطالة لا تنتهي وضعف في الإنتاج وعدم وجود تنوع والاعتماد على مصادر دخل واحدة ومحدودة كليبيا على سبيل المثال التي لازالت تعتمد على على مصدر واحد ألا وهو النفط .

أراء الخبراء : 

وقد أكد معظم الخبراء الاقتصاديين على أهمية هذا القطاع وضرورة اشراكه ، حيث أكد الدكتور الليبي محمد عبد العالي في دراسة له بعنوان القطاع الخاص ودوره في زيادة القدرات التنافسية للاقتصاد الليبي نشرت في عام 2012 على الأتي

أن سياسة الخصخصة لا تعطي ثمارها المرجوة إلا عند توافر بيئة اقتصادية متحررة قبل البدء في تطبيق هده السياسة،وعلى صعيد إمكانية القطاع الخاص على القدرة التنافسية،فقد أوضح تحليل إستراتجيات وخطط التنمية في العهود السابقة وما اتخذته ليبيا في الآونة الأخيرة من سياسات تنموية وسياسات تحررية أن الاقتصاد الليبي قد أصبح أقرب من أي وقت مضى لاتجاه القطاع الخاص نحو القدرة التنافسية وذلك بعد إتمام الخطوط الضرورية لاستكمال مسيرة التحرير الاقتصادي وخصوصا في هذه الفترة التاريخية التي تشهدها ليبيا، بمحاولة توطيد العلاقات مع الدول العربية والدول الأوروبية ستساعد على تشجيع ميادين الاقتصاد الحر، وتعزيز الصادرات في كافه السلع والخدمات وليس في مجال واحد وهو (النفط) كما يحدث سابقا وكل ذلك سوف يعمل على زيادة القدرات التنافسية للاقتصاد الليبي في محاولة منها إلى الوصول إلى درجات من التقدم والرقي من خلال إقحام القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي وزيادة القدرات التنافسية من خلاله ويجب أيضا في هذا المجال من ضرورة التأكد على اتساق القطاع الخاص في ليبيا مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع الليبي بحيث يضمن نجاح البرنامج من ناحية وتحقيق التقدم المنشود من ناحية أخرى .

كما تحدتث صحيفة صدى الاقتصادية مع رجل الأعمال الليبي حسني بي ورأى أن

لا نمو و لا تطور الا من خلال القطاع الخاص وأن الفشل الذي نعيشه سببه خلط السياسة بالمال العام من خلال تمويل و إهدار و سرقات أموال عامة من خلال القطاع العام الممول و من خلال ميزانيات عامة مليارديرية”

وذكر حسني أنه وحتى يومنا هذا لم تخطط الحكومات المتتالية لأية مبادرة خاصة و كأنه لا وجود لقطاع نشط و حركي يسمى “القطاع الخاص” . نتيجة عدم التخطيط الممنهج من قبل فاشلون نعيش عشوائيات سكنية و صناعية و خدمية و تجارية و سياحية على كامل الأراضي الليبية.

وفي ظل الأهمية والفوائد التي يحققها هذا القطاع السؤال الذي يطرح نفسه هنا متى يظهر القطاع الخاص في ليبيا ويأخخد مكانته المرجوة ومتى ينتهي التهميش له …

مشاركة الخبر