Skip to main content
"محمد أحمد" يتحدث عن دعم المحروقات في تقرير ديوان المحاسبة لسنة 2018
|

“محمد أحمد” يتحدث عن دعم المحروقات في تقرير ديوان المحاسبة لسنة 2018

كتب: الخبير الاقتصادي “محمد أحمد”

دعم المحروقات من أهم المواضيع السياسية والاقتصادية في ليبيا اليوم ويتطلب تداوله دقة فاحصة نظرا للجدل القوي الدائر حوله والاثار الحساسة التي سيخلفها أي تغيير عليه.

وقد تناول تقرير ديوان المحاسبة هذا الموضوع بالدراسة وغطى الكميات والمبالغ التي يقول إن الحكومة الليبية قد تكلفتها خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

وهذا الجزء خصوصا لا يمثل محاسبة للحكومة فقط بل يمثل أيضا محاسبة للمستهلك الليبي العادي حينما يحاول أن يوضح حجم الهدر الذي يقوم به المواطن للموارد المالية قبل الموارد النفطية للحكومة، حيث ارتفعت أصوات عديدة تلوم المستهلك الليبي على الهدر الكبير لهذه الموارد سواء بالاستهلاك المفرط أو بالتهريب خارج الحدود للاستفادة من فرق السعر، والرقم المعروض من الديوان 35.750 مليار دولار.

وقد عرض تقرير الديوان شرحا لقيم الدعم بالنسبة للمنتجات الرئيسية التي يغطيها وهي: غاز الطهي، وقود الطيران، البنزين، الديزل، كيروسين المنزلي (الكاز)، الزيت الثقيل، وأورد الديوان في التقرير آلية طلب الدعم واستلامه حيث قال إن شركة البريقة هي من تقوم بالطلبيات ومن ثم يتم توفيرها من المؤسسة الوطنية للنفط، وقد أشار التقرير إلى وجود اختلافات بين دفاتر شركة البريقة والمؤسسة الوطنية للنفط في 2018 بدون أن يبين سبب الاختلاف.

في رأيي الخاص فإن تغطية ديوان المحاسبة لهذا الموضوع الحيوي والهام ضعيفة جدا ومليئة بالأخطاء الإحصائية والمحاسبية والتي تضعف من قيمة التقرير الاجمالية..

وسوف أوضح هذه الأخطاء بالتحليل التالي:

في حالة الدعم للمنتجات المستوردة كما هي مذكورة في التقرير، الدعم نظريا يساوي الآتي:

الدعم للمنتجات المستوردة = السعر المحلي – (السعر العالمي + أي تكاليف إضافية) .. وإذا ما أخذنا مثلا منتوج بنزين السيارات ففي تقديري وفقا للسعر العالمي وتقدير تكاليف التخزين والتوزيع:

الدعم سنة 2013 = 0.15 – (1.37+0.15) = 1.37 دينار للتر،

الدعم سنة 2014 = 0.15 – (1.27 +0.15) = 1.27 دينار للتر،

الدعم سنة 2015 = 0.15 – (0.79 + 0.15) = 0.79 دينار للتر

الدعم سنة 2016 = 0.15 – (0.64 +0.15) = 0.64 دينار للتر

الدعم سنة 2017 = 0.15 – (0.76+0.15) = 0.76 دينار للتر

الدعم سنة 2018 = 0.15 – (0.92+0.15) = 0.92 دينار للتر

حساب الدعم لبنزين السيارات عملية مباشرة لأن هناك سعر محلي واحد وكذلك لغاز الطهي وكيروسين الطيران، ولكن بالنسبة للديزل فالعملية أكثر تعقيدا لأن هناك سعران؛ أحدهما لديزل المواصلات والآخر لتوليد الكهرباء.

وفقا لحساباتي فإن تكلفة توريد بنزين السيارات في السنوات المشار إليها في 2013-2018 تقريبا تساوي 15.7 مليار دولار، إذا ما حسبنا أن السعر المحلي ثابت وهو 0.15 دينار للتر، فإن الدعم هو 13.2 مليار دولار، أي أن المستهلك غطى بالسعر المحلي 2.5 مليار دولار.

ونظرا لضيق الوقت لا أستطيع حساب الدعم للمنتجات الأخرى ولكن إذا افترضنا أن المنتجات الموردة هي: كمية صغيرة من الغاز المسال نظرا لوجود إنتاج محلي كبير نسبيا مع الأخذ في الاعتبار توقف مصفاة رأس لانوف، وبنزين السيارات، والديزل، وكمية صغيرة من زيت الوقود الثقيل، فأن الرقم المشار إليه في وهو 35.7 مليار ككلفة للواردات النفطية يجب أن يتعدل بمساهمة المستهلك المحلي بسعر البيع الداخلي. وكما رأينا فإن بنزين السيارات خفض الرقم بمعدل 2.5 مليار دولار.

التخفيض الأساسي سيكون من الديزل والذي أتوقع أن يكون في حدود 3.1 مليار دولار. هذا يعني أن المبلغ 35.7 مليار دولار المشار إليه كتكلفة للواردات النفطية للسنوات 2013-2018 ليس هو الدعم بل إذا ما احتسبنا السعر المحلي لبيع منتجي بنزين السيارات والديزل فإن هذا المبلغ يجب أن ينخفض بـ 5.6 مليار دولار ليتبقى 30.1 مليار دولار فقط.

ويختلف حساب الدعم للمنتجات المكررة محليا من زاوية محاسبية عن الدعم للمنتجات المستوردة كما شرحنا أعلاه. وبدون الدخول في التفاصيل فإن حساب الدعم محاسبيا (بدون استعمال مفهوم الفرصة الضائعة الاقتصادي) هو فرق تكلفة الإنتاج “وليس السعر العالمي” مع السعر المحلي. لا داعي للتفصيل هنا ولكن قيمة الدعم صغيرة جدا في المنتجات المتوفرة محليا مثل غاز الطهي، كيروسين الطيران، وزيت الوقود.

وللتأكيد مرة أخرى نقول قيمة الدعم محاسبيا أي بحسابات المصروف والإيراد وليس بحسابات الفرصة البديلة أو الضائعة الاقتصادي. لذا كنت أتوقع من تقرير الديوان توضيح هذه الملابسات وهي مهمة جدا في اتخاذ أي قرار عقلاني يخص الدعم ولا ينضم إلى الحملة التي تستهدف المستهلك المحلي باللوم عن الهدر في الاستهلاك.

أخيرا أود ملاحظة أن الجدول في صفحة 208 والذي يوضح الكميات المستلمة والموزعة من شركة البريقة هو خاطئ تماما والأرقام فيه مغلوطة بشكل كبير فمثلا استهلاك بنزين السيارات 5.3 مليار طن متري في 2016 وهو رقم أكثر من الاستهلاك العالمي وكذلك بقية الأرقام وأظن أن هناك مشكلة في استعمال الفاصلة.

"محمد أحمد" يتحدث عن دعم المحروقات في تقرير ديوان المحاسبة لسنة 2018
"محمد أحمد" يتحدث عن دعم المحروقات في تقرير ديوان المحاسبة لسنة 2018
"محمد أحمد" يتحدث عن دعم المحروقات في تقرير ديوان المحاسبة لسنة 2018
مشاركة الخبر