قال عضو مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي سابقًا “مراجع غيث” في تصريح خاص لصحيفة صدى الاقتصادية، بأن لو ضخّ المصرف المركزي احتياطاته كلها سينخفض الدولار، ثم يعود بعد أسبوع للارتفاع، لأن الطلب على الدولار غير رسمي. نحن لدينا طلب غير مرئي، منهم من هو مستعد لشراء الدولار حتى بـ50 دينارًا: منهم المهرّبون وتجار السلاح والإرهابيون ومهربو الهجرة غير الشرعية ومهربو المخدرات، فليس لديهم أي مشكلة. أي دولار يتم طرحه يأخذونه بأي سعر. مشكلة الدولار في ليبيا ليست مرتبطة بالدولة الليبية أو بالتجار أو بالمستخدمين الليبيين فقط، هذه جريمة منظّمة على مستوى العالم، وليست مرتبطة بليبيا وحدها. لو كانت دولة التجار الليبيين فقط لكانت المشكلة محلولة. وبالتالي، هذه ليست إجراءات ضغط، بل إجراءات رقابة على استخدام الدولار، أين يذهب؟.
وتسأل “غيث” بأن ما يُسمّى بالأغراض الشخصية..هل المواطنون الليبيون يذهبون للسياحة؟ مجيبًا بأن القليل جدًا منهم يذهب للسياحة، والبعض للعلاج. اليوم أصبح كل الليبيين لديهم بطاقة أغراض شخصية؛ من يُولد تُصدر له بطاقة، ويتم بيعها لتجار السوق السوداء. وهذا يجب أن ينتهي بطريقة أخرى. والطريقة التي نراها الآن مناسبة هي أن تتيح المصارف استيراد الدولار الحي لعدد من المواطنين الذين يحتاجونه. المواطن أصلًا لا يستطيع سحب كميات كبيرة؛ وحتى في العالم الحد 4 أو 5 آلاف دولار، ليست مشكلة. لكن اليوم لدينا آلاف البطاقات، وكل بطاقة فيها 4 آلاف دولار، وهذه أربعة ملايين بطاقة… أين تذهب هذه الأموال؟ تُهرّب إلى الخارج. وسمعنا جميعًا القصة التي حدثت في تركيا.
وتابع: إن شاء الله تنتهي هذه الفوضى إلى هذا الحد، لأن هذه العمليات – حسب تحقيقات دولية – يُعاد فتح ملفاتها بعد 20 سنة، والبنوك يُسألون عنها بعد 30 سنة. وأنا اطلعت على ملفات تُعاد فيها التحقيقات بعد ثلاثين سنة بسبب شبهات غسل الأموال. ليست مسألة يوم أو شهر.
وأوضح “مراجع غيث” بأنه لذلك يجب أن نفهم أن هذه الممارسات هي التي أدت إلى وجود السوق السوداء. القضية اقتصادية وليست أمنية. إغلاق سوق المشير لا ينهي شيئًا، لأن السوق السوداء موجودة في غرف واتساب في دبي أو إسطنبول. هؤلاء يتداولون الأسعار كل صباح عبر هواتفهم. الحل اقتصادي وليس أمني. يمكن إيقاف الصغار الذين يتعاملون بآلاف، لكن كبار التجار الذين يتعاملون بالملايين مستحيل إيقافهم. السوق الحقيقي ليس في المشير، بل في غرف الواتساب.
وأضاف “غيث” بأن الأزمة أزمة ثقة يين المودعين والمصارف لأنها لم تعد تقدم الخدمات التي يستفيد منها،صغار التجار يقول لماذا نضع أموالي في المصرف ولا يمكني سحبهم وعليا الشراء من سوق السوداء وهذه نقطة لابد أن ينتبه لها المصرف المركزي، زيرو كاش هذا حُلم، إحنا ما زلنا مجتمع نقدي، والناس بطبيعتها تحب التعامل بالكاش لأنه يعطيهم إحساس بالاطمئنان لما تكون فلوسهم قدّامهم، نتمنى عندنا توازن 50/50 بين الكاش والخدمات المصرفية ويبقى الدور كله على المصارف في جذب العملاء. الجذب يكون عن طريق تحسين الخدمات، تقديم مزايا وحوافز، وتحمل جزء من التكاليف في السنوات الأولى مثل ما صار في مصر.
وتابع: أنا لا ألوم المصارف بالكامل، لأنها مرت بمرحلة صعبة ولم تعد مصارف فقط بل أصبحت خزينة للمرتبات، واليوم نطلبوا منها تتحول 180 درجة وتصبح مثل المصارف العالمية صعبة وهذا التغيير يحتاج 10 إلى 15 سنة حتى تتكون الثقافة المصرفية الصحيحة عند الناس، وتتطور الأنظمة والخدمات.
واختتم عضو مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي سابقاً “مراجع غيث” تصريحه لصدى قائلا: تحولت المصارف من مؤسسات لها دور ائتماني إلى لبيع العملة فقط، أصبحت خدماتها تتركز على،الاعتمادات،المخصصات الشخصية، نتمنى إن المصارف تعود لدورها الحقيقي.