ونصّ قرار “الرئاسي” على تشكيل لجنة من أربعة أشخاص تتولى البث في طلبات توريد السلع الأساسية عن طريق المستندات برسم التحصيل وإحالة الطلبات التي يتم اعتمادها والموافقة عليها لمصرف ليبيا المركزي.
قرارٌ وصفه البعض بالغير مدروس ، وأنه سينصف وسيساعد السارقين وسيصبح المواطن ضحية تُعطى له مسكناتٌ بسيطة المفعول ، دون حلول جذرية تُذكر .
رد ديوان المحاسبة على قرار المجلس الرئاسي على الفور ببيان طالب فيه بوقف قرار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، بإنفاق 1.5 مليار دولار لتوريد سلع ومواد غدائية قبل شهر رمضان، وذلك إلى حين الانتهاء من دراسة أسباب صدور القرار. موضحاً ضرورة «الاطلاع على الدراسات الفنية التي أعدتها الجهات واللجان المختصة لتحديد احتياجات السوق من السلع والكميات المطلوبة» .
ودعا الى ضرورة توضيح «مبررات صدور قرار توريد السلع برسم التحصيل في ظل صدور موافقات سابقة لذات السلع قيد التنفيذ في انتظار التغطية المالية من مصرف ليبيا المركزي تستوجب البحث في أسباب تعثر تنفيذها». وحث على الاطلاع على «الموقف التنفيذي للتغطية التي تمت من مصرف ليبيا المركزي للموافقات الصادرة عن لجنة تنفيذ الموازنة الاستيرادية 2017 لفتح اعتمادات مستندية» .
وأصبح هذا القرار بين ليلة وضحاها محل اهتمام المسؤولين و الخبراء الاقتصاديين على اختلافهم ، ففُتحت النقاشات واجريت الاجتماعات ، وكالعادة قدم المصرف المركزي رداً في صورة بيان عن ارتفاع الأسعار ، متهما في هذا البيان ديوان المحاسبة بتجاوز اختصاصاته ، وضارباً أراء الخبراء و الديوان عرض الحائط .
ذاكراً انجازاته في فتح الاعتمادات منذ فترة طويلة ، متناسياً أن فتح الاعتمادات و الموافقة عليها لا يعتبر انجازاً بل دماراً بعيد المدى للدولة الليبية .
وعندما تنادى الخبراء الاقتصاديون بضرورة وضع حد لهذه الممارسات ، وأظهرو الأثار السلبية و المشاكل التي سيسببها هذا القرار ، مع نداءات الجاهات المسؤولة ، بدأت بوادر النقاش للتخفيف من وطأة هذا القرار تظهر ، فعقدت العديد من الاجتماعات لمناقشة تبعيات هذا القرار و زواياه من ضمنها إجتماع رئيس ديوان المحاسبة “خالد شكشك” ونائب رئيس المجلس الرئاسي “فتحي المجبري” .
وتم خلال الاجتماع مناقشة كتاب رئيس ديوان المحاسبة “خالد شكشك” الذي طالب فيه رئيس المجلس الرئاسي “فائز السراج” بوقف قرار “الرئاسي” بتخصيص مبلغ 1.5 مليار لاستيراد السلع الأساسية عن طريق المستندات برسم التحصيل لوجود شبهة فساد بالقرار وكونه لن يساهم في حل الأزمة الاقتصادية بقدر ما سيسهم في تفاقمها.
لذا توالت الاجتماعات لوضع الحلول وانتهت بتغيير يذكر في القيمة المخصصة لهذه الاعتمادات ، حيث أصدر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في 24 من شهر ابريل قرارا جديدا بشأن الإذن بتوريد بعض السلع الأساسية بقيمة إجمالية تصل إلى 450 مليون دولار أمريكي، وسحب قراره السابق بتخصيص 1.5 مليار دولار لاستيراد السلع والذي أوقفه ديوان المحاسبة.
ونصّ القرار على تخصيص مبلع 450 مليون دولار لاستيراد السلع الأساسية وخصص منها مبلغ 15 مليون دولار لاستيراد الدقيق، و36 مليون دولار لاستيراد الأرز، وخصص المبلغ ذاته لاستيراد الزيت النباتي، و60 مليون دولار للحليب المعقم و45 مليونا للحليب المكثف، و15 مليون للأجبان، و20 مليونا للبيض.
وتمّ تخصيص مبلغ 45 مليون دولار للحوم الدجاج المجمدة و25 مليونا للحوم الأغنام المجمدة و63 مليونا للحوم الأبقار المجمدة، إضافة إلى 45 مليون دولار للأبقار والأغنام الحية، كما تمّ تخصيص مبلغ 30 مليون دولار لاستيراد العصائر ومبلغ 15 مليونا للبقوليات.
واشترط القرار على الشركات المتقدمة بطلبات التوريد عدة شروط من بينها ضرورة وصول السلع الموردة إلى الموانيء والمنافذ الجمركية الليبية في موعد أقصاه السادس من يونيو المقبل، وإيداع نصف قيمة الفاتورة نقدا في المصارف.
حيث كشف الديوان أن المصرف المركزي والمصارف التجارية منحت موافقات على التوريد لعدد أكثر من 3000 معاملة بقيمة تجاوزت 3.5 مليار دولار خلال الفترة من يوليو 2017 وحتى بداية مارس 2018 تجاوزا لوزارة الاقتصاد صاحبة الاختصاص ودون أن يتم إدخالها في منظومة الموازنة الاستيرادية .وأضاف “الديوان” أنه وبعد دراسة كشوفات الموافقات على التوريد خلال العامين 2017 و2018 تبين أن 3243 معاملة تمت الموافقة عليها دون إحالتها لوزارة الاقتصاد، بل ودون أن يتم إدخالها إلى منظومة الموازنة الاستيرادية، إضافة إلى محاولات أخرى لتمرير توريدات جديدة لتغطيتها باستخدام مستندات برسم التحصيل بالمخالفة لتشريعات الدولة وبما يصب في مصلحة عدد محدود من التجار مما يعزز الاحتكار وينسف الجهود المبذولة للإصلاح في هذا الشأن.
وقد كان هذا التقرير بمثابة الدليل الواضح لصحة أقوال الخبراء الاقتصاديين ، و التي تنص على أن الاعتمادات لا تنصب الا في صالح التجار والسارقين ، وأن المواطن و الدولة الليبية هم من يعانون من تبعاتها ، ومنذ بداية مسلسل الاعتمادات الرمضانية المعتاد ، نشر العديد من الخبراء المعروفين على المستوى المحلي ، على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك ، منشورات تنتقد هذا القرار و تنتقد هذه الممارسات كان من أبرزها كتابات الدكتور سليمان الشحومي الخبير الاقتصادي و مؤسس سوق الأموال الليبي حيث علق على بيان مصرف ليبيا المركزي بشان إرتفاع الأسعار قائلاً :
بيان البنك المركزي حول تنفيذ الاعتمادات المستندية والموقف من قرار الرئاسي بشأن الاعتمادات برسم التحصيل نصفه معجون بواقعية ومهنية و نصفه الاخر معجون بمزايدات و مناكفات تكرس واقع تعودنا عليه من انقسام وصراع مؤسسات كان الأحري بها ان تتناغم وتتوافق وفقا للأصول المهنية.
الواقعية تمثلت في بيان حجم الاعتمادات التي نفذت حتي الان منذ مطلع هذا العام والبالغة 2مليار دولار واخري تحت الإجراء بمبلغ 1 مليار دولار برغم انه لم يوضح ما نسبة السلع الغذائية منها والتي يحذر من نقصها وارتفاع اسعارها.
اما المزايدات فكشفت عن صراع ربما سيزداد اكثر بعد إشارة البنك المركزي الي استعداده لتنفيذ اعتمادات برسم التحصيل بالتنسيق مع رئيس المجلس الرئاسي في قادم الايام.
في تقديري انه لا مناص من توضيح الصورة امام الجميع وخصوصا اقرار الموازنة الاستيرادية لهذا العام بعد اقرار الترتيبات المالية بالاتفاق بين الرئاسي والبنك المركزي و ترك مسالة اختيار نوع الاعتمادات سواء كانت تقليدية او برسم التحصيل للمورد والاكتفاء فقط بوضع الضوابط . كما انه لا يمكن ان يقف ديوان المحاسبة موقف المتفرج بل لابد له ان يراقب وفقا للقانون.
لايمكن لاي طرف من الأطراف الفاعلة في المشهد الاقتصادي الليبي حاليا ان يتمكن بمفرده من إنجاز شي يذكر لا علي صعيد الاقتصاد الوطني ولا علي صعيد تحسين مستوي معيشة المواطن مالم يعملوا معا كفريق .
ووفي ظل المحاولات الاصلاحية لقرار الاعتمادات المستندية علق الشحومي :
كل المحاولات لتحسين عملية تخصيص الاعتمادات المستندية ستصتدم بالفساد المنظم.
يبقي تحرير او تعديل سعر الصرف الحل الأكثر عدالة وشفافية.
أما الاعلامي أحمد السنوسي ، مقدم برنامج ملفات اقتصادية فعلق هو الأخر على قرار الاعتمادات منذ صدوره من قبل المجلس الرئاسي ، فقال يوم اصدار القرار :
مبروك لإخوتنا المهربين التوانسة والجزائرية والتشادية والسودانيين والنيجر هذا الكم من السلع التموينية .
على سبيل المثال، ليبيا كانت تستورد “تن” في عام 2010 بقيمة100 مليون دولار لعام كامل ، احنا توا بنستوردو “تن” بقيمة 70 مليون دولار لشهر واحد فقط .
مبروك للفاسدين، مبروك للكروش ، للتماسيح .
وعند صدور بيان مصرف ليبيا المركزي بشأن ارتفاع الأسعار ، قام بتقديم حلقة عن هذا البيان بعنوان “بيان المصرف المركزي بين الحقيقة و الإدعاء ” ذكر خلالها بأن هناك عائلة ليبية جنت من قيمة الاعتمادات و التي مجملها 2 مليار حسب ما ذكر المركزي ، 350 مليون دولار ، وذكر أن هؤلاء الأشخاص سيكونون عقبة مستقبلاً أمام بناء ليبيا ، وأن ما يحدث في ليبيا “حرام ” وخاطب المحافظ وقال “استقيل ” .
أما مختار الجديد دكتور الاقتصاد بجامعة مصراتة فعلق أيضا على بيان مصرف ليبيا المركزي و على كل فقرة منه قائلا :
تعالوا نقروا :
=======
منشور مصرف ليبيا المركزي الاخير ،، ونحطوا تعليق على كل فقرة من فقرات البيان مالاخير :
1- يقول المركزي في بيانه ان ارتفاع الاسعار لامبرر له !!
ونقول ألا يكفي وجود الصديق الكبير كمحافظ للمصرف المركزي سببا لما يعانيه الناس من بلاء.
2- يقول المركزي في بيانه أنه نبه الى ما يحدث الان من غلاء وارتفاع اسعار
ونقول : ان هذا الكلام يحمل خبث المكير القصير ، وهو محاولة للتملص من المسئولية ، فالمصرف المركزي كان حريا به ان يأخذ التنبيهات التي جاءته من هنا وهناك على محمل الجد وينفذها ، اما قلب الادوار فهي محاولات العاجزين للتهرب من المسئولية.
3- يقول المركزي في بيانه أنه وافق على عدد 2722 اعتماد ،
ونقول : أن الخداع والمكر تجلى في أبشع صوره ، فتلاعبوا بالألفاظ ،، والفرق شاسع بين ((الموافقة على 2722 اعتماد )) وبين (( تنفيذ 2722 اعتماد ))
4- يقول المصرف المركزي في بيانه أنه لايمكن تحديد تاريخ معين لوصول البضائع نظرا لطبيعة الاعتمادات المستندية .
ونقول : أن هذا الكلام كذب بواح ،، فأهم شروط الاعتماد المستندي هو وجود اجل محدد له ولايمكن ان يكون مفتوحا الى مالا نهاية وهذه المدة تتراوح من شهرين الى ثلاثة اشهر كحد أقصى في الظروف والاصناف المعتادة.
5- يقول المركزي في بيانه أن المجلس الرئاسي أصدر قرار لمعالجة الازمة عن طريق المستندات برسم التحصيل
ونقول : أن القرار وقعه المجلس الرئاسي ولكنه لم يصدر عنه ، فالقرار اصدرها الصديق الكبير واحال مسودته الى السراج ليوقعه . والا .. منذ متى ينصاع الصديق الكبير لاوامر المجلس الرئاسي وينفذها.
6- يقول المركزي في بيانه : أن ديوان المحاسبة اصدر كتابا لايقاف المستندات برسم التلخبيط متجاوزا لصلاحياته.
ونقول : ان كان رئيس ديوان المحاسبة قد تجاوز صلاحياته فماذا نقول عن المحافظ اللي كل يوم يستقبل في سفير!!
7- يحاول المركزي تحميل مسئولية ارتفاع الاسعار الى ديوان المحاسبة بسبب كتابه الاخير بخصوص المستندات برسم التحصيل قبل شهر وكأن الاسعار لم ترتفع الا الان ونسى المركزي ان الدولار وصل قبل سنة في شهر 4 الماضي 2017 الى عشرة دينار.
وهنا فاننا نقترح على المصرف المركزي ان يلصق المسئولية عن ازمة السيولة بمكتب النائب العام مثلما الصق تهمة ارتفاع الاسعار بديوان المحاسبة.
8- اخيرا : يقول المركزي في بيانه انه مصر على تنفيذ المستندات برسم التحصيل
ونقول .. حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم
وكتب أيضاً معلقا على قرار الرئاسي :
قرار المجلس الرئاسي بشأن توريد بضائع بموجب مستندات برسم التحصيل هو شرعنة لسرقة ونهب احتياطيات المصرف المركزي وقد تعرض هذا القرار لحملة عنيفة من الرفض وقد تدخل ديوان المحاسبة ومن خلفه مكتب النائب العام ووجه رسالة الى المجلس الرئاسي لايقاف تنفيذ هذا القرار. الى هنا كل شي معروف ولكن الجديد في الموضوع أن :
المجلس الرئاسي بدل من تدارك خطأه – بافتراض انه خطأ ولم يكن شريك – ويقوم بالغاء قرار المستندات برسم التحصيل ويطالب بدلا من ذلك المصرف المركزي بتنفيذ الاعتمادات المتوقفة منذ بداية السنة نجد أن المجلس الرئاسي يصر على خطأه ويصر على تنفيذ قرار المستندات برسم التحصيل الامر الذي يخرجه في تصورنا من دائرة الخطأ وحسن النية ويدخله في دائرة الشك والريبة والاشتراك في جريمة نهب احتياطيات المصرف المركزي من النقد الاجنبي …..
ففايز السراج والصديق الكبير مصران على تمرير القرارخدمة لصالح فئة معينة من التجار ، وحيث ان المبلغ المطلوب من قبل هؤلاء التجار لن يصل الى مليار ونصف دولار ولن يتجاوز500 مليون دولار في افضل الاحوال لذلك فسيكون هناك فائض في المبلغ يعمل الان السراج على توزيعه على فئات اخرى من التجار لتوسيع الدائرة وسيقوم باصدار قرار اضافي يتضمن تشكيل لجنة جديدة للمستندات برسم التحصيل وسيضيف اصناف اخرى للقرار كالملابس والبقوليات وغيرها وسيزيد من المدة التي يغطيها القرار ، وفي هذه الحالة سيفي الصديق الكبير والسراج بوعودهما التي قطعوها للتجار ولابأس بعد ذلك من دخول غيرهم على الخط ،، وستسمعون بعد ايام بهذا القرار
يستمر هذا المسلسل الرمضاني يعرض بأجزاء عدة دون توقف ، والمستفيد فقط هم التجار والسارقين ويبقى المواطن يحقن بجرعات من المسكنات ، التي لايستطيع اكتشاف أثارها الجانبية ليس لغباءه بل لبساطته ، ومحدودية متطلباته وأمانيه ، ولكن السؤال الأهم هنا هو الى متى ، إلى متى ستسفيد طبقة واحدة وتستغني على حساب شعب كامل ، و متى ستنتهي هذه المسلسلات و يحاسب ممثلوها ، سؤالٌ لن نجد له إجابة وسط هذه الأحداث والمضاربات