Skip to main content
||||||||||||||
|

مسلسل انقطاع المياه عن العاصمة “غياب الحلول والأفق المسدود”

في ازمة مستمرة منذ سنوات تعاني طرابلس التي يتركز فيها ما يقارب نصف سكان البلاد وهي عاصمة الوطن من انقطاع المياه لفترات طويلة وصلت لأسبوعين في احداها

 

مسلسل انقطاع المياه عن العاصمة "غياب الحلول والأفق المسدود"

 

توقف ضخ المياه من الجنوب لعله الخبر الوحيد الذي اصبح يشكل هاجسا لدى المواطنين، وهو التوقف الذي تتعدد أسبابه فتارة يكون تخريبيا وتارة أخرى لمتطلبات الصيانة الملحة، وأسباب اخرى سنتعرف على مجملها في هذا التقرير الذي بحثت فيه ” صدى ” منذ بداية هذا المسلسل الطويل من الازمة

الافراج عن العنود مقابل تدفق المياه

 

مسلسل انقطاع المياه عن العاصمة "غياب الحلول والأفق المسدود"

في شهر سبتمبر 2013 قُبض على ابنة رئيس المخابرات السابق بأحد الفنادق بالعاصمة طرابلس جراء دخولها بطريقة غير شرعية بحسب تصريح مسؤول في اللجنة العليا وقتها نقلته عنه رويترز، ولم يلبث كثيرا حتي ثارت عائلتها بمنطقة وادي الشاطئ، وسارعت الى وقف تدفق المياه بمنظومة ” جبل الحساونة سهل جفارة “، وقطع الطريق الرابط بين الشمال والجنوب والمطالبة بالافراج عنها مقابل فتح تدفق المياه نحو العاصمة وباقي المدن الغربية بحسب مسؤول اجتماعي، وهو الامر الذي تم بعد اطلاق سراحها بعد عدة وساطات، وانتهت ازمة وقف تدفق المياه حينها

 

الضعف في التيار الكهربائي وانقطاعه المستمر

شهدت سنوات 2014 ، 2015 ، 2016 انقطاعات متكررة في المياه نتيجة انقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء واسعة من ليبيا وبالأخص عن الابار بمنظمة النهر الصناعي الامر الذي أجبر مشغلى الجهاز على فصل الكهرباء عن الابار كتدبير وقائي، ومناشدة الشركة العامة للكهرباء والجهات الحكومية بتوفير تيار كهربائي مستقر لتشغيل المنظومة للحفاظ على الابار من الضرر الذي سيلحق بها نتيجة عدم استقرار الشبكة

 

اغلاق صمام الغاز في منطقة بئر ترفاس

 

مسلسل انقطاع المياه عن العاصمة "غياب الحلول والأفق المسدود"

في يناير 2017 قامت مجموعة مسلحة بإغلاق صمام الغاز بمنطقة بئر ترفاس المغذي الرئيس لمحطة كهرباء الزاوية، واستمر الاغلاق حتي نفاذ كميات الوقود المغذية للمحطة مما ادي الى خروجها عن العمل، والتسبب في اظلام تام عم المنطقة الغربية والجنوبية ولفترة طويلة لم تفلح مساعي الجهات الحكومية والاجتماعية في ثني المجموعة عن فعلها وفتح الصمام، وهي ازمة القت بظلالها على منظومة النهر الصناعي بالجنوب الذي دام انقطاع التيار الكهربائي فيه أكثر من 20 يوما متواصلة وفي مناطق غات دام انقطاع الكهرباء عنها لنحو 45 يوما ممتالية مما قطع المياه على المناطق الغربية في أحد أطول حلقات مسلسل انقطاعات المياه

 

صيانة الصمامات بغرفة التحكم الرئيسية بالشويرف

 

مسلسل انقطاع المياه عن العاصمة "غياب الحلول والأفق المسدود"

في 16 من شهر اكتوبر 2017 اعلن جهاز تنفيد وإدارة مشروع النهر الصناعي عن أعمال صيانة طارئة ستكون بشكل عاجل وملح لإصلاح صمامات التحكم الرئيسية بمحطة التدفق بالشويرف، موضحة ان انقطاع المياه سيدوم لمدة 9 أيام متتالية على المنطقة الغربية وطرابلس، وانه يأتي بسبب عمليات التخريب وانقطاع الكهرباء المتكرر الأمر الذي سبب ضررا بالصمامات بغرفة التحكم الرئيسية الشويرف ..

 

اطلاق سراح احنيش مقابل استئناف ضخ المياه

 

مسلسل انقطاع المياه عن العاصمة "غياب الحلول والأفق المسدود" مسلسل انقطاع المياه عن العاصمة "غياب الحلول والأفق المسدود"

 

 

 

 

 

 

لم تمضي أيام قليلة على بدء الجهاز بصيانة الصمامات بغرفة التحكم الرئيسية بالشويرف حتي بادرت مجموعة مسلحة باقتحام غرفة التحكم الرئيسية بالجنوب، والسيطرة عليه وإيقاف فرق الصيانة عن أداء مهامها، وهددتهم بعدم ضخ المياه الى المنطقة الغربية مطالبة اطلاق سراح قائدها “المبروك احنيش ” الذي كان مودعا في احدى السجون بمدينة طرابلس بتهمة زعزعة الامن على حدودها الادارية في ذلك الوقت، وحاولت فرق الصيانة بالجهاز مفاوضة المجموعة، ونجحت في استئناف عمليات الصيانة حتي اكتملت الاعمال بالكامل وساهمت لجان المصالحة وعدد من الحكماء والمسؤولين البارزين في النظام السابق اهمهم ” عبد الله السنوسي ” مسؤول المخابرات الأسبق، ولم يلبث كثيرا حتي عادت المياه الى مجاريها في اتجاه العاصمة من جديد

بعدها بشهر وعندما كان الجميع يحسب ان ازمة النهر قد انتهت عادت نفس المجموعة المسلحة في 24 من شهر نوفمبر 2017 لقفل خطوط نقل المياه والمطالبة باطلاق سراح ” المبروك احنيش ” الامر الذي استدعى تدخل الجهات الاجتماعية من لجان صلح، وحكماء، وعميد بلدية الشويرف، وكذلك وزير الحكم المحلي ” بداد قنصو ” الذي اعلن عبر صفحته نجاح عمليات التفاوض، وإقناع المجموعة المسلحة بفتح خطوط المياه، وسرعان ما أعلن الجهاز عن عودة تدفق المياه الى العاصمة والمناطق الغربية

 

تخريب أبراج الكهرباء وسرقة الكوابل الكهربائية

 

مسلسل انقطاع المياه عن العاصمة "غياب الحلول والأفق المسدود" مسلسل انقطاع المياه عن العاصمة "غياب الحلول والأفق المسدود"

ازمة اخري تقض مضجع فرق الصيانة بالشركة العامة للكهرباء ومشغلى جهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي وهو الاعتداء وسرقة أبراج الضغط العالى واعمدة الكهرباء

وقالت الشركة العامة للكهرباءعبر صفحتها الرسميةفي احدى تلك الحوادث إن الاعتداء الذي تم على مشروع 400 كيلوا فولت أدى الى فصل التيار الكهربائي عن الابار بالمنظومة الامر الذي ادى الى احباط عملية إعادة ضخ المياه بعد ان أعلنت استئناف الضخ بعد انسحاب المجموعة المسلحة مضيفة الى ان اكثر من 160 برج ضغط عال اسقطت من اجل سرقتها وهو الامر الذي يعتبر خسارة فادحة في هذا المشروع المهم الذي كان على عتبة المراحل النهائية من التشغيل فبل بدء عمليات التخريب

 

يجب على الدولة انشاء محطات تحلية بطرابلس

 

مسلسل انقطاع المياه عن العاصمة "غياب الحلول والأفق المسدود"

قال مصدر مسؤول في شركة المياه والصرف الصحي لصحيفة ” صدى ” الاقتصادية ” أن أهم الحلول المطروحة لحل ازمة المياه بالعاصمة طرابلس هي انشاء محطات لتحلية مياه البحر حتي تمد المواطنين بحاجتهم من المياه ولا يكونوا عرضة للمساومة أو الابتزاز “

ومن الامثلة عن محطات تحلية المياه النموذجية هي محطة “راس الخيمة ” بالسعودية التى تعتبر واحدة من اكبر محطات تحلية المياه وتوليد الكهرباء بالعالم والتى تنتج 1،025.000 لتر من المياه العذبة الى جانب انها محطة تنتج طاقة كهربائية مقدارها 2400 ميجاوات، وهي قدرة توليد تحل العجز في توليد الكهرباء في ليبيا عموما الى جانب حل مشكلة المياه بالمنطقة الغربية وطرابلس بشكل خاص اذا ما أخذنا بالحسبان الرقم الذي تحتاجه طرابلس من المياه بحسب جهاز النهر الصناعى، وهو 540.000 الف متر مكعب يوميا فانها ستتوفر على هذه الكمية دون انقطاع في حال انشاء مثل هذا المشروع بالاضافة الى توفير الوقت الذي يتطلبه الوقت لوصول هذه الكميات من الابار بالجنوب، وستتوفر ايضا حاجة بعض المدن الغربية المجاورة للعاصمة

 

النهر الصناعى استنزاف لمقدرات الدولة والمياه الجوفية بالجنوب

 

مسلسل انقطاع المياه عن العاصمة "غياب الحلول والأفق المسدود"

تعود قصة اكتشاف النهر الصناعي الى عام 1953 حين اكتشفت شركات اجنبية للتنقيب عن مخزون كبير من المياه العذبة بمعدل استهلاك سنوي قيس وقتها بحوالي 2 مليار متر مكعب من المياه، وطُرحت فكرة نقله الى الشمال لأول مرة في عام 1960 لكن لم يتم البدء فيه بل واهملت فكرته نتيجة تكلفة المشروع الباهظة واضراره البيئية

مسلسل انقطاع المياه عن العاصمة "غياب الحلول والأفق المسدود"

في 28 من شهر أغسطس 1984 وضع النظام السابق حجر الاساس للمشروع الذي اعتمد على نقل المياه العذبة عبر أنابيب ضخمة تحت الأرض يبلغ قطر كل منها 4 أمتار، وطولها 7 أمتار، لتشكل في مجموعها نهراً صناعياً بطول يتجاوز في مراحله الأولى 4.000 كم، وهو مشروع قائم على 1300 بئر بعمق 500 متر تنقل 6 مليون متر مكعب من المياه يوميا الى المدن الغربية والشرقية انطلاقا من الجنوب، وقد كلف المشروع خزانة الدولة حوالى 35 مليار دولار

مسلسل انقطاع المياه عن العاصمة "غياب الحلول والأفق المسدود"

الخطر البيئي الذي يمثله هذا المشروع على المنطقة بشكل رئيس هو أن المخزون المائي غير متجدد ومحدود و بالتالي سيتم استنزاف كل المياه الجوفية متسببا في هجرة البشر إلى الشمال وترك قراهم ومزارعهم مع إنتهاء المخزون المائي بالجنوب الذي تعتبر نسب هطول الامطار فيه تكاد تكون معدومة منذ سنوات طويلة

مسلسل انقطاع المياه عن العاصمة "غياب الحلول والأفق المسدود"

من اهم الاضرار التى كشفت عنها الدراسات هو الفساد الكبير الذي رافق انشاء هذا المشروع بالنظر للاضرار التي اصابت خطوط نقل المياه وغرف التحكم بهذا المشروع بعد وقت قصير من استكماله، والتكلفة المبالغ فيها التي قدرت مبدئياً بحوالي 25 مليار ثم ارتفعت في النهاية إلى 35 مليار دولار، بدون مردود يذكر من هذا المشروع، واحتمالية نضوب المياه وهو المصدر الذي يقوم عليه المشروع اساسا

المشروع أدى لإهمال كامل لمشروعات تحلية المياه بحيث بات الحل الوحيد لمشكلة المياه مهمل وبحاجة لميزانيات جديدة بينما المال الذي قد صرف على مشروع النهر الصناعي سيتحول حين نفاذ كميات المياه مستقبلا الى خط أنابيب فارغ، وستعود حينها ازمة المياه الى الشمال ويفقد الجنوب مصدره الرئيس من المياه في الوقت الذي كان يمكن بنصف المبلغ إنشاء محطات تحلية مزدوجة تكفي لإمداد الشمال بالمياه على المدى الطويل

هي ازمة تبين التقارير انها لن تنتهي في ظل سطوة المجموعات المسلحة وضعف الاوضاع الامنية بالبلاد، الى جانب التقارير التى تتحدث عن احتمالية نفاذ مخزون المياه الجوفية، وانتشار ظاهرة الاعتداء، وسرقة مقدرات الدولة الى جانب البنية التحتية المتهالكة لشبكات الكهرباء والمياه كلها اسباب تحتاج الى علاج جذري من مشاريع جديدة وبديلة للمشاريع الموجودة الان لضمان تلبية حاجة المواطن من المياه على المدى الطويل .
مشاركة الخبر