Skip to main content
مع التفاصيل.. "الصافي": الإدارة الجديدة للمصرف المركزي تعتمد على استراتيجية تقديم المعلومات التي تبعث الطمأنينة إلى السوق
|

مع التفاصيل.. “الصافي”: الإدارة الجديدة للمصرف المركزي تعتمد على استراتيجية تقديم المعلومات التي تبعث الطمأنينة إلى السوق

كتب الخبير الاقتصادي “محمد الصافي” مقالاً عبر صفحته قال فيه: استخدام المعلومة كأداة نقدية في ليبيا

عند الحديث عن الأدوات النقدية، غالبًا ما يُركّز النقاش على أدوات مثل سعر الفائدة أو سعر الصرف، التي تُعتبر أدوات تقليدية. لكن المعلومات والتواصل الايجابي و المنضبط مع السوق يمثلان أداة نقدية لا تقل أهمية عن تلك الأدوات التقليدية.

الإدارة الجديدة لمصرف ليبيا المركزي بدأت تظهر سماتها بوضوح، حيث استطاعت استخدام واحدة من أقوى الأدوات النقدية المتاحة لها: التواصل الجيد وارسال المعلومات

تعتمد الإدارة الجديدة على استراتيجية تقديم المعلومات التي تبعث الطمأنينة إلى السوق، كما تستغل مبدأ أن “رأس المال جبان”، بهدف ابعاد هذا المال عن سوق المضاربة و تقليل تأثير المضاربين على الاقتصاد الليبي. هذه الاستراتيجية لا تقتصر فقط على نشر المعلومات، بل تمتد إلى استعادة الثقة من خلال الالتزام بالقرارات والدفاع عنها على أرض الواقع. الانسجام بين السياسات المعلنة والوضوح في تطبيقها يعززان الثقة في المؤسسة، ويُظهران أن المصرف المركزي لديه خطة واضحة وعازم على تنفيذها.

هذا النهج يختلف تمامًا عن الإدارة السابقة التي كانت تُثير القلق في السوق، وتستخدم المعلومة بطريقة سلبية (مثلا رفع الراية الحمراء عام 2015) مما أدى إلى زعزعة استقراره. في المقابل، المركزي الحالي يستخدم “الاطمئنان “الواقعي” كوسيلة لمنع الفوضى في السوق.

الرسائل الخاصة بسعر الصرف تمثل افضل مثال على استخدام التواصل كاداة نقدية حيث يتضح أن المصرف المركزي يرسل رسائل واضحة للسوق حول نيته خفض سعر الصرف. هذه الرسائل تُقلل من الحوافز لدى رؤوس الأموال التي كانت تستثمر في تجارة الدولار بهدف الربح، مما يؤدي إلى تقليل الطلب غير الحقيقي على الدولار كسلعة مضاربة، مع تعزيز استخدامه لأغراضه الحقيقية كأداة للتجارة والاستيراد.

أما بالنسبة لمشكلة السيولة، فإن الإعلان عن طباعة ورقة نقدية جديدة قد يدفع من يمتلكون أموالًا كبيرة خارج النظام المصرفي (تحت الزليز) إلى إيداعها في المصارف، خوفًا من صعوبة استخدامها في المستقبل. هذا الإجراء يمكن أن يُعيد جزءًا من الأموال المتداولة خارج النظام المصرفي إلى الدورة الاقتصادية الرسمية.

مع ذلك، تظل هناك مخاطر قد تُعيق نجاح هذه السياسات، منها:

  1. قد يؤدي تراجع عائدات النفط إلى إضعاف قدرة المصرف المركزي على الدفاع عن سعر الصرف الحالي، ما لم يتم اللجوء إلى الاحتياطيات.
  2. أي خلل في أنظمة الدفع الإلكتروني أو تأخر في طباعة العملة الجديدة قد يضعف الثقة في قدرة المصرف على تنفيذ استراتيجيته.

في الختام الاعتماد على المعلومات كأداة نقدية يعكس تحولًا استراتيجيًا في إدارة المصرف المركزي، حيث يهدف إلى بناء الثقة، تقليل المضاربة، وتوجيه الاقتصاد نحو الاستقرار. ومع ذلك، لتحقيق النجاح الكامل، يتطلب الأمر مواجهة التحديات الخارجية وتعزيز التنسيق بين السياسات النقدية والمالية.

مشاركة الخبر