نشر موقع Decode39 الصين في ليبيا: لماذا تهم عودة بكين في البحر المتوسط ،بعد أكثر من عقد من الغياب، تعود الصين للتحرك علنًا في ليبيا. إليكم ما نراقبه، إعادة فتح السفارة الصينية في طرابلس في 12 نوفمبر لا تمثل بادرة دبلوماسية معزولة، بل إشارة إلى استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز حضور الصين في شمال أفريقيا بوصفها فاعلًا اقتصاديًا ولوجستيًا، مع تجنب الانخراط السياسي المباشر في الديناميات الداخلية الليبية، وفي الوقت نفسه التموضع في طرابلس تحسبًا لإعادة اصطفافات إقليمية محتملة في المستقبل.
وتابع الموقع: قبضة الغضب: جرى تكريس عودة الصين رمزيًا في 12 نوفمبر، عندما التقى القائم بالأعمال ليو جيان مسؤولين كبارًا في وزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية، حيث تلقّى إشارات واضحة على الانفتاح نحو تعميق التعاون في القطاعات الاقتصادية والتكنولوجية والبنية التحتية.
وأضاف موقع Decode39، لماذا يهم الأمر: إن إيفاد سفير يعزز الإشارة السياسية لعودة الصين، ويدل على نية بكين إنشاء حضور دبلوماسي كامل وفاعل لمرافقة وحماية إعادة إطلاق مبادراتها الاقتصادية في البلاد، وتأتي هذه الخطوة في وقت تسعى فيه واشنطن، وفقًا لاستراتيجية الأمن القومي الأمريكية، إلى منع ظهور هيمنات إقليمية جديدة من قبل منافسين استراتيجيين، وفي مقدمتهم الصين.
وبذلك تصبح ليبيا ساحة اختبار للتنافس العالمي في حوض المتوسط الأوسع، حيث تتقاطع المصالح الأمريكية والروسية والتركية والأوروبية، كما تضع قدرة إيطاليا على الدفاع عن مصالحها في مسرح حيوي تحت المجهر.
وحسب الموقع: الوضع الراهن: على الأرض، باتت عودة الصين إلى ليبيا ملموسة بالفعل عبر سلسلة من الأنشطة العملية. فشركات مملوكة للدولة، مثل شركة الصين للهندسة المدنية والإنشاءات، تعمل على إحياء عقود بنية تحتية تعود إلى حقبة القذافي، لا سيما في قطاع السكك الحديدية.
كما أوضح موقع Decode39، بأنه وفي الوقت نفسه، يتبلور تعزيز الربط اللوجستي عبر مسارات تجارية جديدة إلى المنطقة الحرة بمصراتة، التي تُعد مركزًا محوريًا للنفاذ إلى السوق الليبية ومسارات التجارة في المتوسط،وبالتوازي، استأنفت مجموعات تكنولوجية مثل «هواوي» عملياتها بعد فترة تعليق، وحصلت على تراخيص في كل من إقليم طرابلس وبرقة، بما في ذلك تنفيذ شبكات الجيل الخامس (5G)، مجتمعةً، ترسم هذه المبادرات ملامح حضور اقتصادي موزّع يهدف إلى الانخراط مع جميع مراكز القوة الليبية والبقاء ذا صلة أياً كان الشكل المؤسسي الذي قد يتبلور مستقبلًا.
وتابع الموقع: النهج البراغماتي للصين: كما تشير كيارا دي سكالا، تقدم بكين نفسها شريكًا اقتصاديًا لجميع الأطراف، وأكثر اهتمامًا بالمشروعات والتنفيذ منها بالتحالفات العسكرية. عمليًا، ترسّخ الصين موطئ قدم اقتصاديًا عبر مختلف مراكز السلطة في ليبيا لضمان حضورها في أي تشكيل سياسي قادم، وينبغي قراءة العودة الدبلوماسية الصينية أساسًا كمسعى لاستعادة هامش الحركة في ملف ظل مجمّدًا إلى حد كبير لأكثر من عقد. ووفقًا لأندريا غيسيلّي، أستاذ السياسة الخارجية الصينية في جامعة إكستر ورئيس الأبحاث في «تشاينامِد»، فإن إعادة فتح السفارة في طرابلس تشير إلى نية بكين إعادة ترسيخ نفسها كمحاور سياسي معترف به في ليبيا، دون الالتزام بمحاذاة صارمة.
وأضاف الموقع بأنه يرى “غيسيلّي” أن الصين تعمل في بيئة لا تزال شديدة التشرذم، حيث وُجدت في الماضي أيضًا مؤشرات اهتمام بالفصيل الشرقي في البلاد، وعليه، فإن تعيين سفير لا يعني اصطفافًا حصريًا مع حكومة طرابلس، بل يعكس محاولة لإدارة الملف الليبي بفاعلية أكبر مع إبقاء قنوات التواصل مفتوحة مع جميع الفاعلين المعنيين.
وأشار الموقع بأنه في هذا السياق، تبدو ليبيا أقل مركزية مقارنة بملفات أخرى في شمال أفريقيا — مثل المغرب — لكنها تظل حالة اختبار مهمة لقدرة الصين على الجمع بين الحضور الدبلوماسي، والحذر السياسي، والطموح الاقتصادي في بيئة شديدة التقلب.
كما تابع الموقع: بين بحر الصين الجنوبي والبحر المتوسط: يندرج الملف الليبي ضمن وضع بحري صيني أوسع. وكما لاحظ الأميرال جوزيبي كافيو في تحليل نشره موقعنا الشقيق «فورميكيه»، تُكمل بكين انتقالها من قوة قارية إلى قوة بحرية عالمية، مُهيكلةً استراتيجيتها على مسارين متميزين.، في بحر الصين الجنوبي، تتصرف الصين كقوة إقليمية حازمة ذات مطالب إقليمية؛ أما في البحر المتوسط، فتعمل كقوة اقتصادية–لوجستية، مستفيدة من الموانئ والمسارات التجارية لترسيخ حضور استراتيجي ومعلوماتي، ما نراقبه: لا تجري عودة الصين في فراغ. فما زالت تركيا وروسيا فاعلين مركزيين على الصعيدين العسكري والأمني، بينما تضيف بكين بُعدًا اقتصاديًا قد يولّد تقاطعات تكتيكية ومنافسة جديدة في آن واحد، وبالنسبة لأوروبا — ولإيطاليا على وجه الخصوص — بات الخيار يتضح أكثر فأكثر: إما البقاء مراقبين، أو بناء بديل ذي مصداقية في إعادة إعمار ليبيا. أما الصين، فقد بدأت بالفعل في التموضع.