Skip to main content
ميزانية 2021.. من يراوغ من ؟
| ,

ميزانية 2021.. من يراوغ من ؟

ميزانية السنة المالية 2021م ، تمر بأشد مراحل مخاضها، فلا هي التي أبصرت النور، ولاهي بالتي أجهضت كلياً، فهي بين شد وجذب، وبإعتراف مجموعة من النواب فالبعض يبغي وصولًا لبنودها لينال حظًا منها ، لا يهم من أي بند كان حظه، فربما كانت وعودًا بمناصب، أو فوزًا بعطاءات، أو مشاريع تنموية، لا يهم المصدر أو الوسيلة طالما الغاية واحدة المال أو الجاه أو الوظيفة.

لا يهم أيضاً إن انتصفت السنة ولم تعتمد الميزانية بعد، ولا يهم إن نوقشت بنودها في جلسة أو جلستين أو جلسات، و لا يهم إن امتد الآمر للتراشق اللفظي، أو ربما حتى اليدوي، فالشعب قد اعتاد على مثل هذه التصرفات، ولن يضيره إن أضاف النواب مشهدًا أو مشهدين على ذلك.

رئيس الحكومة منشغل عنها بلقاءات أحادية أو جماعية وزيارات لدول وأقطار ودعوات لجمعيات ومجالس إدارة وتعميمات وتعليمات، ووعود بتحسين الدخول والمرتبات، وأخرى بعدم انقطاع الكهرباء مالم (تضربه عين)، وبين هؤلاء وأولئك يظل الشعب في طوابير تغيرت من شتوية إلى صيفية، ومن شبه يومية إلى مراحل آخرى وربما أنسته فرحته بتوفر الوقود والاستقرار النسبي لشبكة الكهرباء وتوفر السيولة النقدية بعضاً من همومه ولكنها قطعًا ليست كلها.

ولتسليط الضوء على هذه القضية تواصلت صدى الاقتصادية مع عدداً من المسؤولين المختصين بهذا الآمر:

ميزانية 2021.. من يراوغ من ؟

قال عضو مجلس النواب “أبوبكر سعيد” في لقاء أجرته معه صحيفة صدى الاقتصادية سابقاً أن هناك اعتراضات على الميزانية من قبل أعضاء المجلس منها جوهرية ومنها مطالبة بعض المناطق أو المدن أو بعض الأشخاص أو مناكفات سياسية الغرض منها الضغط على الحكومة وتعد قلة قليلة تمارسها على الحكومة لتمرير بعض المواضيع.

وتابع بالقول: هناك مبالغة في بعض من الأبواب بالميزانية منها : الباب الثاني الذي يرى بعض على الأعضاء أنه يجب أن يخفض مراعاة للأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد ، والمدة التي خصصت للحكومة ووصول الانتخابات في ديسمبر 2021 والمصاريف التشغيلية الخاصة في هذا الباب .

وكذلك الباب الثالث “التنمية” هناك تباين بوجهات النظر وعدم فهم وقصور وأيضا عدم قدرة الحكومة في إيصال الرسالة بشكل واضح ويعتبر ضعف من الحكومة بتواصلها مع اللجنة المالية ولم توضح برامجها وأهدافها خلال المرحلة القادمة ، يجب على الحكومة أن ترفع تقرير مفصل حول المشاريع والبرامج التي تتعلق ببرنامج التنمية خلال المرحلة القادمة وخاصة بأن الدولة متعاقدة ووفقا للبرنامج التنموي سنة 2008 ،2012 على قيمة أكثر من 120 مليون دولار .

وأضاف: يعتبر بعض الأعضاء أن كل القيمة التي وضعت في الميزانية يجب أن تكون مشاريع جديدة ، وهذا غير صحيح  بإعتبار أن هذه القيمة تتعلق بتغطية عقود سابقة وهي حلول لكثير من المختنقات وهذا ما تم توضيحه ، وكذلك بعض أعضاء يريدون سماع هذا الكلام من الحكومة ولكن للأسف يوجد قصور من قبل الحكومة  في التواصل مع لجنة التخطيط وبعض النواب .

أما بخصوص الباب الرابع لا يوجد به جدل كبير يتعلق بالفهم ووصول خدمات المواطن في الأسعار المناسبة مقارنة بأسعار الصرف والتي تعتبرعالية جدا تتجاوز 4.45 حسب ما حث مصرف ليبيا المركزي وبالتالي الدعم أصبح له ضرورة لوضع توازن بين المرتبات المتدنية والأسعار العالية نتيجة ارتفاع هذا السعر .

الباب الخامس يوجد أعضاء كثر يرو أن هذا الباب ليس ذو جدوى الذي يتعلق ببند الطوارئ ، وأيضا يعتبر قصور من الحكومة ووضحت بأن البنود التي تنطوي على هذا البند على سبيل مثال علاوة الزوجة والأبناء وضعت وصرفت من هذا الباب ، وبالتالي جل الأعضاء لم تكن لهم الصورة واضحة وأن عملية إلغائه غير مجدية وربما تخفيضه للحد الأدنى يفيد المرحلة المتبقية .

وتابع بالقول: توجد أراء تقول أن الحكومة من يستطيع محاسبتها لو صرفت هذا المبلغ 93 مليار دينار ليبي في مدة تنتهي في 24 ديسمبر ، وكذلك يحتاج إلى ديوان محاسبة موحد ورقابة إدارية موحدة وأيضا مصرف ليبيا المركزي بمجلس إدارة موحد ولكن بانقسام هذه المؤسسات يساهم في عدم قدرة الدولة والمجلس النواب في مراقبة ومتابعة ومحاسبة الحكومة على هذا الضعف ، وبالتالي اشترطوا أن الميزانية ستكون لها خطوة موازية وهي توحيد مؤسسات الدولة لأن عملية توحيد مؤسسات الدولة يمر بصعوبات وتوجد بها إشكاليات باعتبار أن التوافق بين مجلس الدولة  ومجلس النواب ليس بالمستوى المطلوب وبالتالي توجد عرقلة بتوحيد مؤسسات الدولة .

وأفاد: يجب على حكومة الوحدة الوطنية  أن تغطي جميع مدن ومناطق ليبيا وليس مدن دون الأخرى ويوجد بعض من النواب يضغطون على الحكومة لغرض ابتزازها والحصول على مكاسب سواء في تعيين الوكالة أو ببعض الأشياء الأخرى  .

وتابع: فالحكومة استمرارها هكذا لغرض الابتزاز اعتقد سيتم إضاعتها كليا مثل حكومة الوفاق سابقا ويجب على الحكومة أن تشتغل بطريقة الصحيحة وأن لا تستسلم للضغوطات وتمارس عملها كحكومة وسلطة تشريعية منفصلة ،وكذلك التواصل مع كل النواب الوطنيين ليكن لديهم دور وليس فقط أن تتواصل مع المعارضين وبهذه القلة من الممكن أن ترى في نفسها أن تحدث فوضى داخل المجلس وأن تغير مسار المجلس .

ويجب أن يوجد فصل كامل بين السلطة التشريعية والتنفيذية وأيضا يوجد قصور في فهم مايحدث داخل الجلسة من قبل المواطنين لعدم تغطيتها بشكل كامل وصحيح ويجب على الإعلام أن يلعب دور بارز ومهم في هذه المرحلة .

وقال لصدى الاقتصادية نؤكد لكم على أنه تم تقديم مقترح متوازن من قبل مجموعة كبيرة من النواب بحيث أن يكون مقترح متوازن داروا بحيث لا ترفض الميزانية بشكلها الحالي وطالبوا بتخطيط بعض البنود وبعض الأبواب بالميزانية وكان مقترح صحيح ومقبول بحيث تخفض الميزانية من 93 إلى 76 مليار دينار ليبي ولاقى هذا الأمر استحسان وقبول أغلبية أعضاء مجلس النواب ولو تركت حرية التصويت بالأمس بدون فوضى التي نقلت بعض منها على الإعلام كان سيمر بسلام بدون اشكالية ولكن للأسف توجهات البعض لم توافق على تمرير الميزانية إلا بالموافقة على شروطهم وأعتقد هذا ما سبب في مشكلة وسبب في تعليق الجلسة  .

ميزانية 2021.. من يراوغ من ؟

من جهته قال عضو مجلس النواب “محمد الرعيض” عبر صفحته بالفيس بوك يوم 25 مايو إنه لمن المخزي جدا ما آلت إليه الأمور في جلستي مجلس النواب فيما يخص الميزانية العامة للبلاد.

وتابع بالقول: أعتذر أشد الاعتذار على هذه المهزلة التي تابعها الشعب الليبي عبر شاشات التلفاز، وهذا الإخفاق المتكرر في الوصول إلى توافق بشأن الميزانية التي ستمكن الحكومة من أداء مهامها، وصولاً إلى الانتخابات في ديسمبر القادم، وأوضح أن السبب في تأخرها كان مع الأسف راجعاً إلى مصالح ضيقة شخصية وجهوية.

وأفاد الرعيض بالقول: المقترح الذي عرض في جلسة اليوم تضمن 34 مليار دينار للمرتبات و6 مليارات لعلاوة الزوجة والأبناء و12 مليارا لدعم المحروقات و20 مليارا للنفقات التسييرية وتشمل مخصصات البلديات والمستشفيات، والجامعات وغيرها من مرافق البلاد وتوقف هذه المخصصات سيضر بالمواطن بشكل مباشر، أما بند التنمية فكان أكثر البنود المختلف عليها رغم أهميته في إنهاء مشاريع كثيرة تفوق نسبة الإنجاز فيها السبعين بالمائة في قطاعات مختلفة.بالاضافة الى صيانة العديد من الطرق بمختلف انحاء البلاد.

وكشف الرعيض أن اعتماد ميزانية عامة لأي حكومة يعد مظهراً من مظاهر الاستقرار، والتأخر في ذلك يعتبر العكس تماما وينعكس سلبا على الاقتصاد الوطني والمساحة المتاحة لإجراء أي إصلاح اقتصادي، كما أنه يؤثر على الاستحقاق الانتخابي القادم.

كما أوصى الرعيض مجلس الوزراء بضرورة إصدار قرار يقضي بتقسيم البلاد إلى مقاطعات وأقاليم، بواقع 12 مقاطعة تعتبر كل مقاطعتان منها إقليما اقتصاديا مستقلا ماليا بذاته، حيث يمنح كل أقليم ميزانية وفقا لعدد السكان والموقع الجغرافي، وتقوم كل مقاطعة بإدارة ميزانيتها بما تراه مناسبا ونافعا بها.

وتابع بالقول: إن الاستمرار في هذا العبث لن يزيد إلا من الوقت الضائع في الخلاف على مسائل لن يستفيد منها المواطن شيئا، ولن يجعل مجلس النواب قادرا على مراقبة مصروفات الحكومة كما يجب وسيزيد من حالات الفساد وانحراف بعض الجهات عن أداء مهامها الأصلية كما حدث سابقا عندما مولت شركات عامة مصاريف الحكومة.

واختتم الرعيض بدعوة المجلس القيام بدوره وعقد جلسات أسبوعية لإصدار قوانين وقرارات تدعم عمل الحكومة وتخدم المواطن بالدرجة الأولى.

ميزانية 2021.. من يراوغ من ؟

من جهته قال عضو مجلس النواب عبد الغني الفطيسي في تصريح خاص لصدى الاقتصادية يوم الثلاثاء السابق 25 مايو أنه تم إيقاف جلسة اليوم بسبب إعتراض بعض الأعضاء على عرض مقترح مخفض للميزانية بقيمة 75 مليار .

وأضاف بالقول أن المقترح يتضمن تخفيض باب الدعم إلى 20 مليار وإلغاء باب الطوارئ وأن يظل الباب مفتوح لإعتماد ميزانية خاصة للطواريء إذا استدعت الحاجة لذلك.

أما بخصوص بند المناصب السيادية أشار إلى أنه تم تقديم مقترح بتأجيله إلى الجلسه القادمة.

وقال أيضاً أنه من الضروري إقرار الميزانية كونها أول ميزانية موحدة من العام 2014؛ متمنياً أن تتوحد الأجهزة الرقابية حتى تتولى متابعة تنفيذها.

كما أكد أن إقرار الميزانية مهم لخلق الاستقرار والتنمية في البلاد وتسهيل تحقيق الاستحقاق الانتخابي في موعده في 24 ديسمبر القادم.

ميزانية 2021.. من يراوغ من ؟

وفي لقاء أجرته صدى الاقتصادية مع مدير إدارة الميزانية بديوان المحاسبة ” أ . رضا قرقاب ” يوم 21 مايو حيال التقديرات الأولى لميزانية 2021 م وتوصيات الديوان بخصوصها ، قال أن مشروع الميزانية أو المشروع المعدل مؤخراً لم يحال رسمياً من الحكومة.

حيث أوضح أن ميزانية 2021 تختلف بشكل كبير عن سابقتها في سنة 2020 م ، حيث لم تتجاوز ميزانية 2020 م 38,5 مليار، في حين بلغت ميزانية 2021 م نحو 97 مليار أي بمعدل زيادة 160 % تقريباً وذلك لعدة اعتبارات منها التغير في سعر الصرف واتجاه الحكومة نحو التوسع اللامعقول في الإنفاق ، ورغم ذلك لم تصدر الحكومة بشأنها أي تفصيل لأهداف عامة أو أهداف قطاعية مخططة مسبقاً تجعلنا نقتنع بأنها أعدت على أسس علمية أو على الأقل وفق الأعراف المعمول بها في السنوات السابقة .

وتابع بالقول: إن التغير في سعر الصرف يحدث فارقاً كبيراً في الأسعار ، ويؤثر بشكل كامل على البنود التي تتعلق بالتحويلات الخارجية مثل بند الدعم والدراسات العليا والبعثات والأدوية والمحروقات وغيرها ، بالإضافة إلى بعض البنود الأخرى المتعلقة بالإعمار والتنمية ، بنسبة 70% على حد أقصى ، ولكن لا يؤثر بشكل كبير على بنود الباب الأول والبنود الأخرى بالباب الثاني ، و رغم ذلك لازالت الميزانية المعروضة مرتفعة وخالية تماماً من أي إصلاحات للسياسات الاقتصادية القائمة ، كما أن البيئة الحاضنة والقدرة الاستيعابية للاقتصاد الوطني لا يمكنها بأي حال استيعاب ميزانية بهذا الحجم حتى لو اعتمدت في حينها لاسيما والحكومة على أبواب النصف الثاني من السنة المالية وبالتالي ضياع فرصة خمسة أشهر سابقة في تنفيذها ، ما سوف يجعلها تتكالب في اتجاه الإنجاز واستنفاذ أكبر قدر ممكن من المخصصات دون تحقيق أي أهداف ، ولعل حجم القرارات الصادرة عن حكومة الوحدة الوطنية مؤخراً بشأن الإذن بالتعاقد بالتكليف المباشر واستثناء بعض العقود والقطاعات من لائحة العقود الإدارية والوعود العاطفية بإنشاء بعض المشروعات هنا وهناك خير شاهداً على ذلك .

وأفاد “رضا قرقاب” بالقول: أن هناك أسباب أخرى ساهمت في ارتفاع الميزانية منها تضمين الحكومة مصروفات الباب الأول التي كانت تصرف بالزيادة وخارج منظومة الرقم الوطني بالحكومة الليبية المؤقتة سابقاً ، بالإضافة إلى 20% من مرتبات بعض القطاعات التي تم خصمها في السنة السابقة و قيمة المرتبات المرحلة سابقاً التي لم يتم الإفراج عليها حتى هذا التاريخ ، ما أدى إلى ارتفاع مخصصات الباب الأول من 21,9 مليار إلى 34,9 مليار دينار ، وهي زيادة غير مبررة حيث يتطلب الأمر فلترة المرتبات التي انضمت للمنظومة خلال الفترة الأخيرة والتحقق من سلامتها ومن عدم وجود أي ازدواجية بشأنها ، واستبعاد الزيادة الناتجة عن تضمين التزامات السنوات السابقة ، وتبني مبدأ العدالة الاجتماعية وإصلاح نظام المرتبات .

وقال إن الباب الثاني يتأثر بالتغير في سعر الصرف ولكن ليس بذلك الحجم الذي تم انعكاسه بمشروع الميزانية وبالتالي فإن مقدار التغير من 3,8 مليار إلى نحو 16 مليار غير منطقي حتى لو أخدنا في الاعتبار التوسع في هيكلة الحكومة بزيادة عدد الوزارات والهيئات وما يترتب على ذلك من أعباء إضافية تتحملها الميزانية مقابل تحقيق أهداف سياسية على حساب الأهداف المؤسسية والتنموية .

وفيما يتعلق بمشروعات التنمية قال ” قرقاب ” بأنه لا ينطبق عليها مصطلح التنمية بمعناها الحقيقي حيث أن ميزانية التنمية تسبقها خطة تنموية واضحة الأهداف والبرامج يفترض أن تعدها الحكومة بشكل مسبق تم تعكسها في أرقام ومؤشرات يتم تضمينها بالميزانية في شكل مشروعات محددة يتم التركيز فيها على استكمال المشروعات القائمة لزيادة الطاقة الاستيعابية وتجنب الدخول في مشروعات جديدة لا تتطلبها المرحلة ، أما ما تم تضمينه بنحو 22 مليار وبفارق 20 مليار دينار عن السنة السابقة فما هي إلا بنود فضفاضة لا تستند على أي قواعد في اعدادها خاصة في ظل عدم توفر قاعدة بيانات كافية لدى الحكومة، ولا أعتبرها من وجهة نظري الشخصية إلا فاتحة شهية للقطاع الخاص المحلي أوالخارجي ودغدغة لمشاعر الشباب بتخصيص مبلغ 100 مليون دينار بمسمى برامج الشباب دون تخطيط مسبق لها وينطبق الأمر ذاته على المشروعات التنموية بالمحليات وبرامج إعادة الإعمار.

أما فيما يتعلق بنفقات الدعم بميزانية 2021 قال “قرقاب”: بأن مقدار التغير بين السنة السابقة والسنة الحالية من 5,6 مليار إلى 23 مليار باحتساب معادلة سعر الصرف يعتبر مبرر في بعض البنود كدعم الأدوية والمحروقات إذا أُخد في الاعتبار زيادة مخصصات القطاعات المقابلة لها إلا أن هذه الزيادة لا تعكس وجود رغبة لدى الحكومة في تحسين سياستها في إدارة تلك الملفات.

وبسؤاله عن علاوة العائلة والأبناء أفاد ” قرقاب ” بأن ارتفاع مخصص علاوة الزوجة والأبناء الذي قدر بنحو 6,2 مليار دينار يعد ارتفاعا غير منطقي إذا ما قورن بمخصصات الميزانية العامة للدولة عن العام 2013 م حيث لم تتجاوز مخصصات العلاوة كاملة 2.4 مليار دينار وهو فارق لا يتناسب مع زيادة عدد السكان.

أما استحداث باب خامس بالميزانية العامة فهو استمرار لبدعة لا مبرر لها بالقانون وقد قدر بواقع 3.5 مليار دينار كمخصصات طواري في حين كانت بنحو 5 مليار دينار في السنة السابقة وأن هذا التغير لا يعد تخفيضاً حقيقياً في مخصصات البند إذا ما أخد في الاعتبار تخصيص مبلغ 2 مليار دينار لبند المتفرقات الذي لم يتجاوز 71 مليون دينار في السنة السابقة خاصة في ظل اشتراك البندين في عدم وجود مواد حاكمة لهما ما كان ولا زال مدعاة للفساد والتصرف في تلك المخصصات بدون ضوابط ، ناهيك على أن هذه البنود جاءت مخالفة لقواعد إعداد الموازنة العامة التي تقوم على نظرية الأموال المخصصة.

وبسؤاله عن جانب الموارد أجاب ” قرقاب ” أن جانب الإيرادات وخاصة النفطية يتأثر بشكل مباشر بالتغير في سعر الصرف وعلى هذا الأساس تم احتساب الإيرادات النفطية بقيمة 94 مليار وقد اعتمدت في ذلك على سعر 4.48 دينار مقابل الدولار الواحد بدل اعتمادها على السعر التوازني ، ما يعني بأن الحكومة أصدرت حكماً مسبقاً بعدم التعديل في سعر الصرف على الأقل خلال العام الجاري ، كما أن القيمة احتسبت على أساس معدل انتاج 1.100 برميل بسعر 50 دولار للبرميل دون الأخد في الاعتبار التغيرات المحتملة في أسعار السوق أو اختلال معدلات الإنتاج لا سيما وأن البيئة غير مستقرة ولدينا تجارب سابقة في هذا المجال كان على الحكومة أخدها في الاعتبار ، أما باقي الإيرادات كالجمارك والضرائب مثلاً رغم تأثرها بشكل غير مباشر بالتغير في سعر الصرف إلا أن هذا الأثر لم ينعكس على بنود الميزانية حيث تم ادراجها بمعدل منخفض عن السنة السابقة دون الأخذ في الاعتبار الزيادة الكبيرة في الإنفاق العام وهذا يعكس إما نية الحكومة بشكل مسبق إخفاء إخفاقها في نظم الجباية ومحاولة الظهور بمظهر حسن أو عدم نيتها عقد أي إصلاحات بالخصوص ، أو ربما عدم درايتها بتأثر البنود ببعضها وتلك طامة كبرى ، وينطبق الحال نسبياً على البنود الأخرى في جانب الإيرادات.

في العموم فإن حجم الموازنة في هذه السنة كبير جداً بغض النظر عن التغيرات التي يفرضها سعر الصرف حيث لم تتجاوز التحويلات الخارجية للحكومة في السنة السابقة وفق تقارير مصرف ليبيا المركزي 6 مليار دولار أي ما يعادل 8.4 مليار دينار بسعر صرف 1.4 للدولار وبذلك فإن الزيادة المبررة عند سعر صرف 4.48 دولار لن تتجاوز 27 مليار دينار بالإضافة إلى الزيادة المقررة في مخصصات الباب الأول أو في بعض البنود الإضافية بالباب الثالث إذا ما افترضنا تحويل ما يقارب 70 % منها بالنقد الأجنبي .

وعن النصوص الحاكمة استرسل ” قرقاب ” في حديثه بأنه يشوبها العديد من أوجه القصور والتضارب والغياب في بعض النصوص الضرورية التي تحكم التصرف ولا يتسع المقام لذكرها .

وبسؤاله عن توقعاته باعتماد مجلس النواب للميزانية على شكلها الحالي ؟ أجاب معبراً عن أسفه كنت أتمنى بأن نحظى بفرصة مناقشتها مع اللجنة المختصة بمجلس النواب قبل البث فيها ولكن في جميع الأحوال لو كان الأمر بيدي لأشرت باعتماد أبواب الميزانية الأول والثاني والرابع بشكل عاجل بعد الأخذ بالملاحظات التي أحيلت سابقاً للحكومة لضمان عدم تعثر الحكومة في تقديم خدماتها للمجتمع ، مع التوصية بفصل ميزانية التنمية وتقديمها كميزانية مستقلة تعرض لاحقاً مرفقة بخطة قابلة للتنفيذ ليتسنى دراستها على مهل قبل اعتمادها.

من جهته أفاد خبير اقتصادي في تصريح خاص لصحيفة صدى الاقتصادية تعليقاً على ما ورد في تصريحات السيد رضا قرقاب مدير إدارة الميزانية بديوان المحاسبة لموقع صدى بأن ارتفاع حجم الميزانية الذي تناوله السيد قرقاب لا يرجع إلى التوسع اللامعقول في الإنفاق من قبل الحكومة كما ذكر، وإنما يرجع بالأساس إلى تعديل سعر صرف الدينار الليبي وإلى توحيد الإنفاق العام في شرق البلاد وغربها، بعد أن كان الإنفاق والإنفاق الموازي يتم عبر حكومتين فترة الانقسام السابقة، كما يرجع إلى تضخم بعض النفقات الضرورية كما في قطاع الكهرباء والنفط وغيرها التي أغفلها السيد قرقاب في تصريحه.

وبحسب المصدر: أن ما ذكره السيد قرقاب بأن الزيادة المبررة عند سعر صرف 4.48 دولار لن تتجاوز 27 مليار دينار، وأن حجم الإنفاق العام خلال العام 2020 يقارب 51 مليار دينار من قبل حكومة الوفاق الوطني في طرابلس والحكومة المؤقتة في البيضاء، نستنتج أن الإنفاق العام في معدلاته الطبيعية يكون حوالي 77 مليار دينار والحقيقة التي تجاوزها السيد قرقاب أنه إذا ما أضفنا لهذا الإجمالي المذكور نفقات المؤسسة الوطنية للنفط لرفع معدلات الإنتاج وتطوير البنية التحتية للقطاع، وأضفّنا كذلك الاحتياجات العاجلة لقطاع الكهرباء لأغراض الصيانة وزيادة القدرة الإنتاجية، فإن الإجمالي المقدر بحوالي 10 مليار دينار، يجعل إجمالي الإنفاق العام 87 مليار دينار، وبإضافة مخصص منحة الزوجة والأبناء المقدر بحوالي 6.2 مليار دينار، يكون الإجمالي 93.2 مليار دينار، وهو ما قدرته حكومة الوحدة الوطنية لميزانية العام 2021.

يضاف لذلك أن تقديرات الحكومة لميزانية العام 2021 تبين أن الحكومة لم تتوسع في أ ّية نفقات ّإضافية مقارنة بالسنوات السابقة،ً باستثناء علاوة الأبناء والزوجة، وأن المعادل لهذا الإنفاق يقدر بنحو 20 مليار دولار فقط مقارنة بالعام 2019 الذي بلغ 24 مليار دولار وفقاً للمصدر.

وقال الخبير : كما أن ما ذكره السيد قرقاب من أن أسباب ارتفاع مصروفات الباب الأول (المرتبات) تضمين الحكومة مصروفات الباب الأول التي كانت تصرف بالزيادة وخارج منظومة الرقم الوطني بالحكومة الليبية المؤقتة سابقًا، فيه قفز على أن ديوان المحاسبة لم يقم بدوره واختصاصه بمراجعة أي إضافة لباب المرتبات والتأكد من ربطها بمنظومة الرقم الوطني، ومن ثم منحها الموافقة والإفراج عنها، وهو ما لم يقم به ديوان المحاسبة حتى تاريخه.

وتابع بالقول: إن الملاحظات التي أشار إليها السيد قرقاب هي ملاحظات عامة وليست بجديدة، إلا أن توقيتها غريب، كما أنه ليس من اختصاص ديوان المحاسبة – بوصفه جهة رقابية على المال العام – التدخل في إعداد الميزانية العامة والمشاركة في وضع أهدافها وبرنامجها، فكل ذلك اختصاص أصيل للحكومة وحدها، وتدخل ديوان المحاسبة في هذا الاختصاص يجعله شريكاً للسلطة التنفيذية (الحكومة) ما يعيق أداءه للدور الرقابي المناط به قانونزً إلا إذا كانت الغاية من نشر تلك الملاحظات هو عرقلة عمل الحكومة وإعاقة برنامجها لأغراض سياسية أخرى مخفية في “بطن الشاعر” كما يقال. بحسب المصدر.

ختاماً، في غياب دستور ينظم آليات عمل الحكومة والمناصب السيادية وجلسات البرلمان وتواريخ إعداد واعتماد الميزانيات، تظل الأحداث الجارية على خشبة مسرح الحياة السياسية بليبيا ضربًا من العبث ونوعًا من كسر الوقت وهدرًا للطاقات، وفي مجتمع ريعي استهلاكي وغير انتاجي غاية أمنياته مرتبات حكومية منتظمة وسلع وخدمات مدعومة أو مجانية وعزوف عن مشاركة فاعلة ومؤثرة في الحياة السياسية وازدياد في معدلات الفساد الإداري والمالي والحكومي يقابله انخفاض بل ربما تردي بالخدمات العامة ينعكس على اقتصاد هش لايصمد أمام أول هزة لولا هبة الله الطبيعية لليبيا من النفط والغاز.

فإلى متى ينام بعض النواب في العسل؟ وإلى متى تظل البلاد محكومة بترتيبات مالية فردية أو فئوية أو مصلحية؟ ومتى يضع السياسيون وصناع القرار العربة على السكة؟ وأخيرا أليس لهذا الماراثون من خط نهاية؟؟؟؟

مشاركة الخبر